
صحيفة الثورة نيوز - في تطور غير مسبوق داخل أروقة الاتحاد العام التونسي للشغل، صوّتت الأغلبية الساحقة من أعضاء الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس على مطلب إحالة الأمين العام نور الدين الطبوبي على الهيئة الوطنية للنظام الداخلي، مع الدعوة لإيقافه فورًا عن كل نشاط نقابي. القرار، الذي حظي بموافقة 57 عضواً من جملة 62، جاء نتيجة ما وصفته الهيئة بـ"إخلال الطبوبي بالميثاق النقابي والمسّ بوحدة المنظمة والعمل على شق الصفوف والإساءة للسمعة والنيل من كرامة القيادة النقابية"، في حين تحفّظ عضوان فقط عن التصويت، وتغيب ثلاثة أعضاء عن الجلسة.
الهيئة لم تكتف بهذا المطلب بل حمّلت بشكل صريح الأمين العام وبعض أعضاء المكتب التنفيذي الوطني المسؤولية الكاملة عمّا آل إليه الوضع الداخلي للاتحاد من تفكك وتوتر. واعتبرت أن الأزمة الحالية هي نتيجة مباشرة لما وصفته بسياسة "الاستهداف والإقصاء والإضعاف والتفرقة" التي يتبعها الطبوبي في تعامله مع الهياكل النقابية الجهوية.
وتأكيدًا على جدية الموقف، أعلنت الهيئة الإدارية الجهوية عن دخولها في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات هذا الوضع، في وقت تشهد فيه الساحة النقابية انقسامًا حادًا بين الداعين للإصلاح الداخلي والمؤيدين للقيادة الحالية.
من جهته، حاول نور الدين الطبوبي احتواء الموقف بتصريحات تهدف إلى التهدئة، مؤكدًا رفضه القاطع لأي محاولة لتقسيم الاتحاد على أساس جهوي، قائلاً: "فكرة تقسيم الاتحاد بين الشمال والجنوب مرفوضة تمامًا، كلنا تونسيون والحركة العمالية ستبقى موحدة رغم الصعوبات". وفي ردّه على الحملات والدعوات التي وصلت حد المطالبة بحلّ الاتحاد، شدد الطبوبي على أن هذه الهجمات ليست جديدة على المنظمة، التي لطالما واجهت محاولات ضربها وتجاوزتها.
وأقر الطبوبي بوجود إشكاليات داخلية، معتبرًا أن هذا جزء من مناخ الاختلاف الطبيعي داخل أي منظمة حية، مضيفًا: "لم نمنع أحدًا من التعبير عن رأيه، والجميع له الحق في الاجتهاد، ولكن من المهم أن تحترم الأقلية رأي الأغلبية". كما أشار إلى أن الاتحاد يوازن بين دوره الاجتماعي ومواقفه المبدئية في الدفاع عن الحريات الفردية والعامة، مضيفًا أن المنظمة تدرس خطواتها بدقة ولن تتخلى عن مسؤولياتها في أي من المجالين.
هذه الأزمة تعكس حجم التوترات داخل أكبر منظمة نقابية في البلاد، وتطرح تساؤلات كبرى حول مستقبل القيادة الحالية، ومدى قدرتها على المحافظة على وحدة الصف النقابي في ظل التحديات الداخلية المتصاعدة.