القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / رئاسة الحكومة: موعد صرف زيادات الأجور أصبح محدداً للموظفين والمتقاعدين / Video Streaming


أخبار تونس العاجلة من الثورة نيوز - يبرز مشروع قانون المالية لسنة 2026 كواحد من أكثر المشاريع شمولًا خلال السنوات الأخيرة، إذ يقدّم مقاربة مالية واجتماعية متكاملة تضع مسألة الزيادة في الأجور في قلب السياسات العمومية للعام المقبل، باعتبارها خطوة ضرورية لحماية القدرة الشرائية وتحريك الدورة الاقتصادية. ويأتي هذا التوجّه ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى توسيع قاعدة الإيرادات، وخاصة عبر استحداث الضريبة على الثروة وتحسين موارد الدولة بما يضمن تمويل هذه الزيادة دون تعطيل التوازنات الكبرى.

ويقدّر المشروع حجم الإيرادات المنتظرة بحوالي 52.560 مليار دينار، موزعة بين 47.773 مليار من الموارد الجبائية و4.437 مليارات من الموارد غير الجبائية و350 مليونًا من الهبات. وفي المقابل، تبلغ النفقات 63.575 مليار دينار، مما يفرض تعبئة موارد خزينة في حدود 27.064 مليار دينار، عبر اقتراض داخلي يُقدّر بـ19.056 مليار واقتراض خارجي بـ6.808 مليارات، إضافة إلى 1.2 مليار دينار موارد خزينة مباشرة. ويؤكد هذا الهيكل المالي قدرة الدولة على استيعاب كلفة الزيادة في الأجور والحفاظ في الوقت نفسه على نسق تمويل العجز وخدمة الدين وتسديد أصله.

وتتوزع الزيادة في الأجور على ثلاث سنوات، تشمل القطاعين العام والخاص للفترة الممتدة بين 2026 و2028، مع انعكاس مباشر على جرايات المتقاعدين. وسيتم ضبط الصيغ التفصيلية لهذه الزيادة عبر أمر تنظيمي يضمن التدرّج ويمكّن من الحفاظ على استقرار سوق الشغل دون الإضرار بالتوازنات المالية.

ولتخفيف الضغط على ميزانية الدولة، يمنح المشروع جملة من أدوات التمويل، أبرزها ترخيص بضمانات حكومية لقروض أو صكوك تصل إلى 7 مليارات دينار، إلى جانب تسهيل مالي من البنك المركزي لفائدة الخزينة بقيمة 11 ألف مليون دينار دون فائدة ولمدة 15 سنة مع فترة إمهال بثلاث سنوات. ويُنتظر أن يساهم هذا المزيج من الآليات في امتصاص الكلفة الأولية للزيادة في الأجور دون المساس بالخدمات العمومية الأساسية.

ويتضمّن المشروع إجراءات اجتماعية وصحية واسعة، من بينها تخفيف العبء الجبائي على اقتناءات دوائية محدّدة وتعزيز تجهيز الهياكل الصحية بما في ذلك المؤسسات العسكرية، إضافة إلى تمويل أدوية خصوصية خارج منظومة التأمين على المرض. كما يجري توسيع شبكات الحماية الاجتماعية عبر صناديق موجّهة، ومنح مرضية لفئات بعينها، وإعفاءات جبائية وجمركية لفائدة جمعيات الرعاية، بما يجعل الزيادة في الأجور جزءًا من منظومة متكاملة لتحسين معيشة الأسر التونسية.

وعلى مستوى التشغيل، ينص المشروع على تكفّل الدولة بمساهمة المؤجّرين في الضمان الاجتماعي عند انتداب حاملي الشهادات العليا ابتداءً من 1 جانفي 2026، بنسب تنازلية طيلة خمس سنوات. كما توجَّه خطوط تمويل ميسّرة نحو الجهات الأقل نموًا، إضافة إلى دعم الشركات الأهلية وتمويل الحاجيات التشغيلية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة، فضلاً عن توفير قروض دون فائدة لمبادرات الشباب إلى نهاية ديسمبر 2026. ويهدف هذا التمشي إلى خلق ديناميكية تشغيلية تواكب أثر الزيادة في الأجور على الاستثمار والاستهلاك.

ولم تغفل الحكومة دعم القطاع الفلاحي، إذ يوفّر المشروع قروضًا موسمية ميسّرة لصغار الفلاحين لموسم 2025–2026، مع إعفاءات موجّهة لعدد من المنتجات والمدخلات بهدف خفض الكلفة وتعزيز الأمن الغذائي واستقرار التزوّد، بما يضمن أن تتحوّل مكاسب الزيادة في الأجور إلى نمو فعلي في سلاسل الإنتاج.

كما تعمل وزارة الشؤون الاجتماعية على ربط قواعد البيانات مع البريد التونسي والوكالة التونسية للنقل البري ووزارة المالية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لضبط عمليات التحويل وضمان وصولها إلى مستحقيها الفعليين، والحدّ من الانتفاع غير المشروع، في خطوة تعزّز نجاعة الإنفاق العمومي المتزامن مع تنفيذ برنامج الزيادة في الأجور.

الفيديو: