القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / اجتماع بين الحكومة والبرلمان بسبب ملف يمس من السلم الإجتماعي في تونس / Video Streaming


أخبار تونس العاجلة من الثورة نيوز - وجّه رئيس مجلس نواب الشعب مراسلة عاجلة إلى رئيسة الحكومة دعاها فيها إلى التفاعل السريع مع طلب تقدّمت به لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والمائي والصيد البحري لعقد جلسة طارئة تجمع ممثلين عن وزارات الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، والمالية، والتجارة وتنمية الصادرات، وذلك على خلفية الأزمة المتفاقمة التي يشهدها قطاع زيت الزيتون في تونس، في ظل الانهيار الحاد وغير المسبوق للأسعار المحلية خلال الفترة الأخيرة، رغم الارتفاع المسجّل على المستوى العالمي، وهو ما اعتُبر مؤشّرًا خطيرًا قد تكون له انعكاسات مباشرة على السلم الاجتماعي والأهلي.

ويأتي هذا التحرّك البرلماني في وقت لم تتجاوز فيه نسبة تقدّم موسم الجني عتبة العشرين بالمائة فقط، ما يعني، وفق تقديرات مختصين ونواب، أن الأسعار مرشّحة لمزيد من التدهور مع تقدّم الموسم وارتفاع الكميات المعروضة، الأمر الذي ينذر بتعميق خسائر الفلاحين ودفعهم إلى أوضاع مالية واجتماعية أكثر هشاشة، خاصة في ظل تراكم الديون وارتفاع كلفة الإنتاج.

وفي هذا السياق، اعتبر النائب عماد أولاد جبريل أن ما يحدث في سوق زيت الزيتون لم يعد مجرّد اضطراب ظرفي أو خلل تقني، بل يمثّل فشلًا خطيرًا في حوكمة قطاع استراتيجي يُعد من الأعمدة الأساسية للاقتصاد الوطني ولصادرات البلاد الفلاحية. وأكد أن التناقض الصارخ بين ارتفاع الأسعار عالميًا والانهيار غير المبرّر محليًا لا يمكن تفسيره بمنطق السوق الطبيعي، بل يرجّح وجود ممارسات ممنهجة تقوم على التلاعب والاحتكار والتخزين الموجّه، بما يضرب جوهر المنظومة ويُفرغها من أي عدالة أو توازن.

وأضاف أن هذا الوضع يهدّد بشكل مباشر ديمومة قطاع الزيتون ويضعف قدرة البلاد على الحفاظ على موقعها التنافسي في الأسواق الخارجية، محمّلًا مسؤولية التدهور الحاصل إلى وزارات الفلاحة والتجارة والمالية، بسبب ما وصفه بالتقصير الواضح في الرقابة، وسوء إدارة السوق، وغياب الشفافية فيما يتعلق بحجم المخزونات ومسالك التصدير وتسعير المنتوج. ودعا إلى تحمّل المسؤوليات السياسية والإدارية كاملة، مشددًا على ضرورة اتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة، من بينها فتح تحقيق رسمي وقضائي في شبهات التلاعب، والإسراع بنشر المعطيات الحقيقية المتعلقة بالمخزونات والأسعار، وتفكيك شبكات الاحتكار والتجميع غير القانوني، إلى جانب إقرار آلية حماية فورية للفلاحين تضمن استمرارية النشاط وتحميهم من الانهيار، مع محاسبة كل من يثبت تورطه في الإضرار بسوق وطني استراتيجي.

من جهتها، عبّرت النائبة مريم الشريف عن قلقها الشديد من هيمنة فئة محدودة من الوسطاء والمضاربين على مفاصل المنظومة برمّتها، من التخزين والتبريد إلى التسويق والتصدير، معتبرة أن هذه الفئة تفرض منطقًا احتكاريًا دون رقابة حقيقية، وتستحوذ على النصيب الأكبر من الأرباح، في حين يُجبر الفلاح على بيع محصوله بأثمان متدنية تحت ضغط الحاجة والديون، ما يجعل الحديث عن “سوق” بالمعنى الاقتصادي مجرّد توصيف شكلي لمنظومة غير عادلة تُقصي المنتج الحقيقي وتكافئ المضاربة.

وانتقدت الشريف بشدة ما اعتبرته غيابًا شبه كامل لدور الدولة، معتبرة أن التدخلات تظل متأخرة ومحدودة، وأن الحلول المطروحة لا تتجاوز الطابع الترقيعي، فيما تتكرر الوعود من موسم إلى آخر دون أي إرادة سياسية حقيقية لإصلاح عميق. وأشارت إلى انعدام تنظيم فعلي للأسواق، وغياب رقابة صارمة على الاحتكار، وافتقار السياسات العمومية لآليات تسعير تحمي الفلاح وتضمن له الحد الأدنى من الاستقرار، فضلًا عن غياب دعم جدي لمسالك التوزيع البديلة، معتبرة أن الإصرار على نفس الخيارات والسياسات التي أثبتت فشلها يكرّس تدهور أوضاع الفلاحين وكأن معاناتهم مسألة ثانوية.

ويُنتظر أن تسفر الجلسة البرلمانية العاجلة، في حال انعقادها، عن تحميل واضح للمسؤوليات ووضع خارطة طريق عملية لمعالجة الأزمة، في ظل تصاعد المخاوف من تحوّل انهيار أسعار زيت الزيتون إلى أزمة اجتماعية أوسع، تمسّ مئات الآلاف من العائلات المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بهذا القطاع الحيوي.

الفيديو: