
أخبار تونس العاجلة من الثورة نيوز - يمثّل مشروع اعتماد بطاقات التعريف الوطنية البيومترية وجوازات السفر البيومترية إحدى الركائز الأساسية لمسار التحول الرقمي الذي تعمل عليه الدولة التونسية، وذلك في إطار رؤية تهدف إلى تحديث الإدارة، وتبسيط المعاملات، وتحسين جودة الخدمات المسداة للمواطنين، تحت إشراف مشترك بين وزارة الداخلية ووزارة تكنولوجيات الاتصال. ويأتي هذا التوجه في سياق السعي إلى مواكبة المعايير الدولية المعتمدة في مجال الوثائق الرسمية وتعزيز منظومة الأمن الرقمي ومقاومة التزييف والانتحال.
وفي هذا الإطار، أعلن وزير تكنولوجيات الاتصال سفيان الهميسي أن المشروع من المنتظر أن يدخل مرحلة الاستغلال الفعلي مع نهاية سنة 2026 أو في أقصى تقدير خلال بداية سنة 2027، مبرزًا أن الأشغال التقنية والتنظيمية ما تزال متواصلة ضمن مرحلة الإعداد والتجارب. وأكد الوزير أن هذا المشروع يندرج ضمن التوجه الوطني العام الرامي إلى رقمنة الخدمات الإدارية وإرساء منظومة أكثر نجاعة وأمانًا في التعامل مع معطيات المواطنين.
ومن المقرر أن يتم تعميم استخدام الوثائق البيومترية بشكل تدريجي على امتداد ثلاث سنوات بعد انطلاق العمل بها، على أن تكون الأولوية في المرحلة الأولى للأشخاص الذين يتقدمون بطلبات لاستخراج الوثائق لأول مرة. ويرتكز المشروع على إدماج شريحة إلكترونية داخل بطاقة التعريف وجواز السفر، تتضمن معطيات بيومترية دقيقة مثل بصمات الأصابع والصورة الرقمية، بما يسمح بالتحقق الآلي من الهوية ويساهم في الحد من عمليات التزوير. وفي المقابل، سبق أن أثار عدد من المختصين والخبراء مخاوف تتعلق بحماية المعطيات الشخصية وضمان خصوصية البيانات، وهو ما يستوجب، بحسبهم، إطارًا قانونيًا وتقنيًا صارمًا يؤمن سلامة المعلومات وحسن استعمالها.
وبخصوص الإجراءات العملية، أكدت الجهات المعنية أن العمل بالمنظومة الحالية لاستخراج الوثائق العادية سيظل متواصلًا إلى حين الانتقال الكامل نحو النظام البيومتري. غير أن عمليات الاستخراج الجديدة ستتضمن مراحل إضافية تتمثل أساسًا في التقاط الصور الرقمية وأخذ البصمات داخل مراكز الأمن التابعة للشرطة أو الحرس الوطني، وذلك في إطار تعزيز دقة التثبت من الهوية.
أما فيما يتعلق بالحصول على بطاقة التعريف الوطنية البيومترية، فإن الإجراءات ستبقى قريبة من المسار المعتمد حاليًا، مع إدراج التحقق البيومتري الإجباري. ويتعين على المواطن تقديم مطلبه لدى مركز الأمن المرجعي التابع لمحل إقامته، على أن يكون الأجل المتوقع لتسلّم البطاقة في حدود 15 يومًا من تاريخ إيداع الملف.
وبالنسبة لجواز السفر البيومتري، فإن الإجراءات المعمول بها لاستخراج الجواز العادي ستخضع بدورها لجملة من التعديلات التقنية قصد إدماج المعطيات البيومترية. ويتم إيداع المطلب لدى مركز الأمن المختص، مع إمكانية الرجوع إلى إدارة الحدود عند الاقتضاء، فيما يُنتظر أن يكون أجل تسليم الجواز في حدود 15 يومًا كذلك.
وفي ما يخص الجانب المالي، لم تُعلن السلطات الرسمية إلى حدود ديسمبر 2025 عن التعريفة النهائية لاستخراج بطاقة التعريف الوطنية البيومترية أو جواز السفر البيومتري، نظرًا لكون المشروع ما يزال في مرحلة التحضير والتجارب الأولية، التي يُتوقع انطلاقها خلال النصف الثاني من سنة 2025، على أن يتم المرور إلى مرحلة الاستغلال الرسمي خلال الفترة الممتدة بين 2026 و2027. وفي الأثناء، تبقى الرسوم والإجراءات المعمول بها حاليًا للوثائق غير البيومترية سارية المفعول.
وتشير المعطيات المتداولة إلى أن كلفة الوثائق البيومترية قد تكون قريبة من الكلفة الحالية أو أعلى بقليل، نظرًا لما تتطلبه من تجهيزات تقنية إضافية، على غرار الشريحة الإلكترونية. وقد تم تداول تقديرات غير رسمية، استنادًا إلى تصريحات لمسؤولين خلال سنة 2024، تفيد بأن سعر بطاقة التعريف البيومترية قد يتراوح بين 20 و40 دينارًا، في حين قد يتراوح سعر جواز السفر البيومتري بين 120 و220 دينارًا، وهو ما يُعزى إلى الخصائص التقنية المتقدمة، وعدد الصفحات الأكبر، وإمكانية التمتع بصلاحية أطول.
وفي السياق ذاته، أكد بعض المسؤولين في تصريحات سابقة أن الدولة تتجه نحو تحمل جزء من التكاليف الإضافية المرتبطة بالوثائق البيومترية، وذلك تفاديًا لإثقال كاهل المواطنين بأعباء مالية جديدة، غير أن هذا التوجه لم يُحسم بشكل نهائي بعد في انتظار الإعلان الرسمي عن تفاصيل المشروع بكامل عناصره.