القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / مستجدات الزيادات في أجور الموظفين والمتقاعدين في القطاعين العام والخاص وهذا موعد بداية صرفها / Video Streaming


أخبار تونس العاجلة من الثورة نيوز - تتّجه الحكومة التونسية إلى صرف زيادات في الأجور تشمل موظفي القطاعين العمومي والخاص، بداية من رأس السنة الإدارية المقبلة، وذلك دون المرور عبر مسار التفاوض المعتاد مع الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط النقابية والاقتصادية.

فقد تضمّن مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي أُحيل إلى مجلس نواب الشعب، فصلًا يُقرّ الترفيع في الأجور وجرايات المتقاعدين على امتداد ثلاث سنوات (2026 و2027 و2028)، على أن تُحدّد نسب الزيادة بمقتضى أمر حكومي بعد المصادقة النهائية على القانون ودخوله حيّز التنفيذ مع مطلع جانفي القادم.

ويُعدّ هذا القرار، وفق مختصّين، سابقة هي الأولى من نوعها منذ سبعينات القرن الماضي، إذ لم تعتد الدولة التونسية اتخاذ قرارات تتعلّق بالأجور دون مفاوضات مع المنظمة الشغيلة، التي كانت دائمًا الطرف الرئيسي في الاتفاقات الاجتماعية الدورية.

وكان آخر اتفاق اجتماعي رسمي قد تمّ في سبتمبر 2022، حين توصّل الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة إلى اتفاق يقضي بزيادة نسبتها 3.5٪ على امتداد ثلاث سنوات (2023 و2024 و2025)، لتُغلق بعدها الحكومة باب التفاوض وتجمّد تنفيذ اتفاقيات أخرى ذات مفعول مالي.

واعتبر سامي الطاهري، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، أنّ التنصيص على الزيادة في مشروع قانون المالية دون مفاوضات “يمثل خرقًا قانونيًا”، موضحًا أنّ مجلة الشغل تنصّ على وجوب التفاوض الثنائي أو الثلاثي قبل أي تعديل في الأجور.

وأشار الطاهري إلى أنّ تونس موقّعة على اتفاقيات دولية تفرض احترام مبدأ الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية، مضيفًا: “أي زيادة لا تأتي عبر التفاوض تُعتبر منّة من السلطة، ولا يمكن أن تحظى بإجماع مهما كانت قيمتها”.

وانتقد أيضًا مشروع قانون المالية لسنة 2026، واصفًا إيّاه بأنه “نسخة مكرّرة” من القوانين السابقة، مشيرًا إلى وجود عجز مالي يناهز 11 مليار دينار سيجري تغطيته عبر التداين الخارجي.

من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي معزّ المانسي أنّ “إقرار الزيادة في الأجور لا يعني بالضرورة صرفها مباشرة في جانفي 2026”، مبينًا أنّ “مثل هذه القرارات تتطلّب نصوصًا ترتيبية وإجراءات تنفيذية قد تُؤخّر دخولها حيّز التطبيق”.

وأضاف المانسي أنّ المفاوضات الاجتماعية، التي انطلقت أولى جولاتها سنة 1972 بين الاتحاد العام للشغل ومنظمة الأعراف، كانت دائمًا إطارًا للتوازن بين مصالح العمال وأصحاب المؤسسات، مشددًا على أن تجاوزها هذه المرة “يمثّل سابقة خطيرة في تاريخ العلاقات المهنية بتونس”.

أما الباحث في الشأن النقابي علي القلعي، فقد رأى أن “تفرّد الحكومة بقرار الزيادات دون حوار مع الاتحاد يُعدّ خطوة جديدة نحو تهميش الدور الاجتماعي للنقابات”، مذكرًا بأنّ اتحاد الشغل، منذ تأسيسه في أربعينات القرن الماضي على يد الزعيم فرحات حشاد، “ظلّ فاعلًا أساسيًا في كل المحطات الوطنية”.

ودعا القلعي إلى “فتح قنوات التواصل مع المنظمة الشغيلة وإعادة الاعتبار لمبدأ التفاوض الاجتماعي باعتباره صمام أمان للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي”.

يُذكر أنّ الحكومة قدّرت ميزانية الدولة للسنة المقبلة بحوالي 63 مليار دينار، أي بانخفاض يقارب 14 مليار دينار مقارنة بميزانية السنة الحالية التي بلغت 77 مليار دينار، في وقت تواجه فيه تونس تحدّيات مالية كبرى وضغوطًا متزايدة على مستوى التداين والإنفاق العمومي.

الفيديو: