صحيفة الثورة نيوز - سجّل الدينار التونسي ارتفاعًا لافتًا في قيمته أمام الدولار الأمريكي، ليصل إلى مستوى 2.90 دينار للدولار الواحد بتاريخ 11 جويلية 2025، محقّقًا بذلك أعلى مستوى له منذ فيفري 2022. هذا الارتفاع بنسبة 6.7% مقارنة بالقيم السابقة يمثل تحوّلًا إيجابيًا لافتًا في مسار العملة التونسية التي عرفت طيلة السنوات الأخيرة تقلبات عديدة نتيجة تذبذب احتياطي النقد الأجنبي، وارتفاع أعباء خدمة الدين، وضعف الإيرادات بالعملة الصعبة من قطاعات مثل السياحة والصادرات.
ووفقًا للمعطيات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي التونسي، بلغ احتياطي النقد الأجنبي في هذا التاريخ 23.5 مليار دينار، أي ما يعادل 102 يوم توريد، وهو ما يُعدّ مؤشّرًا مطمئنًا على صعيد الاستقرار النقدي. كما سجّلت الإيرادات المتأتية من التونسيين المقيمين بالخارج وقطاع السياحة حوالي 7.3 مليار دينار خلال النصف الأول من العام، مقابل 6.7 مليار دينار في نفس الفترة من السنة الماضية، مما يعكس تحسنًا ملحوظًا في تدفق العملة الصعبة نحو السوق المحلية. في المقابل، ارتفعت خدمة الدين الخارجي من 8 مليار دينار في النصف الأول من عام 2024 إلى 8.2 مليار دينار مع نهاية شهر جوان الماضي، مما يشير إلى ضغط متواصل على ميزانية الدولة رغم المؤشرات الإيجابية.
وفي تحليل لتطور قيمة الدينار، أوضح معهد "ABC فاينانشل" المتخصص في تقييم العملات، أن الدينار التونسي يُعدّ حاليًا من أقوى العملات في القارة الإفريقية من حيث القيمة الاسمية مقابل الدولار. وأكد التقرير أن هذا الأداء اللافت لا يعود إلى توفر ثروات طبيعية أو صادرات استراتيجية كبرى، كما هو الحال في بعض الدول الإفريقية، بل يرتكز على سياسة نقدية متحفظة ينتهجها البنك المركزي التونسي، واستقرار نسبي في مؤشرات الاقتصاد الكلي، لا سيما التحكم في عجز الميزان التجاري والسيطرة على نسب التضخم. كما أشار التقرير إلى أن البنك المركزي لعب دورًا محوريًا في الحفاظ على استقرار السوق من خلال تدخلاته المدروسة، وهو ما ساهم في تقوية الدينار مقارنة بعملات أخرى مجاورة تضررت من تقلبات الأسواق العالمية.
من جهة أخرى، عرف اليورو الأوروبي استقرارًا نسبيًا أمام الدينار التونسي خلال الفترة ذاتها، دون تسجيل تحركات كبيرة، وهو ما يعكس اتزانًا عامًا في السياسة النقدية المتبعة. ووفق بيانات منصات دولية مختصة مثل TradingEconomics وExchange-Rates، فإن الدينار التونسي حافظ على منحى تصاعدي منذ بداية العام، حيث سجّل الدولار أعلى قيمة له في جانفي 2025 (حوالي 3.22 دينار)، قبل أن ينخفض تدريجيًا إلى مستواه الحالي، نتيجة تحسن العوامل الأساسية التي تؤثر على سعر الصرف.
ورغم هذا التحسن اللافت، ما تزال التحديات قائمة أمام الاقتصاد التونسي، خاصة في ما يتعلق بتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتحسين مناخ الاستثمار، ومعالجة نسبة البطالة، والسيطرة على التضخم. إلا أن هذا الارتفاع في قيمة الدينار يمثّل إشارة قوية على قدرة الاقتصاد التونسي على التعافي، إذا ما تواصلت الإصلاحات والتوازنات المالية بالنسق نفسه.