يعتبر المهدي بن غربية أكثر وزراء حكومة يوسف الشاهد إثارة للجدل في الأوساط السياسية والإعلامية وحتى الشعبية ، فالرجل حط راحلته بعد حراك الرابع عشر من جانفي وفي رصيده بضعة سنوات سجن بسبب تهمة الإنتماء إلى تنظيم إسلامي محظور ، سرعان ما ٱلتفت عليها سنوات تقرب من اللوبيات العائلية النافذة في العهد السابق أثمرت ” نجاحا مهنيا ” كبيرا وثروة لا يستهان بها . وكما بعض الوزراء ، وهم قلة ، لا يملك شهادات جامعية ولا كفاءة في التسيير ولا تجربة سياسية بٱستثناء ثلاث سنوات كنائب في المجلس الوطني التأسيسي سيء الذكر ، عن حزب صغير سرعان مااضمحل أو كاد ! فكيف أصبح وزيرا بهذه السيرة الذاتية الضعيفة ، وكيف تم تثبيته في الموقع ذاته بعد التحوير الوزاري الأخير .
يعشق المهدي بن غربية الظهور الإعلامي ويسعى إليه بكل الطرق والأساليب المتاحة ، فهو يكاد يكون موجودا يوميا في المحطات الإذاعية والفضائيات التلفزية ليجيب على الأسئلة في كل المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والرياضية وحتى الدينية والفقهية ، ولا ينسى التونسيون أنه كان أول من “أفتى” في مسألة المساواة بين المرأة والرجل في الإرث ! لكن الأهم من كل هذا هو أنه موجود في أغلب الزوابع التي تثار في البلاد فقد إتهمه رئيس حزب سياسي مشارك في حكومة ما يسمى ب:” الوحدة الوطنية ” بشبهة الفساد مما تسبب في تراشق بالتهم بينهما تواصل على امتداد أشهر ولم يهدأ بصفة نهائية إلى حد الآن بل فتح الأبواب على مصراعيها أمام أطراف أخرى لتدلي بدلائها في هذا المجال الذي يهز مشاعر التونسيين ويقض مضاجعهم في ظل حرب الحكومة التي ينتمي إليها ، على الفساد ! وجاء إتهامه بالتقرب لحركة النهضة ، التي كان من ناشطيها في فترة شبابه ، في ما راج حول طريقة تصرفه في المنحة الفرنسية الخاصة بالتكوين في مجال حقوق الإنسان وتوجيهها إلى جمعية محسوبة على الحركة ، وهو ما أثار ردود فعل سياسية وحزبية وجمعياتية وشعبية ودفع السفارة الفرنسية إلى توضيح الأمر من وجهة نظرها الرسمية .
عديدة هي المشاكل التي يدور المهدي بن غربية في فلكها ، ولكنه لم يتزحزح قيد أنملة من موقعه في الحكومة حتى ذهب التأويل بالبعض إلى الإيغال في متاهات الخيال المجنح ، وما أوسع خيال التونسيين عندما يتعلق الأمر بالسياسة والسياسيين ! لكن الثابت هو أنه مدعوم بقوة من أطراف داخلية وربما أخرى خارجية ، فبقطع النظر عن دعم رئيس الحكومة يوسف الشاهد له ، نظرا للصداقة التي تربط بينهما منذ كانا في الحزب ” الديمقراطي التقدمي ” الذي أسسه أحمد نجيب الشابي وتحول إلى ” الحزب الجمهوري ” ، ودعم حركة النهضة بٱعتباره من ” أبنائها” الذين ” ضلوا ” طريقهم بعد الرابع عشر من جانفي إلى أحزاب أخرى لكنهم بقوا أوفياء للحزب الأم ، فإنه يحظى أيضا بدعم بعض الجمعيات ولوبيات الظل بالداخل والخارج وأغلبها ذات مرجعيات حقوقية خصوصية ، وهو دعم لا يستهان به في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد وٱختلاط الحابل بالنابل وتداخل المحلي بالخارجي وتعدد الأجندات وغيرها من المعطيات والطوارئ والمستجدات التي تصعب مواكبتها بالطريقة التي تضمن إحتواءها بالكيفية اللازمة .
إن ” قوة ” المهدي بن غربية تكمن أساسا في عدم تحرجه مما يثار حوله مهما كانت خطورته ، وهو مستعد دوما لرد الصاع صاعين ، كما حدث بالخصوص في ” معركته ” التي لم ينطفئ لهيبها مع رئيس حزب آفاق تونس ياسين إبراهيم ، والمشحونة بتبادل الإتهامات ،كما أنه قادر في كل لحظة على التواجد في هذا البلاتوه الإذاعي والتلفزي أو ذاك حتى وإن كان سيقول كلاما لا معنى له ! المهم بالنسبة إليه هو تأكيد حضوره على الساحة وفرض نفسه على خصومه والإمعان في استفزازهم !!! هو أسلوب الكثير من السياسيين ” المستهدفين ” الذين يعتبرون الهجوم خير طريق للدفاع ، والمبادرة بالإستفزاز تجعل المنافس في حالة تمركز حمائي معكوس ، لكن لا يعني هذا أن هذه الطريقة ناجحة مائة بالمائة فقد تنقلب على صاحبها وتجرده من كل أوراقه التي يعتقد أنها رابحة !!!
المصدر: الصريح
TH1NEWS