بقلم الأمين الشابي
بتاريخ 18 أوت 2017 يكون قد أسدل الستار على فعاليات الدورة 35 لمهرجان بنزرت الدولي وبذلك يصبح هذا المهرجان وصل إلى سنّ الرشد باعتباره الآن وصل إلى سنّ 35 سنة وأصبح شابا يافعا اشتدّت عضلاته ونما نضجه.
هذه الدورة التّي انطلقت منذ 14 جويلية لتتواصل إلى يوم 18 أوت 2017 تضمنت بين طياتها الغثّ والسمين والثقافي والتجاري والفرجوي والفنّي ولكن بقراءة سريعة لبرنامج هذه الدورة ملمس سيطرة البعد التجاري على حساب البعد الثقافي والفنّي باعتبار أنّ المهرجانات في حقيقة الأمر ليست شركات تجارية تبحث عن الربح وعن انتعاش صندوق المهرجان كما يذهب بعض أعضاء الهيئة المديرة لمهرجان بنزرت الدولي لقياس مدى النجاح من الخيبة في العروض.
قلت بقراءة سريعة نلاحظ انّ أغلب العروض هدفها تجاري فحسب ويكفي التدليل بعروض الممثل لطفي العبدلي التّي أطلت علينا للمرّة السابعة ببنزرت منها مرتين في نفس الدورة الحالية وكذلك عرض الزيارة الذي تمّت إعادته مرتين خلال نفس الدورة 35 إضافة إلى العرض المسرحي لكريم الغربي ومسرحية “ملاّ عيلة” لنعيمة الجاني وحتّى السهرات الفنية الكبرى كان هدفك الأساسي انعاش صندوق المهرجان وجلب العديد من الجمهور ويندرج ضمن هذا عرض راغب علامة – الذي لم يأت بالجديد على الإطلاق – وعرض لطفي بوشناق الذي كرّر نفسه مقارنة مع عرضه بعنوان الدورة السابقة وأخيرا حفلة الاختتام التي أثثتها الفنانة يسرى محنوش والتّي كان الهدف منها جلب المزيد من الموارد لـ “كاسة” المهرجان باعتبار أن هذه الفنانة لم تقدم الجديد سواء أغاني لغيرها ولم تكن في يومها عند العرض.
نعم يمكن أن نتفهم الهيئة التي تتفاخر بالأعداد الغفيرة التي واكبت العروض لإقرارها بنجاح هذه الدورة وهذا المقياس هو في نظري ليس مقياسا موضوعيا للنجاح أو للإخفاق للحكم لـ أو على قيمة العرض وإلاّ وبهذا المفهوم فإن عرض مسرحية ” 30 anx déjà ” لتوفيق الجبالي الذي لم يجلب إلا بعض المئات المحدودة من المتفرجين تعبر بمقياس الحضور عرضا غير ناجح؟؟؟ والحال أنّ مثل هذه المسرحية نصا واخراجا وأداء ومتممات مسرحية وطرحا كان أفضل بكثير من تهريج نعيمة الجاني وبذاءة لطفي العبدلي و”مساطة” كريم الغربي ؟؟
أين العيب إذن؟ ودعنا نقولها بكل جرأة وصراحة انّه يكمن في المقاربة التّي تتبناها الهيئة المشرفة على حظوظ مهرجان بنزرت الدولي والتي تعتمد على مقياس الجمهور ومقياس انتعاشة “الكاسة” فهل بمثل هذه المقاربة سنخدم الثقافة؟ وهل بمثلها أيضا سنعمل على نحط المواطن الجديد للتأقلم مع المتغيرات الجديدة؟ وهل بذلك تصبح الثقافة هي الرافد الحقيقي لكل تقدم؟
أعتقد جازما أنّ بمثل هذا التمشي الحالي وبمثلي هذه المقاربة الربحية العقيمة سنبقى في دائرة ثقافة “الهشك بشك” لمهرجان في حجم مهرجان بنزرت الدولي وأعتقد أيضا أن الوقت قد حان لتغيير هذه العقليات التّي لا ترى في الثقافة إلاّ بقرة حلوبا تدرّ عليها حليبا طازجا وذلك بتغيير الأساليب النمطية المتحجرة وأيضا باشراك كلّ الطاقات القادرة على العطاء والإضافة وفي مقدمتها الإعلام الذي مورست عليه سياسة اقصائية هلال هذه الدورة ممّا دفعه لمقاطعة هذه الدورة والأسباب لا يعلمها إلاّ أعضاء هيئة المهرجان وهذا موضوع آخر سنفرده بمقال خاص؟؟
المصدر: الصريح