شاه المفكر الفرنسي فرانسوا بورغا : الاستعمار والاستكبار الأوروبي والغربي لعبا دورا كبيرا في ازدهار الإسلام السياسي

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / المفكر الفرنسي فرانسوا بورغا : الاستعمار والاستكبار الأوروبي والغربي لعبا دورا كبيرا في ازدهار الإسلام السياسي / Video Streaming

كتب : صالح بن حمادي
خلال محاضرة على منبر مركز الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية مساء الأربعاء 19 جويلية بتونس حمَل المفكر الفرنسي المعروف فرانسوا بورغا المختص في العلوم السياسية مجددا الغرب والبلدان الأوروبية والغربية عموما المسؤولية التاريخية في ظهور الحركات السياسية ذات الاتجاه الإسلامي وما يعرف عادة بالإسلام السياسي في عصرنا الحاضر.وأعاد بالمناسبة للأذهان حقيقة بارزة أصبح من شبه المسكوت عنها من قبل الجميع وهي أن الحركات السياسية الإسلامية برزت وازدهرت في العالم العربي والإسلامي بدعوى ردٌ الاعتبار للإسلام والمسلمين والعرب تاريخيا وحضاريا وتخليص الأمة الإسلامية والعربية من التقهقر والضعف والهوان والتهديد بطمس هويتها الذي تردت فيه جراء الاستعمار الغربي واستمرار الغرب في ممارسة سياسة الهيمنة والاستكبار تجاه البلدان العربية والإسلامية حتى بعد استردادها لسيادتها.

ورغم أن المحاضر لم يشر الى ذلك في مداخلته فان هذه الحقيقة تتجلى بوضح عند قراءة كتاب // في ظلال الإسلام// لسيد قطب منظٌر وواضع أطروحات الإسلام السياسي المعاصر وعلى رأسه حركة الإخوان المسلمين بوصفها الحركة الأم لكل الحركات السياسية الإسلامية حيث يصرح سيد قطب في كتابه الذي ألفه في الخمسينات من القرن العشرين أن هناك عودة للجاهلية في العالم بما فيه البلدان الأوروبية والغربية والبلدان الإسلامية والعربية وأن الخلاص يتمثل في بسط حكم الإسلام على العالم بالقوة والجهاد.

وقال المفكر الفرنسي ان بروز الإسلام السياسي كان بمثابة ردة فعل على هذا الوضع وشكلا من أشكال إبعاد الغرب عن مسرح الأحداث ملاحظا أن المجتمعات الأوروبية والغربية تحت تأثير التحاليل والمقاربات السطحية للإسلام ما زالت تحمل تلك الصورة النمطية عن الإسلام بوصفه دين يقوم على العنف والتطرف وإقصاء الآخر ويدعو الى العنف وممارسته ضد الآخر.

عوامل داخلية

وذكَر المحاضر بكلمة كان قالها ذات يوم وذهبت كالمثل وهي أن المسلم الصالح في نظر المجتمعات الأوروبية والغربية هو المسلم الذي ينبذ دينه الإسلام ويتخلى عن ممارسة شعائره فيكون المسلم متهما بالتشدد والتطرف طالما جاهر بإسلامه ومارس شعائر دينه وهي وضعية وجدت في واقع الحال في الدول العربية في ظل الأنظمة الدكتاتورية المطلقة وما يسميه نشطاء الحركات السياسية الإسلامية بحكم الطغاة.وعلى هذا الأساس فان ظهور وازدهار الحركات السياسية ذات الاتجاه الإسلامي حسب المفكر الفرنسي له أيضا عوامل وطنية داخلية تتمثل في القهر والظلم المسلط من قبل الأنظمة المطلقة المذكورة على الغالبية العظمى من شعوبها وحرمانها من ممارسة حقوقها السياسية والاستمتاع بنصيبها الشرعي من خيرات بلدانها.وقال ان العوامل في الحالتين سواء كانت خارجية أو داخلية هي عوامل سياسية وتتمثل في الخلل في السياسات المتبعة في الداخل وفي المحيط الخارجي وساهمت في الحالتين في تغذية الشعور بالحيف والإقصاء الذي يمكن اعتباره السبب الرئيسي في إذكاء روح المواجهة داخليا وخارجيا باسم الإسلام بوصفه المرجع الأوحد للقيم والمثل العليا لدى الشعوب الإسلامية والعربية وأفضل إطار لتعبئة وحشد الجماهير.

تنوع الإسلام السياسي

فمثلما أكد عليه عديد المتدخلين في النقاش الذي تلا المحاضرة فان رفض المجتمعات الإسلامية والعربية لمنطق الهيمنة والاستكبار مشروع لأن المسلمين والعرب يعتبرون أنهم كانوا وما زالوا أصحاب حضارة شامخة أشعت على العالم وقدمت إسهامات جليلة في إثراء الحضارة الإنسانية وبالتالي ينبغي معاملتهم على هذا الأساس ومعاملة حضارتهم على قدر انجازاتها وليس السعي الى طمس مقوماتها. ولاحظوا أن المجتمعات الإسلامية والعربية منذ عهد رواد الإصلاح الى اليوم منقسمة في ما يخص النظرة الى أوروبا والغرب والحضارة الغربية الحديثة بين حداثيين ومعجبين الى حد قبول الانصهار والذوبان وبين متمسكين بالهوية الإسلامية والقومية سواء كانت عربية او أخرى.

وأشار المفكر فرانسوا بورغا إلى ما شهدته الحركات السياسية ذات الاتجاه الإسلامي من تطور وتنوع في العقود الأخيرة وخاصة بعد ثورات الربيع العربي في تونس وبلدان عربية أخرى. وقال إنها أصبحت تشتمل على أطياف وتتوزع الى اتجاهات وتيارات متعددة ومتباينة أحيانا حيث نجد الإسلام الديمقراطي الذي نبذ المواجهة داخليا وخارجيا وقبل بالاندماج والانخراط في اللعبة الديمقراطية واحترام الحريات الجماعية والفردية بقدر ما نجد الإسلام المتشدد والمتطرف الذي تتبناه التنظيمات الإرهابية الاقصائية وبين هذين الاتجاهين أطياف كثيرة يلخصها جميعها قول من قال هناك في الإسلام السياسي أطياف من اردوغان الى طالبان وأحسن منه القول من الغنوشي الى البغدادي في إشارة الى راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس كممثل للإسلام الديمقراطي وأبو بكر البغدادي زعيم التنظيم الإرهابي داعش بالعراق وسوريا كممثل للحركات السياسية الإسلامية المتشددة والمتطرفة.

في ختام المداخلة وردا على استفسارات الحاضرين بخصوص مستقبل الإسلام السياسي بمختلف أطيافه قال المفكر الفرنسي فرانسوا بورغا ان وجود الإسلام السياسي مرتبط بالعوامل التاريخية التي ساعدت على ظهوره وازدهاره ملاحظا انه سيظل حيا وناشطا وموجودا طالما ظلت الأسباب والعوامل التي أوجدته قائمة.

 

 

 

 

المصدر: الصريح