القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / أسرار تاريخية عن عصيدة الزقوقو: كيف اكتشفها التونسيون ولماذا هم الوحيدون الذين يطبخونها دون بقية العالم / Video Streaming


صحيفة الثورة نيوز - تعتبر عصيدة الزقوقو أحد الأطباق التقليدية التي تُحضر في تونس بمناسبة المولد النبوي الشريف، غير أن تاريخ هذا الطبق يرتبط بشكل وثيق بفترات المجاعة والفقر التي عاشتها البلاد في منتصف القرن التاسع عشر.
يعود أصل عصيدة الزقوقو إلى حقبة ثورة علي بن غذاهم عام 1864، وهي فترة اتسمت بالجفاف والمجاعة التي ضربت البلاد، حيث واجه التونسيون صعوبات كبيرة في توفير الغذاء. في هذه الظروف، لجأ الناس إلى استغلال الموارد الطبيعية المتاحة لتأمين قوتهم اليومي. كان الزقوقو، وهو حبوب الصنوبر الحلبي المنتشرة في الغابات التونسية، أحد تلك الموارد.
في البداية، كانت حبوب الزقوقو تُجمع وتُطحن لتشكل عجينة بسيطة تُستخدم كوجبة رئيسية لدى الفقراء. وكانت هذه الوجبة تمثل حلاً عمليًا في وقت شح فيه الغذاء، خاصة بالنسبة للفئات الأشد فقرًا. في ذلك الوقت، ارتبط الزقوقو بصورة سلبية كونه كان رمزًا لمأساة المجاعة التي ضربت تونس.
على مر السنوات، اختفت المجاعة تدريجيًا وعادت الحياة إلى طبيعتها. لكن الزقوقو لم يختفِ تمامًا، بل عاد إلى الواجهة بشكل مختلف. فبدلاً من أن يبقى رمزًا للفقر، تحوّل إلى مكون رئيسي في حلوى عصيدة الزقوقو التي أصبحت تُحضّر خصيصًا للاحتفال بالمولد النبوي في المدن التونسية.
تطور هذا الطبق ليشمل مكونات إضافية مثل السكر والمكسرات، مما جعله أكثر جاذبية ولذة. وهكذا، أصبحت عصيدة الزقوقو جزءًا من تقاليد الاحتفال بالمولد، لا سيما في المناطق الحضرية، حيث يتنافس الناس على تحضيرها بأشكال مختلفة.
على الرغم من انتشار عصيدة الزقوقو في المدن، فإن المناطق الريفية حافظت على طقوسها الخاصة في إعداد العصيدة. ففي الريف، لا يزال الكثيرون يفضلون عصيدة الفرينة أو السميد بدلاً من الزقوقو، حيث يُنظر إلى الزقوقو كمادة تذكّر بالفقر والمجاعة. ويعود هذا التفضيل إلى استمرار الذاكرة الجماعية للأرياف التي تعايشت مع المجاعة بشكل مباشر وصعب.
اليوم، تظل عصيدة الزقوقو جزءًا من التراث الغذائي التونسي، حيث تستمر العائلات في تحضيرها مع حلول ذكرى المولد النبوي. ومع أن طابع المجاعة والفقر الذي كان يحيط بها في البداية قد تلاشى، إلا أن خلفيتها التاريخية لا تزال حاضرة في أذهان بعض الأجيال، وخاصة في المناطق الريفية.
عصيدة الزقوقو تمثل مثالاً على كيفية تحول مكون غذائي بسيط إلى جزء من التراث والتقاليد التونسية، جامعًا بين الماضي والحاضر، بين الحاجة والاحتفال.

الفيديو:





الأكثر متابعة الآن: