القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / الأمين الشابي يكتب لكم : الشباب بين “أسنان” البحر القاضمة واليأس المميت‎ / Video Streaming

كتب الأمين الشابي 

 الخبر يقول غرق قارب في عرض البحر بجزيرة قرقنة و الضحايا بالعشرات من الشباب، السؤال ما الذي يدفع بهؤلاء الشباب للمغامرة رغم ادراكم بخطورة المآل و وعيهم بارتمائهم في أحضان الموت المحقق ؟ من هو المسؤول هل الشباب نفسه؟ هل العائلة؟ هل الدّولة؟ هل الظرف العالمي المتقلب؟ و هل و هل وهل و كم الأسئلة المحتدمة بداخل ذاتنا أمام هول ما نستكشفه بعد كلّ حادثة غرق بهدف الابحار خلسة إلى الضفة الأخرى من المتوسط تحت رهان الموت أو العيش بكرامة ؟

 رغم أنّنا لا نشجع ظاهرة ” الحرقة ” لويلاتها الكارثية على الجميع و نقف ضدّ كلّ من يوفر مثل هذه الفرص لأبنائنا من تجار البحر الجدد، الذين لا يهدفون من وراء ذلك إلاّ للربح السريع و لو على حساب حياة شبابنا ضاربينا بعرض الحائط كلّ القيم و الأخلاق و التراحم و النّصيحة، قلنا رغم ذلك  نجد عذرا لهؤلاء الشباب الذين ذاقوا كؤوس المرارة المختلفة و تجرعوا طعم اللاّ كرامة بحكم البطالة التّي تنهش أعمارهم لسنين طويلة إلى درجة اليأس و قبول الارتماء في أسنان البحر لتقضم جسده و تريحه من كلّ هذه المعاناة.

 الاتّهام في كلّ ما يحصل لأبنائنا نوجهه إلى عدّة أطراف و البداية تنطلق من العائلة التّي لم تتمكن من تأطير الأبناء و لو بمساعدتهم مادّيا و بعث الأمل فيهم على أنّ القادم سيكون أفضل و لكن للأسف فإن بعض العائلات و بدون وعي أحيانا كثيرة تدفع بأبنائها دفعا نحو المجهولو إلى هذا المصير المحتوم و تشعرهم عبر تصرفاتها معهم بأنّهم عالة عليها و ليس بوسعها تحمّل المزيد منه بل و تحمّلهم أصلا أسباب بطالتهم لأنّهم لم يقبل بأيّ شغل سواء في حضائر البناء أو بالمجال الفلاحي أو كنادل بمقهى أو غيرها من المجالات و كأنّها تقول له ” خدمة النهار ما فيها عار ” فيجد هذا الشباب و هو الذي يحمل شهادة جامعية نفسه في وضع لا يحسد عليه خاصة إذا ما شعر و أنّ آخر قلاع يحتمي به و نقصد هنا العائلة قد ارتدّت عليه و نظرت إليه على أنّه يعيش طفيلي و عالة عليها..؟

 الشاب نفسه أيضا أحيانا كثيرة أراه مقصرا في حقّ نفسه لاعتقاده و أنّه بحصوله على شهادته العلمية انتهى دوره ليبدأ دور الدولة لتوفير عمل قار له، و هذا النمط من التفكير نعتقد جازمين في أنّه تجاوزه الزمن، أوّلا للعدد المهول من المتخرجين سنويا من الجامعات و ثانيا لمحدودية الوظيفة العمومية لاستيعاب كل هذه الأعداد من المتخرجين سنويا و ثالثا لعدم استيعاب شبابنا فكرة تلقي تكوينا آخر مطلوب في سوق الشغل أو البحث على مسلك تمويل للانتصاب للحساب الخاص و بنك التضامن استحدث لمثل هذه المشاريع الخاصة بل عاينا بأمّ أعيننا و أنّك هذا البنك مستعدّ لتمويل حتى المشاريع الضخمة على غرار بعث مؤسسة تعليم خاصة و بالتّالي لماذا الشباب لا يغامر و يطرق أبواب هذه الفرص المتوفرة.

 الدّولة و ما أدراك من الدّولة لها الوزر الكبير في تحمّل ما آلت إليه أوضاع شبابنا إلى درجة الارتماء في أحضان الموت بعض اليأس الكبير الذي دبّ في نفوس شبابنا. نعم الوظيفة العمومية كما أسلفنا لم تعد قادرة على الاستيعاب المزيد و لكن للأسف أيضا نلاحظ و أنّ البطالة تضرب أكثر أبناء العائلات الفقيرة أو المتوسطة و لم نر بطالة في صفوف من له “أكتاف” أو وساطات فهل هذا بمحض الصدفة؟ أم في الأمر سرّ؟ رغم أنّ قانون الوظيفة العمومي يتضمن مبدأ تكافئ الفرص في الحصول على وظيفة عبر المناظرات و لكن الواقع و التطبيق مغاير تماما بل ما نلاحظه وأنّ المنقذ الوحيد لأبناء هاته العائلات الفقيرة هو التوجه لمجالات الأمن و الجيش مكرهين أحيانا كثيرة؟ أيضا لماذا الدّولة لا ترتئي سياسة جديدة في خلق المشاريع المستوعبة لليد العاملة وبعيدا عن المحاباة و الوساطات خاصة عبر المساعدة المالية و سنّ قوانين تشجع على الانتصاب للحساب الخاص بل و أيضا عبر تغيير مناهج التعليم و بالتّالي خلق شعب تتماشى و سوق الشغل الحقيقية و هذا يستدعي مراجعة شاملة لتعليمنا.

 لنختم بالقول و أنّ اليأس الذي سيطر على عقول شبابنا هو مسؤوليتنا جميعا، العائلة و الدولة و الفساد بمفهومة الواسع خاصة في وجود الوساطات في مجال التشغيل على حساب العدالة و تكافئ الفرص خاصّة في ظرف عالمي مضطرب اقتصاديا و اجتماعيا و أمنيا و بالتّالي ماذا بقي لنفتخر به مستقبلا إذا كان شبابنا خيّر الموت على امتهان كرامته ؟ نرى و أنّ أجراس الخطر تدق في كلّ أرجاء وطننا عبر ظاهرة ” الحرقة ” و عبر انتشار ظاهرة اليأس و افتقاد الأمل في صفوف شبابنا ؟ هنا لابدّ من ايلاء هذا الموضوع ما يستحقه من الدّرس و ايجاد الحلول العملية و الواقعية المناسبة التّي تبعث الأمل مجددا في نفوس شبابنا و ذلك قبل فوات الأوان.و بالتالي الاهتمام بالقضايا الحقيقية للمجتمع بعيدا عن صراعات الديكة الزائفة من أجل الكراسي التّي قد تأتي عليها جميعا ظاهرة اليأس. لدى الشباب.؟؟

المصدر: الصريح


TH1NEWS