وخلص البنك في الدراسة إلى أن عائلة بن علي "استثمروا في قطاعات مربحة تتمتع بالحماية وخاصة عبر وضع شروط مسبقة للترخيص واستخدام صلاحيات تنفيذية لتغيير التشريعات لصالح النظام ما خلق نظاما ضخما من رأسمالية المحاباة".
ويوضح البنك أن فريق الباحثين الذين قاموا بإعداد الدراسة جمعوا بيانات عن 220 شركة مرتبطة بالرئيس المخلوع بن علي، كما حددتها لجنة المصادرة .
وأظهر تحليل بيانات لجنة المصادرة أن الشركات كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بأسرة بن علي، كما يظهر أن التشريعات التي أصدرها بن علي خلال 17 عاما كانت تخدم في الغالب في تشكيل مصالح المقربين وحمايتها من المنافسة.
وتبين الأدلة أن 25 مرسوما صدرت خلال تلك الفترة لتحديد اشتراطات الترخيص في 45 قطاعا مختلفا وقيودا على الاستثمار الأجنبي المباشر في 28 قطاعا.
وتقول الدراسة إن هذا الوضع أدى إلى حصول شركات مرتبطة بنظام الرئيس المخلوع على أكثر من خُمس الأرباح التي جنتها جميع شركات القطاع الخاص.
ويقول بوب ريكرز، الباحث في إدارة البحوث بالبنك الدولي والمؤلف الرئيسي للدراسة "توفر هذه الدراسة تأكيدا قويا أن النظام السابق استفاد من رأسمالية المحاباة".
ويضيف أن الأدلة تشير إلى أن الدولة سمحت بالاستيلاء على جزء ضخم من القطاع الخاص لصالح شركات على علاقة بالأسرة التي توفر لها "الحماية" من اللوائح الحكومية أو تمنحها امتيازات خاصة.
ويذكر "وجدنا أدلة على أن اللوائح نفسها كانت تعدل لصالح المصالح الشخصية والفساد".
وتظهر الدراسة أنه رغم أن إطار السياسات الصناعية في البلاد، ولا سيما قانون الاستثمار، كان يعتبر منفتحا نسبيا وبدا النظام السابق مستجيبا لتنمية القطاع الخاص، فإن هذا كان في الواقع "ستار لمشاكل كامنة في الاقتصاد التونسي".
وتضيف الدراسة أن "انفتاح تونس كان سرابا في الأساس حيث كانت قطاعات ضخمة مغلقة وكثير منها استولى عليه مصالح مقربة من النظام".
ويقول أنتونيو نوسيفورا، خبير اقتصادي أول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي:"مشكلة رأسمالية المحاباة ليست عن بن علي وحاشيته فحسب، بل أنها واحدة من التحديات الإنمائية الرئيسية التي تواجه تونس حاليا... فبعد ثلاث سنوات من الثورة مازال النظام الاقتصادي الذي كان قائما في عهد بن علي قائما بدون تغير تقريبا".
ويضيف " ومع الثورة تحرر التونسيون من الرئيس السابق بن علي وأسوأ ما في الفساد لكن السياسات الاقتصادية مازالت لم تتغير ومعرضة لإساءة استغلالها. إن هذه البنية التحتية للسياسات التي ورثتها من عهد بن علي يديم الاقصاء الاجتماعي ويدعو للفساد."
وذكرت الدراسة أن النظام الجديد في تونس صادر 550 ملكية عقارية و48 سفينة ويختا و367 حسابا مصرفيا وحوالي 400 شركة كانت جميعها تتبع لعائلة بن علي.