
أخبار تونس العاجلة من الثورة نيوز - أقرت وزارتا الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، والتجارة وتنمية الصادرات، جملة من الإجراءات الجديدة لتنظيم معاملات زيت الزيتون في مرحلة التحويل، وذلك من خلال اعتماد سعر مرجعي متحرك عند تداول “الباز” على مستوى المعاصر، حُدّد في مرحلته الأولى بعشرة دنانير للكيلوغرام الواحد. وأوضحت الوزارتان، في بلاغ مشترك، أن هذا السعر سيخضع للمراجعة الدورية بصفة أسبوعية كلما دعت الحاجة، تبعًا لتطورات السوق وحجم العرض والطلب.
وأكدت السلطتان المشرفتان على القطاع أن هذا التوجه يندرج في إطار الحرص على إنجاح موسم جني وتحويل الزيتون لسنة 2025-2026، وحماية منظومة الإنتاج الوطنية وضمان توازنها، بما يراعي مصالح جميع المتدخلين في السلسلة من فلاحين ومعاصِر ومُحوّلين ومُصدّرين، مع إيلاء عناية خاصة لصغار المنتجين الذين يواجهون ضغوطًا متزايدة نتيجة ارتفاع كلفة الإنتاج وتقلبات الأسعار.
وباعتماد هذا السعر المرجعي، تتجه السلطات إلى وضع حدّ للتوقعات التي راجت خلال الفترة الماضية بشأن إمكانية تراجع أسعار زيت الزيتون إلى مستويات أدنى من عشرة دنانير للكيلوغرام، وهو ما يعني عمليًا أن السعر الموجه للسوق لن ينخفض عن هذا السقف، خلافًا لما تم تداوله من تقديرات سابقة.
غير أن هذا القرار لم يمر دون انتقادات من عدد من الفاعلين في القطاع. فقد اعتبر النائب بالبرلمان وعضو لجنة الفلاحة حسن الجربوعي أن الإجراء المعلن لا يستجيب لتطلعات الفلاحين ولا يعالج جوهر الإشكال القائم، مشيرًا إلى أن فرض سعر محدد على المعاصر لشراء “الباز” يظل أمرًا صعب التطبيق على أرض الواقع. ولفت إلى أن مقترحات نواب الشعب تمحورت حول تكفّل الديوان الوطني للزيت بشراء الكميات المتوفرة لدى الفلاحين وخزنها، باعتبار ذلك حلًا أكثر نجاعة في ظل فائض العرض.
وأضاف الجربوعي أن القرار، رغم الترحيب به من حيث المبدأ، يبقى دون جدوى في غياب إجراءات مرافقة تضمن تنفيذه وتحقيق أهدافه، مؤكدًا أن الوضع الحالي يستوجب قرارات استثنائية، ومحمّلًا رئيس الجمهورية مسؤولية اتخاذ الخيارات الكفيلة بإنقاذ القطاع وضمان استقراره.
من جهته، عبّر المهندس الفلاحي عمّار بن قايد عن تحفظه إزاء مضمون البلاغ، معتبرًا أنه يفتقر إلى الوضوح، خاصة فيما يتعلق بنوعية زيت الزيتون التي تم اعتماد السعر المرجعي بشأنها، إذ لم يُحدّد ما إذا كان الأمر يتعلق بالزيت الرفيع أو البكر أو البكر الممتاز، وهو ما يؤثر مباشرة على التسعير باعتبار اختلاف الجودة. وأوضح أن كلفة الإنتاج لدى الفلاح تبلغ في حدّها الأدنى عشرة دنانير للكيلوغرام الواحد، معتبرًا أن الإشكال لا يكمن في تحديد سعر الزيت بقدر ما يكمن في فائض المعروض مقارنة بالطلب، ما يستدعي، حسب رأيه، توجيه الجهود نحو خزن الكميات المتوفرة بدل الضغط على الأسعار.
أما رئيس نقابة الفلاحين الميداني الضاوي، فقد حذّر من تداعيات القرار على الموسم المقبل، معتبرًا أن اعتماد سعر مرجعي منخفض قد ينعكس سلبًا على صابة الزيتون للسنة القادمة في حال تعطّل أو تراجع نسق الجني. وشدد على أن السعر المرجعي لتداول زيت الزيتون لا ينبغي أن يقل عن 14 أو 15 دينارًا للكيلوغرام الواحد من “الباز” حتى يتماشى مع كلفة الإنتاج الحقيقية التي يتحملها الفلاح.
وعبّر الضاوي عن استيائه من السياسة التصديرية المعتمدة حاليًا، معتبرًا أنها لا تبرز المكانة العالمية المتميزة لزيت الزيتون التونسي، في ظل غياب رؤية استباقية واضحة للترويج والتثمين. كما دعا إلى بعث وحدات لتعليب زيت الزيتون في كل ولاية أو معتمدية، بهدف دعم مجهودات الديوان الوطني للزيت الذي لم يعد قادرًا، وفق تقديره، على استيعاب كامل الكميات المطروحة في السوق الوطنية، وهو ما من شأنه أن يساهم في تنظيم السوق وتحسين مردودية القطاع على المدى المتوسط والبعيد.