
صحيفة الثورة نيوز - تشهد المنظمة النقابية الأبرز في تونس، الاتحاد العام التونسي للشغل، أزمة داخلية غير مسبوقة قد تعصف بوحدته، بعد أن تحولت الخلافات الداخلية إلى صراع مفتوح بلغ حد المطالبة الصريحة بعزل أمينه العام، نور الدين الطبوبي، وتحذيرات متزايدة من انقسام محتمل داخل هياكل الاتحاد.
وتفجّرت الأزمة على إثر تسريب تسجيل صوتي منسوب إلى الطبوبي، وصف فيه قيادات نقابية من ولاية صفاقس بـ"المافيا"، وهو ما أثار موجة استياء واسعة في صفوف النقابيين، خاصة في صفاقس، التي تُعتبر من أبرز معاقل الاتحاد تاريخيًا.
وسارعت الهيئة الإدارية الجهوية بصفاقس إلى إصدار بيان حاد اللهجة، طالبت فيه بإحالة الطبوبي على “الهيئة الوطنية للنظام الداخلي”، كما دعت إلى “إيقافه فورًا عن النشاط النقابي”، معتبرة أن ما صدر عنه يمثل "إخلالًا بالميثاق النقابي ومسًّا بوحدة المنظمة وإساءة لكرامة القيادة النقابية بصفاقس".
وفي أول رد فعل منه، دعا الطبوبي إلى "التحلي بالحكمة وتجاوز الخلافات"، مؤكدًا أن "وحدة المنظمة فوق كل اعتبار"، دون أن يقدّم أي خطوات عملية من شأنها احتواء الأزمة أو الاستجابة للمطالب المتصاعدة بعقد مؤتمر استثنائي.
في المقابل، يواصل جناح ما بات يُعرف بـ"المعارضة النقابية" ضغطه على القيادة الحالية للاتحاد. وقال الطيب بوعائشة، أحد أبرز وجوه هذه المعارضة، إن "أولوية المرحلة الآن هي إقالة القيادة الحالية برمتها، ومحاسبتها على انحرافها عن المسار النقابي، بالإضافة إلى ضرورة مراجعة شاملة للقانون الأساسي والنظام الداخلي للاتحاد".
وأكد بوعائشة أن "القوة التاريخية للاتحاد باتت مهددة بسبب الخيارات الخاطئة للقيادة، والتي أدخلت المنظمة في عزلة سياسية واجتماعية"، معتبرًا أن "النهج الذي يعتمده الطبوبي أصبح خارج السياق التاريخي الذي تأسس عليه الاتحاد".
من جهته، رأى المحلل السياسي هشام الحاجي أن "الأزمة الحالية ليست عابرة، والاجتماعات الداخلية للاتحاد لن تساهم سوى في تأجيل الانفجار"، معتبرًا أن "الخروج من هذه الورطة يتطلب عقد مؤتمر استثنائي يُعيد ترتيب البيت النقابي ويضع حدًا لما وصفه بـ"الانزلاق الخطير".
أما المحلل السياسي محمد صالح العبيدي، فذهب إلى اعتبار أن الاتحاد بات يواجه "أزمة مزدوجة"، مشيرًا إلى أن "المكتب التنفيذي الحالي في مواجهة مع السلطة من جهة، ومع خصومه النقابيين من جهة أخرى"، معتبرًا أن "التمدد التصاعدي للمعارضة، خاصة في الجهات المؤثرة كنقابة صفاقس، ينذر بمصير غامض للاتحاد، ويمهد لاحتمال التفكك".
وأشار العبيدي إلى أن هذا الانقسام "لن ينعكس فقط على الوضع النقابي، بل ستكون له تداعيات اجتماعية وسياسية أوسع، خاصة في ظل السياق الحساس الذي تمر به البلاد على مستوى الحوار الاجتماعي والدفاع عن الفئات الهشة".
ورغم حالة الاحتقان المتصاعدة، يواصل المكتب التنفيذي للاتحاد تجاهل دعوات عقد المؤتمر الاستثنائي، مما يعزز المخاوف من دخول المنظمة في أزمة هيكلية قد تهدد تماسكها، وتعيد رسم ملامح المشهد النقابي في تونس برمّته.