القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / المنصف بن مراد يكتب: تونس تنهار وأحزاب الكراسي هي السّبب / Video Streaming

بعد تغيير النّظام وعوض ان يتحسّن مستوى معيشة الشعب وتصبح الحرّيات ممارسة مسؤولة، نهبت الترويكا خزينة البلاد فارتفعت ميزانية الدولة من 18.000 مليار سنويا الى 32.000 مليار بسبب التعويضات والانتدابات في الإدارة وفي الشركات الوطنية والاستجابة لطلبات مشطّة تتهاطل يوميّا.. كانت قرارات حكومتي الترويكا ترمي الى تسديد حاجيات أنصارها دون اعتبار امكانات البلاد، كما سمحت الطبقة الحاكمة الجديدة بانتشار العنف والارهاب وبتغوّل كبار المتحكّمين في التجارة الموازية والفاسدين.. وعلى نقيضهم سخّر بورقيبة شبابه من أجل استقلال البلاد وحياته لإرساء الدولة العصرية وضمان الاستقرار لها ومات دون أن ينتفع بتعويضات أو يكسب أيّ شيء!
انّ كلّ الصعوبات التي يعيشها الشّعب التونسي منذ سنوات سببها الترويكا التي أفلست البلاد واقترضت حتى أصبحنا دولة متسوّلة يقتات شعبها من القروض الدولية سواء كانت من مؤسّسات مالية أو من حكومات «شقيقة» وصديقة..  ثمّ جاء عهد حزب النداء فملأ بطون الناس بالوعود والعهود، ثم تحالف مع النهضة التي جعلته «خادما» لها بما أنّها تحكم قبضتها على مفاصل الدولة منذ سنوات.

واليوم عندما اعلن رئيس الحكومة حربا على الفساد قرّر «ولد بوه» حافظ قايد السبسي وراشد الغنوشي تكوين لجنة تنسّق لتفرض أسماء الوزراء المرتقبين  أو تدافع عن كل عضو من الحزبين يدان في قضية فساد وهكذا توقفت أو تباطأت الحملة التي قرّرها يوسف الشاهد،  في الوقت الذي كانت فيه أغلبية الشعب تنتظر محاسبة كبار «الحيتان» وبعض القيادات في الحزبين والتي تضخّمت ممتلكاتها بطريقة مثيرة للشكّ.. وفي هذه الظروف الصعبة حتى لا أقول الحالكة، تكلّم السيد راشد الغنوشي وإذا به يطالب رئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد الذي بات يحظى بشعبيّة فائقة ـ بعدم الترشّح للانتخابات الرئاسية لسنة 2019 وكأنّه «الحاكم» والمرجع والقائد الفعلي للبلاد..  ما هذه التعاسة وما هذه الفوضى، أيعقل ان يصبح رئيس حزب المقرر الأوحد لمصير تونس، علما انّ نساءنا ومثقّفينا وشبابنا وكلّ فئات شعبنا لن يسمحوا لأيّ حزب عقائدي بأن يهيمن، وكلّ هذا امتداد للمخطّط الأمريكي أو بالأحرى المؤامرة الأمريكية على الشعوب العربية فقد كان في حساب أوباما وكلينتون ان تفرض أنظمة اسلاميّة متشدّدة في سوريا والعراق ومصر وليبيا وتونس والجزائر بغاية حماية المصالح الاقتصادية الأمريكيّة وحتى الغربية! لكن الرئيس المصري والشعب التونسي أفشلا هذا المشروع الاجرامي.
ولأنّ كبار الأحزاب كانت ومازالت في خدمة مصالحها الضيقة وفي خدمة «الأصدقاء» الأجانب، باتت تونس في غير مأمن بسبب النظام البرلماني وخطورة الأحزاب على مصالح الشعب..

وفي سياق متصل لا بدّ من الإشارة الى معضلة احزاب اليسار والجبهة الشعبية التي لم تطوّر نفسها ولم تغيّر اهدافها ولا أساليبها المتهرّئة التي تعود الي عهد ماركس ولينين ولم تدرك انّ فوز اي حزب في الانتخابات انّما هو رهين كسب الطبقات الوسطى التي ترفض بصفة قطعية الصراع الطبقي والمظاهرات المكبّلة للاقتصاد والعنف اللفظي، علما انّ الخطاب «الثوري» لا يقنع الا الطلبة وعددا من «المؤمنين» بحكم «البروليتاريا» مع احترامي للجبهة!
أما حزب محسن مرزوق مشروع تونس فانه يشكو من عجز عن توحيد كل الأطراف والشخصيات من أجل مجتمع ديمقراطي حداثي وعادل يرفض التحالف مع الأحزاب العقائديةومتفتّح في الآن نفسه على كلّ التيارات والأحزاب المدنية بمن في ذلك الدساترة واليسار.. لنأت إلی حزب سليم الرياحي فقد صوت لفائدته شعب النادي الافريقي وسيضمحل بمجرد ازاحة الرياحي من رئاسة الجمعية التي تحظى بشعبية كاسحة.. بقي حزب ياسين ابراهيم «آفاق» الذي حاول استقطاب النخب، وما من شكّ انه يتضرّر من مشاركته في الحكومة ولا مستقبل له خارج ائتلاف سياسي واضح وغير عقائدي…

انّ تونس ومستقبلها مهدّدان من قبل أحزاب فاشلة فشلا ذريعا بنسب متفاوتة، بينما لم يجد المجتمع المدني من ينفعه ويؤطّره.
والآن لم يبق لي إلاّ أن أذكركم بالمسرحية التي ألفتها وأخرجها الفنان المسرحي محمد كوكة وعنوانها «عائشة والشيطان».. هذا العرض سيقدم على ركح المسرح الأثري بقرطاج مساء الثلاثاء 15 أوت الجاري… ولأنّ الأغلبية الساحقة من شعبنا الطيب يعادون التطرف والظلامية وينتصرون للحرية بمختلف تفرّعاتها، فإنّي أدعوكم الى التوافد على قرطاج بأعداد غفيرة لقضاء سهرة شائقة مع الفكر النيّر في حربه على الرجعية والظلامية…

المصدر: الجمهورية


THNEWS