تصريحاتي السابقة تلزم شخصي..وأتلذّذ بخوض هذه التجربة
ميثـاق «الرجــولـيــة» فقـط هو مــن سيصنع ربيع نداء تونس
أشفق على نزيهة رجيبة بعد تحوّلها من كاتبة تاريخية الى مغرّدة فايسبوكية
عاد مؤخرا اسم برهان بسيس بقوة الى الواجهة الاعلامية والسياسية، وسيطر على عناوين الأخبار وحتى صفحات التواصل الاجتماعي، وذلك اثر قرار هذا الاخير الابتعاد عن عالم الاعلام ـ بعد سنتين من عودته ـ والتحاقه بحزب نداء تونس في خطة مكلف بالشؤون السياسية، قرار رافقته موجة كبيرة من الانتقادات خاصة من قبل المغردين على صفحات الفايس بوك، كما عاد البعض الى تصريحات بسيس سنة 2011 والتي اكد فيها استحالة عودته الى الاعلام والسياسة، ..اليوم وقد عاد بسيس من بوابة الاعلام الى عالم السياسة بذكائه المعهود، ارتأينا الجلوس معه ومحاورته حول الأسباب التي دفعته للالتحاق بحزب يقال انه على مشارف الاندثار وعن خططه المستقبلية، ودوره داخل النداء، وردة فعله بعد موجة الانتقادات وأمور أخرى ندعوكم لاكتشافها ….
ما الذي أغرى برهان بسيس للانضمام الى حزب نداء تونس؟
بداية أشير الى أننا خضنا على مدى أشهر عديد النقاشات مع قياديين في نداء تونس تمحورت حول مشروع تجربة الحزب وفتح آفاق لبناء حزب قوي يكون مؤهلا للعب دور مركزي في الحياة السياسية لعقود قادمة، حزب لا يولد فقط لأداء مهمة مرحلية قصيرة بل حزب يمد جذوره ويؤسس لتوازن استراتيجي للحياة السياسية، هذا في ما يخص الظروف الموضوعية للالتحاق أما عن الظروف الذاتية فهي تجربة البشر الذي يطلب التنويع في حياته ويتلذذ بذلك ..
ألا ترى أن التحاقك بهذا الحزب في هذا التوقيت بالذات فيه الكثير من المجازفة خاصة ونحن نتحدث عن بقايا حزب؟
اذا سلمنا بوجود بقايا فهذا في نظري تبخيس لنساء ورجال صمدوا رغم التشويه والانشقاقات والاحباطات وظلوا حاملين لواء حزب لايزال جزءا من الحكم والأهم من ذلك محطّ ثقة التونسيين وبشهادة كل شركات سبر الاراء.
لكن جل شركات سبر الاراء مشكوك في مصداقية ارقامها، ومنها من هو منتم الى نداء تونس ؟
اذا أردت التشكيك في مؤسسة سبر اراء بعينها بغض النظر عن خلفيات هذا التشكيك وشرعيته، فإني ألفت انتباهك الى أن كل شركات سبر الاراء أقرت تصدر حركة نداء تونس ـ رغم مشاكلها وصورتها المهتزة ـ نوايا تصويت التونسيين .
بعيدا عن الاحصائيات والأرقام ألا تعتقد أن التونسي فقد ـ فعلا ـ ثقته في هذا الحزب؟
التونسي يلوم الحزب وينتقده، ومحبط تجاه أدائه لكنه لم يفقد ثقته بعد فيه، وهذا الأمر ليس مدعاة للاطمئنان لنا كندائيين بل هو عبارة عن تحدّ من أجل البناء الجديد بناء يستعيد فيه النداء كامل الثقة.
سبق وأن صرحت في 2011، أن عودتك الى عالم الاعلام والسياسة أمر مستحيل بل طالبت بمعاقبتك، فما الذي حصل ليتغير موقفك؟
لقد كانت تصريحات شخصية، قيلت في سياق ظروف استثنائية ليست لشخص فقط، بل لكامل البلاد، ومن يريد اعادة هذه الاسطوانة أقول له، أني التزمت بأشياء تهم شخصي ولا تهم وعودا للناس، وأعتقد أني حرّ تجاه نفسي .
لماذا تغيرت نبرة صوتك مقارنة بذلك الوقت، وباتت تحمل الكثير من التحدي والثقة في النفس وكأن «الأنا الأعلى» عادت من جديد؟
أعتقد أن هناك جيلا كاملا تربى على العمل السياسي وقضى شبابه في العمل السياسي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال وتحت أي مسميات سواء تتعلق بالثورة أو الثورة المضادة أو أي كليشيات فارغة المحتوى أن يتم تغييبه من ساحة قيادة الشأن العام، وهذا الجيل يوجد لدى اليسار كما يوجد لدى الاسلاميين ويوجد أيضا لدى شباب التجمع .
سبق أن صرحت بأن حزب نداء تونس مات وانتهى واليوم نراك تدافع عنه بشراسة، ألا يصح لنا القول بأن من شكر وذم فقد كذب مرتين؟
أنا مصر على كون ذلك الحزب الذي رافق التونسيين خلال السنوات الثلاث الفارطة وخاصة السنة الفارطة، مات وانتهى، وأنا أقصد هنا حزب الشقوق المتصارعة، وحزب الخلافات حول التموقع دون برامج، حزب سفينة نوح الحاملة من كل زوج اثنين لخوض المعارك المقدسة، لقد انتهى ذاك الحزب ومات واليوم ستسكن روح جديدة في هذا الجسم ويحيا من جديد ..
وهل برهان بسيس هو المهدي المنتظر، الذي انتظره نداء تونس، أو ربان سفينة نوح التي ستوصله الى برّ الأمان؟
عصرنا ليس عصر المهدي المنتظر، لأن الولادة الجديدة هي مهمة جماعية والقيادة يجب ان تكون جماعية كذلك وهذه هي كلمة السرّ التي تنقص النداء، وهنا نتحدث عن المجموعة الواثقة من نفسها والمؤمنة بالحدّ الأدنى من الأخلاقيات السياسية التي تفرّق بين الحق في الاختلاف والغدر الممنوع .
عن أي غدر تتحدث ؟
نحن نتحدث طيلة عام كامل عن الغدر و«الغدارة» وعن الانشقاقات وتسريب تسجيلات لاجتماعات داخلية وبالتالي فان القيادة الجماعية يجب ان تلتزم بميثاق «الرجولية» أولا وأخيرا، لأن هذا ما سيصنع ربيع نداء تونس.
عمليا، ماهي الاضافة التي ستقدمها الى هذا الحزب، أو ما تبقى منه؟
أن يكون حزبا سياسيا بحضور سياسي، وهنا أفيدكم بأننا أنشأنا مركز دراسات وبحوث سيتولى مهمة التكوين السياسي وهو ما سنعلن عنه في القريب العاجل، كما سنقدم عديد الندوات الدولية في قضايا تهم الخط السياسي، اضافة الى مواعيد دورية لمناقشة رؤية ومستقبل المنظومة السياسية وسنفتح وبشكل رسمي النقاش حول الثغرات الحالية في الدستور، وتجربة التوافق، من جهة أخرى سننشر قريبا ميثاق الخطة السياسية والفكرية للحزب، وسنفتح نقاشا للتعبئة من أجل قانون المصالحة، وبرأيي هذه هي مهام أي حزب سياسي فمن غير المعقول أن تمارس الأحزاب السياسة وكأنها شركات خاصة، أو مجالس ادارة، وهنا أشير الى أنه ستتكون أمانة سياسات مكلفة بهذه القضايا وهذه المهام وربط هياكل الحزب التي ستجدد في القريب العاجل بهذه الرؤى السياسة، وهذه هي مهمتي مع كل الموجودين سواء في قيادة الحزب أو الهياكل الوسطى والقاعدية .
يقال ان برهان بسيس هو عين شفيق جراية داخل الحزب، بدليل أنه هو من سيتكفل بخلاص مستحقاتك المالية ؟
وأنا أقول لك أكثر من ذلك، أنا صديق كل رجال الأعمال وصديق كل المتحيّلين، لكن في نفس الوقت صديق لكل الشرفاء أي أني صديق الملائكة والشياطين، واذا اردت الاسترسال سأقول لك لقد حان الوقت أن ننظر من ثقب الباب الى أشياء أكثر أهمية، فشفيق جراية صديقي ولست عينه ولا هو بعيني، ولن أكون في يوم من الايام في موقع من يطلب صداقة شفيق جراية ثم يسارع الى شتمه متمنيا في نفس الوقت التفاتة صغيرة منه.. عموما أنا لا أخجل من صداقاتي، مهما كان موقعها، أنا صديقي شفيق جراية وصديقي كمال لطيف وبينهما أيضا عماد دغيج، ولن أكون من ينكر أي ارتباط له بأي شخص .
من جهة أخرى أفيدك أن شفيق جراية كان من ضمن من ناقشت معه قضية نداء تونس ومستقبله امام الجميع، مع العلم أنّه لم يكن راضيا عن مسألة التحاقي بالحزب في هذا التوقيت بالذات .
وهل ترى فعلا أنك اخطأت في التوقيت؟
التردّد في اتخاذ القرار في مجال السياسة يكون بنظري أكثر حمقا من التسرّع، وبالتالي لا يجب التردد في مثل هذه الخطوات .
من المنتظر أن يلتحق قرابة الـ40 شخصا بالنداء فمن هو علي بابا؟
اولا العدد قد يتجاوز الاربعين وقد ينقص عنه، امّا عن علي بابا، فسيكون الأسطورة التي لم تولد بعد، والأسطورة ستكون الفريق الناجح.
الا تخشى الندم؟
وهل يندم الانسان على خوض تجربة وجودية باختياره ، أنا لم أندم على تجربة بن علي وبالتالي من المستحيل ان أشعر بالندم، لأن الانسان الحرّ لا يمكنه الندم على اختياره لتجربة وجودية كما اخبرتك.
من جهة أخرى افيدك بأن عودتي الى الاعلام، رافقتها موجة من الانتقادات وهي نفس الانتقادات التي اواجهها اليوم باعلاني انضمامي والتحاقي بالعمل السياسي، وما اريد قوله انه وبعد سنتين من ممارسة العمل الاعلامي، بنجاحاته وفشله، سأكرر تماما بنفس الدقة والمهنية في مجال العمل السياسي .
بحديثك عن الانتقادات، كيف تقبلت موجة الانتقادات التي طالتك الأيام الفارطة؟
عادي جدا، وبصفة عامة أنا لا اتعامل كثيرا مع الرأي العام الفايسبوكي، أما عن الفاعلين في الساحة السياسية فقد بادروا بتهنئتي .
من هم ؟
من جلّ الأحزاب ان لم يكن كلها … جميعهم اتصلوا بي وقدموا تهانيهم بمجرد اعلاني الانضمام الى حزب نداء تونس .
«برهان بسيس يفلح في ارض غير قابلة للاصلاح»،هذا ما قاله لزهر العكرمي فبماذا تجيبه ؟
وما اكثر متعة من الزراعة في الأراضي التي يظنها البعض قاحلة، عموما لزهر العكرمي كفاءة سياسية ويملك ما لا يملكه الكثيرون فهو يمارس العمل السياسي بعمق فكري، وشخصيا أقدر أنه غاضب لكن وبعد مرور موجة غضبه، أنا متأكد أنه سيكون في الحزب الذي أسسه..
هل هي دعوة صريحة للزهر العكرمي بالعودة للحزب من جديد، وما صحة دعوتك للصلح مع المنشقين عن الحزب؟
هذا رجاء، وانا اتمنى ان يعودوا الى الحزب الذي أسسوه بمن فيهم محسن مرزوق.
وبماذا تجيب الاعلامية والحقوقية نزيهة رجيبة،التي أكدت أن عصابة الشقوق والعقوق والتسريبات لا يقدر عن الدفاع عنها سوى لسان قادر على تلبيس الحق بالباطل؟
أقدر السيدة نزيهة رجيبة وأقدر مأساتها في فقدان بن علي، لأنه تبين في نهاية الأمر أن وجوده هو الذي كان يعطي المعنى لأدوار كثيرين وجدوا صعوبة اليوم في التأقلم مع الوضع الجديد، وأنا آسف أن تتحول كاتبة تاريخية من كتاب صحيفة «الراي» الى مغرّدة على الفايس بوك .
شاهدناك مع قيادات الحزب في ضريح الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، فهل ستستمر المتاجرة ببورقيبة في نداء تونس؟
لقد زرنا ضريح الزعيم بورقيبة بمناسبة عيد الاستقلال، من جهة أخرى أنا اؤمن بضرورة المرور الى مشروع يوقف وبشكل نهائي الاستهلاك السطحي لبورقيبة والبورقيبيين، ويتبنى ميراث الحركة الوطنية التونسية وسيرة كل من بنوا الدولة سواء في عهد بورقيبة أو في عهد بن علي، واشير الى أن احد اسباب اختياري للنداء دون سواه هو أنه يحتضن بطريقة عقلانية مشروع الحركة الوطنية التونسية التي بنت الدولة .
حاورته: سناء الماجري
المصدر: الجمهورية