شاه الــقــلـم الــحــــر: من حق الدّول الانفراد بالسيادة على اﻷماكن المقدسة فيها

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / الــقــلـم الــحــــر: من حق الدّول الانفراد بالسيادة على اﻷماكن المقدسة فيها / Video Streaming

بقلم الأستاذ عفيف البوني

يحصل في بلادنا لغط  ومبالغة وعن جهل غالبا من قبل بعض السياسيين والإعلاميين الرسميين او السابقين او من غير ذوي الصفة، عند اﻹدﻻء بتصريحات او مواقف غير مسؤولة تضر وﻻ تنفع، مثال ذلك ما صدر ويصدر عن المنصف المرزوقي تجاه دول جارة او شقيقة او صديقة كموقفه من مصر وغيرها.
 من حقه ان ينفرد بآراء ومواقف شخصية، لكن ليس من حقه كمسؤول مباشر اوسابق ان يمارس هواية إصدار أحكام قطعية وسياسية مغرقة في الذاتية وبعيدة كل البعد عن العقلانية، ومثال آخر صدر من البعض حول البحث عن وضع خاص للأماكن المقدسة، وكذلك ما يحصل في البرامج اﻹذاعية والحوارات بالفضائيات من ﻻ مسؤؤلية في التبرع المجاني بإصدار أحكام أو إعطاء دروس مجانية للأشقاء  وللسياسيين في دول كبرى، وفي نفس الوقت يتباكون على عدم مجيء المستثمرين او هم يتخيلون أن تونس وحدها وبقدراتها المحدودة قادرة على اجتثاث اﻹرهاب وعلى إنجاز التنمية وعلى إنجاح الديمقراطية… من دون التعاون مع الدول  الصديقة والشقيقة في كل العالم: الجزائر، مصر، السعودية، اﻹمارات، قطر، الكويت، فرنسا، المانيا، ايطاليا، الوﻻيات المتحدة الخ…

أنا مع حق كل تونسي في ان يكون له رأي ورؤية وموقف إزاء كل القضايا، ولكن المسؤول الرسمي المباشر او السابق، ليس له الحق البتة في أن يتسبب في اﻹضرار لبلده باسم حقه في ابداء رأي صحيح او ذاتي وشاذ او مغلوط، وقد حصل هذا في بلادنا أخيرا من طرف بعضهم ، حين دعوا الى البحث عن وضع خاص  للأماكن المقدسة في مكة والمدينة، وهؤﻻء يجهلون او يتجاهلون  خصوصية هذه المسألة والمخاطر التي يمكن ان تنجر لو حصل ما تخيلوه صالحا وهم ﻻ يعرفون ما حصل في التاريخ ويحصل في الواقع اﻵن وما هو عليه الحال في القانون الدولي. هؤﻻء يجهلون أوﻻ ما يسببه كلامهم هذا من ضرر على العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ويجهلون ما تعرضت له الكعبة من عدوان وأذى في العهد اﻷموي حيث ضربت بالمنجنيق، ويجهلون ما كان الحجاج يكابدونه في الطرق من التعرض للسلب والنهب طوال التاريخ، وينسون محاولة تفجير الحرم المكي المقدس في 1979 من طرف مئات المسلحين اﻻرهابيين ويجهلون ما معناه القدرة على تنظيم وحفظ النظام والصحة والنظافة لـ2 مليون حاج في ظرف اسبوعين ويجهلون ان المسلمين ينقسمون الى مذاهب كثيرة وبعضها يكفر البعض، ويقتل بعضهم البعض بناء على الجهل او الفتاوى..

ان الدعوة للبحث عن وضع خاص للبقاع المقدسة، عبث وﻻ واقعية فيها، والقانون الدولي السائد كما العلاقات والسياسات الدولية،وميثاق اﻷمم المتحدة، كلها تجعل كل دولة ذات سيادة، هي المنفردة بالحق وحدها باﻹشراف القانوني والسياسي على اﻷماكن المقدسة فيها مهما كانت الديانات، وهي الضامنة للحريات الدينية والتعبدية وحمايتها، ولذا فالمملكة العربية السعودية حمت وتحمي مكة والمدينة وحرية الحج ومنع تحويله الى تظاهرة سياسية او طائفية ﻷن اﻷرض سعودية، وﻻ معنى لدعوة إيران بوضع خاص كما ذكر أعلاه، خاصة وإيران التي تقاسمت مع الوﻻيات المتحدة احتلال ونهب العراق، تعمل من أجل السيطرة على البقاع المقدسة السنية، بعد أن أصبحت تسيطر فعلا على اﻷماكن المقدسة الشيعية في العراق في النجف وكربلاء وسامراء والكاظمية والتي يزورها ملايين اﻹيرانيين في مختلف المناسبات الدينية تحت حراسة الباسدران والوﻻية الدينية ﻵيتي الله اﻹيرانيين الخامينئ بطهران والسيستاني بالنجف.

ان الزوار المسيحيين من خارج دول اتفاقية شنقن، ﻻ يمكنهم زيارة الفاتيكان رغم تمتعه بوضع خاص ككيان رسمي معترف به اﻻ بالحصول على الفيزا من احدى تلك الدول، والبابا ﻻ يمارس السياسة وﻻ يعارض القوانين اﻻيطالية، وحالة الفاتيكان والبابا ﻻ يمكن تخيل حصولها عند المسلمين ابدا من ناحية الوضع الخاص وهل يقبل أي وطني تونسي ان يقع التنازل رسميا عن سيادة الدولة التونسية، عن الغريبة المقدسة عند اليهود والموجودة في جربة ، ليهود من غير التونسين؟ أو بإشراف دولي؟
أحلم أﻻ يفتي التونسيون لغيرهم ما ﻻ يقبلون به لوطنهم.  واﻻماكن المقدسة في مكة والمدينة ، السيادة الكاملة عليها للسعودية دون غيرها والفاتيكان السيادة عليها للدولة اﻹيطالية وحدها، والمتدينون من كل اﻷديان لهم فقط حق الزيارة للعبادة ولوقت تحدده قوانين اﻹقامة والزيارة العابرة. ان تسييس الدين كتسييس الحج يدمر وﻻ يعمر في كل زمان ومكان.

المصدر: الجمهورية