القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / ليلة القدر …ليلة السر الرباني العظيم / Video Streaming

وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}، فليس شأنها مما يمكن للإنسان أن يدركه بنفسه، لأنّ ذلك سرّ الله في الزّمان، كما هو سرّه في المكان وفي الأشخاص، فهو الخالق للوجود كلّه، بكلّ أنواعه، وهو الذي يمنح هذا بعضاً من الخصوصيّة الّتي تجعل منه «شيئاً مذكوراً»، ويمنح ذاك بعضاً من الأسرار الّتي تجعله شيئاً عظيماً، لأنّ الّذي يخلق الوجود هو القادر على أن يمنحه قيمته. وهكذا جعل الله لهذه اللّيلة قيمتها الروحيّة: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وقد لا يكون هذا الرّقم تحديداً في الكمّ، فربما كان تقريباً للنّوع في الدّرجة الّتي يتضاءل أمامها كلّ زمنٍ من هذه الأزمنة الّتي لا تحمل إلا الذرّات الزمنيّة المجرّدة.

وهل أخذت شرفها من إنزال القرآن فيها، أم أنّ شرفها سابقٌ عليه؟ الظّاهر الثّاني، لأنّ الله يقول: {إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ}[الدخان: 3]، فهي مباركةٌ في ذاتها. وربما كان نزول القرآن فيها على أساس أنّه من الأمر الإلهيّ الّذي يتنزل به الملائكة. وأيُّ أمرٍ أعظم من القرآن الّذي هو النّور والهدى للبشريّة من خلال اللّطف الإلهيّ الّذي يصل الأرض بالسّماء، ويدفع بالحياة إلى السّير على الخطّة الإلهيّة الحكيمة في الفكر والمنهج والشّريعة والمفهوم الكامل الشّامل للحياة، الّذي يفتح للإنسان أكثر من نافذةٍ على الرّوح القادم من عند الله، ليزداد ـ بذلك ـ ارتفاعاً في السّماوات الروحيّة العليا في رحاب الله؟!.

{تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}، وهذا هو سرّ اللّيلة الّذي تتنزّل به الملائكة، الّذين يوكل الله إليهم المهمّات المتعلقة بالكون الأرضي المتّصل بالإنسان من كلّ أمرٍ يهمّه أو يتعلّق بشؤونه، في رزقه، وحركته وعمره، ونحو ذلك. كما يتنزّل به الرّوح الّذي قد يكون المراد به جبريل(ع)، الّذي امتاز عن الملائكة ـ حسب الأحاديث الكثيرة ـ بأنّه الرّسول الّذي يحمل الوحي للأنبياء ليبلّغوه للنّاس، وقد يكون المراد به الخلق العظيم الّذي يتميّز بقدرةٍ خاصّةٍ غامضةٍ، أو بطبيعة مختلفةٍ عن طبيعة الملائكة. ولكن ما هي تفاصيل ذلك الأمر؟ وما هي ملامحه الدّقيقة؟ إنّ ذلك مما لم يبيّنه الله لنا، ولكنّنا نعرف أنّ هناك بياناً لكلّ أمرٍ حكيم، أمراً من عند الله، وقد فسّره المفسّرون بالأرزاق والآجال والأوضاع المتّصلة بحياة الإنسان.

ومهما كان، مما يمكن للإنسان فهم معناه، وبلوغ مداه، أو مما لا يمكن له الوصول إلى ذلك، فإنّ الآية توحي بأنّ هناك سرّاً ربّانياً يثيره الله في هذه اللّيلة في الكون الإنساني، من خلال رحمته الّتي يرحم بها عباده، ولطفه الّذي يلطف به في حياتهم العامّة أو الخاصّة.

 

 

 

 

المصدر: الصريح


TH1NEWS