بيد أن تحسن النتائج الرياضية ولعب الرباعي الكبير لدور ريادي في المسابقتين القاريتين هو بمثابة الشجرة التي تحجب الغابة فهذه النجاحات الظرفية تخفي خلفها مشاكل عميقة قد تجعل من بروز الموسم الحالي مجرد حادث قد لا يتكرر مستقبلا ولو أن الموسم القادم سيشهد نفس التوزيع تقريبا في المسابقتين بتواجد الترجي الرياضي والنجم الرياضي الساحلي في دوري أبطال إفريقيا مقابل في كأس “الكاف” بالنادي الإفريقي واتحاد بن قردان (معوض السي أس أس عن النسخة الحالية)..
ارتباط وثيق
شهدت سوق الانتقالات في العشرية الأخيرة وخاصة بعد الثورة ارتفاعا جنونيا لأسعار اللاعبين والمدربين وباتت الهوة سحيقة بين الرباعي التقليدي وبقية الأندية..
الارتفاع الصاروخي للإنفاق في سوق الانتقالات مع تضخم الأجور عوامل لم يكن مهيئا لها ودون أرضية ملائمة وهو ما جعل كل الأندية تقريبا ترتبط بشدة برؤسائها وخاصة في الأندية الكبرى وتحديدا سليم الرياحي في النادي الإفريقي وحمدي المدب في الترجي الرياضي ورضا شرف الدين في النجم الرياضي الساحلي والمنصف خماخم في النادي الرياضي الصفاقسي..
هذا الارتباط بقدر ما ساعد هذه الأندية في الحفاظ على مكانتها التنافسية محليا وبدرجة أقل قاريا فإنه أغرقها في الديون والنزاعات التي شملت 3 على أربعة من بين الكبار بما أن ديون نادي باب الجديد قدرت بحوالي 80 مليون دينار مقابل نصف المبلغ لفريق جوهرة الساحل فيما يعيش السي أس أس وضعا أسوأ وهو الذي سلطت عليه “الفيفا” عقوبة بالمنع من الانتداب لسوقي انتقالات متتاليتين بسبب إخلاله بتعهداته المالية تجاه بعض لاعبين السابقين دون الحديث عن النزاعات المحلية وأيضا الخارجية لبقية الأندية الأخرى والتي لم يستثن منها أي ناد..
أزمة رئاسة
الارتباط الوثيق بين الأندية والرؤساء جعل إمكانية خلافتهم تكاد تكون مستحيلة فحمدي المدب يدخل موسمه على الرابع على التوالي كرئيس للترجي الرياضي دون انتخاب بعد أن تخلف معوضوه في جلسات سابقة تمت الدعوة إليها دون أن يتقدم البديل..
أما في النجم الرياضي الساحلي فلا حديث اليوم عن جلسة عامة انتخابية رغم أن رضا شرف الدين قد انتهت ولايته على رأس الفريق منذ يوم الجمعة الماضي..
من جهته يعيش النادي الإفريقي غموضا كبيرا فرئيسه بين انسحاب ومواصلة كما أن تعويضه لن يكون بالأمر الهيّن على اعتبار المبالغ الضخمة التي أدرجها كديون للنادي تجاهه عقب خمس سنوات من الرئاسة..
الوضع في السي أس أس يبدو مختلفا فلطفي عبد الناظر اتبع سياسة الأرض المحروقة قبل رحيله ليترك جبلا من الديون والنزاعات التي خلفت حصارا كبيرا كبل خلفه المنصف خماخم الذي يعيش اليوم وضعا لا يحسد عليه بعد عقوبات الجامعة في نهاية الموسم الذي ودعناه..
المدب دون منافس
مع سخاء رئيس نادي باب سويقة حمدي المدب وحجم الدعم الذي يقدمه للفريق يمكن التأكيد أن يحوز إجماع العائلة الترجية فلا أحد بمقدوره منافسته على قيادة الأحمر والأصفر..
غياب مرشح بديل في المرات السابقة يكشف أيضا مدى خمول العائلة الترجية وقبولها باستمرار الرجل في منصبه ذلك أن ما ينفقه المدب يبقى من الصعب إيجاد من يمكن أنه يعوضه..
وفي ظل الوضعية الحالية لا يعرف مدى شرعية استمرار المدب على رأس الفريق أو حتى توقيت اختياره للرحيل أما معوضه فيبقى من المستعصي إيجاده مع “البحبوحة” المالية التي يعيشها النادي..
الرياحي المشكل والحل
يمثل تواجد سليم الرياحي على رأس الإفريقي مشكلا وحلا للفريق في الآن ذاته ذلك أن الفريق يستمد استمراره في تواصل رئاسته للأحمر والأبيض..
الإشكال في الإفريقي مالي بالأساس فأصحاب القامات المديدة تسييريا متوفرون بالجملة على غرار كمال ايدير وماهر السنوسيومهدي ميلاد ومهدي الغربي وإلياس بن ساسي وغيرهم..
توفر المال يبقى العائق الوحيد أمام من يريد خلافة الرياحي ذلك أن كبارات النادي لا يملكون ما يسمح لهم برئاسة الفريق وحتى إن توفر ذلك فإن تقدم أغلبهم في السن على غرار بوصبيع وعباس بالأساس يعيق المسألة..
الإفريقي يبقى بحاجة إلى حزام مالي عبر هيئة دعم قوية لتأمين خروج الرياحي دون أن تتضرر مصالح الفريق وقدرته على تحمل أعبائه المالية ليكون كعادته قادرا على لعب الأدوار الأولى حيث مكانه الطبيعي..
شرف الدين انتهت ولايته
انتهت يوم الجمعة الماضي المدة النيابية لرئيس ليتوال وهو ما يمثل كابوسا للكثيرين في الفريق خصوصا لو قرر رضا شرف الدين أنقذ الفريق بعد إقصاء حافظ حميد أن يغادر دفة التسيير..
شرف الدين وفر الاعتمادات المالية ليواصل النجم الساحلي لعب دوره الطبيعي كأحد كبار اللعبة وهو ما مكنه من التتويج بخمسة ألقاب خلال سنوات من الرئاسة (3 كؤوس وبطولة وكأس “الكاف”)..
منطقيا فإن قرار البقاء ليس مرتبطا بعائلة النجم أو جمهوره بل برغبة شرف الدين فالرجل أعلن صراحة عن نيّته في التنحي بعد أن ناله سيناريو نكران الجميل في نهاية السنة الماضية ضمن مشهد أعاد إلى الأذهان ما حصل لمعز إدريس ذات موسم حينما شتمه الأحباء في مباراة فاز فيها ليتوال ليتوال برباعية أمام الأولمبي الباجي
موضوع آخر يتعلق ببقاء شرف الدين وهو الدعم المالي لفريق يعاني عجزا بـ40 مليارا (كما كشفه رئيس اللجنة المالية للفريق الحاج رضا الغزي) وتركه الداعمون يتخبط لوحده ولو لا شرف الدين لما واصل النجم مسيرته كفريق كبير يراهن على الألقاب محليا وقاريا في مختلف الفروع..
خماخم مجمد
منعت الجامعة رئيس السي أس أس المنصف خماخم من ممارسة أي نشاط يتعلق بكرة القدم وهو ما سيكون عائقا كبيرا للفريق على امتداد مسيرة الرجل على رأس الفريق ناهيك أن الجامعة رفضت تسريح عضو من مكتبها ليشارك في رحلة الفريق إلى الجزائر كما هو معمول به بسبب تواجد خماخم كرئيس للبعثة كما تم رفض توثيق عقد المدرب البرتغالي الجديد بسبب توقيع الرئيس الحالي الذي لا يعترف به مكتب الجريء..
خماخم يعيش وضعا صعبا فالأزمات تحاصره من كل جانب في غياب المال ودعم الرجال وهو ما تفسره الانسحابات صلب هيئته المديرة الأمر الذي سيلقي بظلاله على وضعية ناديه دون شك..
تجميد المنصف خماخم سيظل عائقا يعترض الفريق في مراسلاته الرسمية وفي تثبيت عقوده كما أن قد يكون عائقا في تواصله مع محيطه خصوصا أن هيئته لم تتحرك للطعن في القرار بعد أن رفضت القبول أساسا..
المصدر: حقائق