شاه لهذه الأسباب كان أجدادنا يدقون الأوشام في تونس

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / لهذه الأسباب كان أجدادنا يدقون الأوشام في تونس / Video Streaming

رغم تحريم الكثير من الأديان لعادة الوشم، فإن أجساد معظم الأجداد والجدات حملت وشوماً مع أنهم متدينون. تلونت أيديهم وأقدامهم بألوان لرسومات وعلامات، اعتقد البعض أنها ليست أكثر من أشكال هندسية وصور لحيوانات وطيور.

فهل كانت بالفعل كذلك أم أنها تضمنت رموزاً ومعاني باطنية؟

خرافات الوشم

تعددت أسباب الوشم وأشكاله عند القدماء. كانت السيدات يتبركن بالوشم للإنجاب ولجذب العرسان.

وإذا مات أبناء المرأة في سن صغيرة، تحرص على دق وشم للطفل التالي، على شكل نقطة زرقاء أو خضراء، في وجهه إن كان ولداً، وعند أسفل كعب القدم أو أعلى الجبهة إن كانت بنتاً.

كما يدق وشم لوحيد أبويه على الشفة العليا، وتُرسم علامة دائرية الشكل قرب أنفه للوقاية من الحسد.

ولكل مرض وشم معين للعلاج؛ فآلام الأسنان يشار لها بالوشم قرب أحد المنخارين، ومن أصيب في عينيه بضعف النظر تُدق ثلاثة خطوط صغيرة متوازية جانب جبهته.

أما المصاب بمرض البهاق، فتُدق ثلاث نقاط على إصبع الإبهام في إحدى يديه.

وفي الوشم أيضاً وقاية من الحسد. وهو ما تقول السيدة ثناء (80 عاماً) من محافظة المنيا في مصر، والتي رفضت ذكر اسم: “إحنا بنرسم الكف أو الخمسة كعلامة لآل البيت النبوي، يعني لما نعمل خمسة في وش حد يبقى كأننا بنقول له افتكر آل البيت وصلي ع النبي ومتحسدش”.

من أين جاء الوشم؟

استخدم الوشم في الحضارات البدائية بحافز الرغبة في تمييز القبائل بعضها عوضاً عن التشريط، وهو عمل عدد من الخطوط في الجلد، والذي يترك يترك جروحاً غائرة على البشرة يتعذر معها التحكم في الشكل المُراد تركه على الجسد.

ويسرد الباحث “حسيني علي محمد” في كتابه “رموز الوشم الشعبي” أن هناك بعض الرموز المُغرقة في الإباحية اتخذتها حضارات البحر المتوسط شكلاً شائعاً من أشكال الوشم على الجسد، أو النقش على البيوت وغيرها.

ويوضِّح حسيني أن الإباحية هنا غير مقصود منها الانغماس في الشهوات، إنما تستخدم ليغض الآخر بصره عن الشخص الموشوم، فلا يطيل النظر إليه “حياءً من الرسم الإباحي”، ومن هنا يسقط الحسد الذي يعتبر النظر أول خطوة فيه.

في تونس: أصل الوشم عبادات قديمة

الباحث الفرنسي “برتولون” يؤكد في دراسته التي نشرت عام 1904 تحت عنوان “أصول الوشم عند الشعوب الأصيلة في شمال أفريقيا” أن مرجع العديد من أشكال الوشم في شمال إفريقيا المنتشرة حتى اليوم في تونس وليبيا والجزائر، يعود إلى عبادات قديمة. الأمر الذي يؤكد ارتباطها بأصول حضارية ومعتقدات ارتبطت بشعوب بحر إيجه.

وتقول صابرين سعدني من تونس إن في بلادهم وشوماً مخصصة للرجال فقط، توضع إما على الساق أو اليد وهذه الأماكن لم تكن عشوائية، فلكل وشم ورمز ووظيفة في مكانه.

الوشم بوجه المرأة للجمال، وباليد للخصوبة، وآخر للذين لم يرزقوا بأطفال، والرمز + على وجه الفتاة هو الأكثر شهرة، ويعبر عن حرف التاء باللغة الأمازيغية، وهو أول حرف من كلمة تامتوت أي المرأة الجميلة.

وتسمى السيدة التي تدق الوشم “العداسية”، وقد انتقلن معظمهن إلى تونس من ليبيا والجزائر. وتعتبر امرأة فاضلة يتبارك بها الناس ويقدمون لها الهدايا.

بشكل عام، امتهن الأشخاص الذين يقومون بدق الوشم سواء لأنفسهم أو لغيرهم أعمالاً معينة. فكانوا إما نحَّاسون “مُبيضو النحاس”، أو غجر، أو حواة “ممتهنو السحر”، أو رفاعية “مروضو الثعابين”، أولاعبو الألعاب البهلوانية وألعاب القوى.

لكن عادة الوشم تكاد تختفي بسبب تحريم الإسلام تحديداً لها. فقد باتت غريبة لا شعبية لها في المدن الرئيسية في مصر. كما أن فريقاً من أهل العلم يضعونه في خانة الدجل والخرافات الشعبية.

لكن الوشم بلا شك بقي حاضراً في الثقافة الشعبية للقرى والمدن الصغيرة في الأرياف والصعيد، خصوصاً الذي يتصف بدلالة، ويرتبط بصد حسد، أو فك عمل. وهناك بلا شك من يؤمن به ويعتقد في قدرته.

رصيف 22

المصدر: الجمهورية