أكاد أجزم بأنّ ما يدرّه التسوّل (خاصّة بالنسبة للمتسوّلين ذوي الخبرة والذين أسمّيهم أنا محترفين) يجعل من يبسطون راحاتهم طالبين «حويجة لله» من أصحاب الدّخل الضخم والعالي.. فرغم انتشار المتسولين مثل الجراد في العاصمة، أتصوّر أنّ «المزمّر فيهم» لا يقلّ دخله عن ألف دنيار في الشهر، فكم هم التونسيون الذين يقبضون مثل هذا المبلغ في آخر الشهر؟ ولن نضيف جديدا اذا قلنا انّ الاستجداء لا يحتاج الى مهارات أو مؤهّلات، بل ـ فقط الى قدرة فائقة على التمثيل و«التمسكين» ومرّة تخطف الصنارة ومرّة تخيب..
وبما أنّ المطلوب من أيّ شغل (نشاط) هو المال، أقترح أن يصبح التسول مهنة قائمة الذات ومهيكلة ولم لا لها نقابة، ممّا ينظّم هذا القطاع ويمكن من تحديد منطقة عمل كلّ متسوّل، ويضع حدّا للفوضى.. كما آقترح على الهيكل أو «الغرفة» التي ستجمع المتسوّلين أن توفّر لهم تغطية اجتماعية بحيث لا يعقل ألاّ يجد المتسوّل رعاية صحّية مجانية عندما يصاب بأيّ مرض كان، ولو أنّي أتوقّع أنّ نسبة هامّة منهم ـ وبما يغنمون من مال وفير ـ يفرّون من المستشفيات واكتظاظها لتلقّي العلاج في المصحّات الخاصّة و«اللّي عندو الكعب، يلعب كيما يحبّ».
نجيب
المصدر: الجمهورية