شاه الــقــلـم الــحــــر: الـدول الحديثـة جمعت بين التنمية والـــديمقراطيــة وتونس جمعت بين الديمقراطية وعـــــدم التنمية

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / الــقــلـم الــحــــر: الـدول الحديثـة جمعت بين التنمية والـــديمقراطيــة وتونس جمعت بين الديمقراطية وعـــــدم التنمية / Video Streaming

بقلم الأستاذ عفيف البوني

إن تركنا جانبا ظاهرة وجود النمو la croissance في الدول الريعية وذات اﻷنظمة  المختلفة عن النظام الديمقراطي فذلك ﻻ يعني التنمية، لعدم وجود المجتمع المدني ومجتمع العمل ومجتمع المعرفة، وإن تفحصنا تاريخ  العالم الحديث نجد أن الدول النامية pays développés هي الدول التي استطاعت بتحول سلمي كبريطاني أو بالثورات كفرنسا أو باﻹنتفاضات الكبيرة كالبرتغال واسبانيا ودول أوربا الشرقية منذ أواخر القرن العشرين.. كل هذه الدول قد حققت تنميتها البشرية واﻹقتصادية في الوقت نفسه أي في إطار وجود النظام الديمقراطي التعددي، والسؤال:لماذا لم يحصل نفس الشيء في تونس أي توازي تحقيق التنمية وتحقيق الديمقراطية منذ 2012؟
صحيح أنه يجب اﻷخذ باﻹعتبار اختلاف الزمان والمكان وان التاريخ ﻻ يعيد نفسه، وصحيح أن منطقتنا المغاربية والعربية هي محل أطماع يجري حولها صراع متعدد اﻷشكال من قبل قوى النهب  الكبرى وهي نفسها تعمل على تأخير أو إجهاض التنمية والديمقراطية في تونس وفي محيطها.. كل ذلك صحيح، لكن حين توجد العزائم الكبيرة يمكن أن تتحقق اﻷهداف الكبيرة مهما كانت الموانع كبيرة أيضا، فالحركة الوطنية التونسية حققت استقلال البلاد وبناء الدولة في ظروف عدم التكافؤ بينها وبين اﻻستعمار، وحصل الشيء نفسه في الجزائر الخ.. ان  ما يحصل في تونس ومنذ 4 سنوات، هو تفاقم وتعدد اﻷزمات وانكشاف الوعود الوهميةباﻹنقاذ، بالرغم من توفر الشرط اﻷول للتنمية أي النظام الديمقراطي، وهذا يعني أن النخبة السياسية ممثلة في اﻷحزاب الكبيرة وخاصة الحاكمة تفتقر الى القدرة على اﻹبداع، إبداع الحلول اﻹستثنائية والتاريخية والعقلانية، هذه النخبة هي المسؤولة اليوم عن توقف التنمية وعن احتمال انتكاس المسلسل الديمقراطي، هي المسؤولة عن تأخر الحسم في محاربة اﻻرهاب والتهريب والفساد، ودون هذه الحرب، لن ينفع كل ادعاء  بلعن الشياطين أو اتهام اﻹستعمار أو النظام السابق، الحاكمون اليوم، أفرادا ومؤسسات، وحدهم المسؤولون.
حين تتوقف التنمية، تنتهي الديمقراطية، ﻻ ولن توجد ألواحدة منهما دون اﻷخرى، مع استثناء وجود النمو، وهو غير التنمية، في بعض الدول الريعية.

المصدر: الجمهورية