القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / همزة وغمزة : حديث السجين / Video Streaming

كتب الأمين الشابي 

 

ظاهرة هامّة ما فتئت تترسّخ في الفضاءات السجنية ومفادها انفتاح هذه الفضاءات الإصلاحية على محيطها الكبير منها ما تعلق بإقامة أيام ثقافية داخل السجون ومنها أيضا حضور من خارج أسوار السجن لمتابعة ابداعات النزلاء وكم كانت جميلة ومقنعة ما أبدعته أصابهم من رسوم و تحف وكم هي جميلة تلك الحفلات الموسيقية من تقديم النزلاء أنفسهم فضلا عن بعض المسرحيات سواء من تقديم النزلاء أو بعض الفرق المسرحية التي تجوب السجون و تقدم عروضها أمام النزلاء وآخر هذا الانفتاح على السجون على محيطه هو تنظيم موائد افطار للسجناء مع أهاليهم و أحبائهم.

كلّ هذا جميل وله تأثير ايجابي على معنويات السجين ليتخلص من رتابة الحياة وراء الأسوار المغلقة ولكن أحد السجناء، ولم يمر على مغادرته القضبان إلآّ بضعة أشهر بعد أن كان محكوما عليه بـ 24 سنة، ذكر لي وأنّه عندما كان في السجن لا يشغله شيئا باعتباره اعتاد على السجن ورتابة الحياة فيه “وخبزو مخبوز وزيته في الكوز” كما يقال بل أنّ ما يثلج صدره، حسب ما رواه لي، هو كلام التلفاز الذي يتحدث أحيانا عن الإحاطة بالنزلاء عند مغادرتهم السجن.

ولكن ، يضيف محدثي، ما إن غادرت السجن حتى كثرت “محوني” و مشاكلي وأفقت على الكم الهائل من الصعوبات التي تنتظرني. فوجدت نفسي بلا مأوى  – ليحميني من قساوة البرد وحرّ الصيف – وبلا عمل – ومن يقبل تشغيل سجين سابق – و بلا سند – بعد أن فقدت الوالدين وأنا في السجن – وبلا زوجة – وأنا ذو الـ 50 سنة من العمر ولم أتزوج بعد – مضيفا أليس البقاء في السجن أفضل و أريح….؟

حديث هذا السجين، و لا يمثّل إلاّ عيّنة، يحلينا على الكثير من الأسئلة الحارقة لهذا الصنف من المواطنين الذين زلّت بهم القدم ونالوا ما يستحقونه من العقاب، أليس من حقهم مواصلة حياتهم بصفة طبيعية ؟ ولكن السؤال الأهم ماذا  أعددنا لهم لإدماجهم في محيطهم الاجتماعي والإقتصادي والحال وأنّ نظرة المجتمع لنزلاء السجن مازالت لم تتجاوز النظرة النمطية لهم ؟ وكذلك من شروط تشغيل أي مواطن نظافة بطاقة عدد 3 ؟ فهل مهدنا لإدماج السجين بتغيير كل هذه الأشياء…

المصدر: الصريح