القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / امارات ودويلات تقسم الكرة التونسية… / Video Streaming

طيلة عقود من الزمن لم تشهد كرة القدم التونسية مثل هذا “التناحر القبلي” الذي بتنا نعيش على وقعه في زمن الحكّام الجدد الذين تغلغلت ابان تعهّدهم بتسيير دواليب الجلد المدوّر في تونس، حيث تغلغلت نظرية الجهوية المقيتة الى حدّ بات ينذر بعودة لمرّبع “العروشية” ونصرة “بنو العم”..
في كرة ما بعد الثورة صرنا نتحدث عن دويلات وامارات واقتسام للغنيمة والكعكات بمنطق الترضيات حسب درجة الولاء والقرب الجغرافي وحتى الوجداني أحيانا من صاحب القرار..وهذا ليس تجنّيا على المكتب الجامعي للدكتور وديع الجريء مع احترامنا له ولمساعديه، بل ان الأمر أضحى قناعة شبه حاصلة يتداولها الخاصة كما العامة في كواليس كرة القدم التونسية..
هنا سيتحدث البعض عن سيناريو معاكس يجسّد انتفاع عدد من الفرق في زمن سابق من نفوذ أصحاب السلطة وخاصة السياسية منها..وسيقول شقّ ثان انها ليست بدعة استحدثها المكتب الجامعي الجديد…غير أن ما نعيش على وقعه أسبوعيا يؤكد اننا سائرون -وبسرعة الصوت- الى حرب جهويات وقودها كرة القدم…
في تونس والى حدّ غير بعيد، كان من شبه المتفق عليه هو وجود حدّ لسقف طموحات أندية الجنوب (الذي نعتزّ به دون شكّ كما كل شبر من البلاد)، ويجزم كثيرون أن فرق المناطق الداخلية غير مسموح لها حتى مجرّد التفكير في ملامسة الحلم والاقتراب من الكبار…فذلك أمر مقضي..وهذا ما قد يكون سببا في انزعاج البعض من موسم الهجرة الى الجنوب في مسار كرة القدم التونسية التي شهدت خارطتها تغييرات كبيرة في السنوات القليلة الفارطة..
وسط كل ما يحدث، وبعيدا عن حملات التشويه العشوائية من قبل عدد من المعارضين لمجرّد المعارضة، فلا بدّ من وقفة تأمل قبل اطلاق أحكام انفعالية وعاطفية من قبل عدد من المحلّلين قد تسهم في سكب مزيد من البنزين على النار، فأندية مثل نجم المتلوي والملعب القابسي واتحاد بنقردان (بعيدا عما يتردّد عن حظوة خاصة من قبل ابن الدار)، فقد اجتهدت جميعها وتطورت كثيرا الى درجة استقطاب هذه الجهات للاعبين بارزين ساهموا في “انتفاضة جنوب” تبقى كرة القدم ملاذه الوحيد في زمن التهميش وغياب الاستثمار،وهذه حقائق قد تغيب عمّن يعتمد التنظير عند جلوسه على كرسي وثير أو عند نقر بعض الكلمات وراء شاشة الحاسوب..
الوقائع تقول ان بعض النوادي اكتسبت حصانة معنوية من وجود الجريء كرئيس للجامعة خاصة أن بعض الحكام باتوا يخشون طبعا تبعات ظلمهم لهذه النوادي المستضعفة في زمن سابق..ولمن يشكّك عليه تذكر سيناريو غازي بن غزيل ومختار دبوس..لكن حساسية الوضع بل واحتقانه أحيانا يفرضان تغليب جانب من الموضوعية والحيادية حتى لا نزيد في تأجيج اللهيب المنتشر بيننا..
قد يكون الجريء أخطأ في بعض القرارات والتقديرات، وهذا وارد الوقوع ويتفهّمه الجميع عدا المرضى طبعا..غير أن ما لا يمكن قبوله ولا تشجيعه هو تطوّع البعض من مسيّري هذه الأندية نصرة ودفاعا عن المكتب الجامعي ظالما أو مظلوما،في ذلك تجاوز كبير للمهام والصلاحيات وطعن لمصداقية الرهان وهي “صبيانيات” كان بالامكان تفاديها للحدّ من التلاسن ودرجة الاحتقان..
في كرة صار خلالها بعض رؤساء الأندية متفرّغين بشكل تام لنصرة المكتب الجامعي وضرب منتقديه، وتخصيص مناشير فايسبوكية للتجييش والتحريض، في خضم كل ذلك بات من الضروري فرض نقطة نظام للحدّ من هذه الفوضى السائدة التي جعلت الكرة مطيّة لمزيد تقسيم ما تبقى من البلاد الى أقاليم ومناطق حشد ومساندة وأخرى كبؤر للغضب والتوتر..وبينهما مناطق خضراء آمنة تأتي بين المنزلتين..

طارق العصادي

المصدر: الجمهورية


الأكثر متابعة الآن: