شاه تونس 2017: أحـــلام كـثـيــرة وانجـازات قـليلــة بقلم المنصف بن مراد

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / تونس 2017: أحـــلام كـثـيــرة وانجـازات قـليلــة بقلم المنصف بن مراد / Video Streaming

بقلم المنصف بن مراد

أعلن رئيس الحكومة يوسف الشاهد جملة من الإجراءات لفائدة الاعلام وخاصّة الصّحافة المكتوبة ونظيرتها الالكترونية، ولن نذيع سرّا اذا قلنا إنّ القطاع بأغلب مكوّناته في أسوإ أوضاعه..

قبل تغيير النظام كان قطاع الإعلام يخضع لضغوطات كبيرة وإن صمدت بعض الجرائد المستقلّة على غرار المغرب والشعب و«لوفار» و«رياليتي» (حقائق) و«آلرأي» وجميعها جسّمت شرف المهنة وطموحات كل الديمقراطيين، في حين كانت «أخبار الجمهورية» تدافع عن المعارضة، ومن ذلك أنّّها لم تكتب ولو سطرا واحدا ضدّ المعارضين لكنّها في الوقت نفسه لم تعاد النظام..

كانت هذه الصّحف منارات تعبّر عن شواغل الشعب وتندّد بدرجات متفاوتة بنقائص السلطة دون تجاوزها ما يعتبر ـ آنذاك ـ خطوطا حمراء مثل ممارسات العائلات الحاكمة وبقاء الرئيس في الحكم، علما انّ جريدة «لوداس» كانت تنتقد بكل حرية بما انّ مقرّها في باريس…

لكن بعد تغيير النظام تركت كلّ الحكومات قطاع الإعلام في مهب الرّيح حتى يصبح تحت قبضة كبار الأحزاب ويستغلّ كبار المهرّبين والفاسدين هذا الوضع المزري لشراء ذمم بعض الإعلاميين أو للتخلّص من الصحف المستقلة التي لا تخدم مصالحهم!

والثابت أنّ القرّاء لاحظوا اندثار بعض العناوين وتغيّر دورية البعض الآخر، ذلك ان الصحافة المكتوبة أفل نجمها أمام التلفزات والإذاعات وسرعة رواج المعلومة بالوسائل الالكترونية، وكلّها لا تكلّف تقريبا شيئا للمتلقّي اضافة لتدهور القدرة الشرائية للمواطن وتقلّص حجم الاشهار الخاصّ في الصّحف الورقيّة وفرض شروط مجحفة ومتناقضة لنشر الإعلانات العموميّة علما انّ أغلب الصّحف المكتوبة في العالم تضمن استمراريّتها بفضل مداخيل الاشهار التي تناهز 60 ٪ من المداخيل الجمليّة!

أمّا اليوم فإنّ وضع الصّحافة المكتوبة خطير ناهيك ان كبار الأحزاب لم تبادر باتخاذ قرارات جريئة لانقاذ هذا القطاع الذي يشغل أكثر من 6000 تونسي نظرا الى ان أجهزته تنتقد هذه الأحزاب ولا تخدم عموما مصالحها..

والان نحن في انتظار تفعيل قرارات رڈئيس الحكومة لفائدة الصحافتين المكتوبة والالكترونية كما نطالب بمساندة صحافة الرأي والصحافة المستقلّة دون حسابات أو إيثارات حتى لا تكون لفائدة المؤسّسات الإعلامية الكبيرة دون سواها أو لفائدة من يشاركون في اللجان التي ستتخذ القرارات لفائدة الصّحف..

ولن ندع الفرصة تمرّ دون شكر المؤسّسات والشخصيات الذين ساندوا الخط التحريري المستقل لـ«أخبار الجمهورية» من بينهم السادة حمدي المدّب (Délice Danone) وحمادي بوصبيع (Coca Cola) ومنصف السلامي (One Tech) ومنصف المزابي (Renault) وحمادي ريزة (Maghreb Papier) وأحمد كرم (بنك الأمان) و (Tunisie Télécom) وهم اذ يدعموننا، فانما يفعلون ذلك خدمة لمستقبل تونس واحتراما للإعلام الحرّ.

كما يتوجّه شكرنا وامتناننا الى قرائنا الأوفياء ودون ان نتغافل عن الصّحفيين والإداريين والتقنيين الذين يعملون في الجريدة وكلهم يؤمنون بحرية الإعلام وبضرورة التضحية من أجل مؤسّستهم وبقائها وصامدون رغم الظروف الصّعبة!

في الختام وبعد مرور ستّ سنوات على تغيير النظام علينا ان نطرح بعض الأسئلة علما انّي صرّحت في عدّة وسائل اعلام مكتوبة وسمعيّة وبصرية انّ تونس ستتمتّع بالاستقرار والنموّ والحرية بعد 15 سنة تقريبا اي سنة 2025..

وهذه أسئلتي:

1) هل حقق التغيير حرية الرأي والتعبير والإعلام؟ الجواب هو نعم، لقد تمتّع الشعب بهذه المكاسب.

2) هل كانت الانتخابات حرة؟ الجواب نعم رغم انّ بعض الأحزاب ضخّت أموالا طائلة لشراء الأصوات وهو ما ينفي صفة النّزاهة عن الانتخابات.

3) هل عرفت تونس نموا اقتصاديا واستقرارا اجتماعيّا؟ الجواب لا.. لقد تقلّص النمو وتفاقمت المديونية وازداد الفقراء فقرا وارتفع عدد الاحتجاجات والاضرابات.

4) هل أصبح الارهاب والتطرّف والعنف تهديدا ثابتا لبلادنا؟ الجواب نعم، والمسؤولية تتحمّلها ـ أساسا ـ الترويكا التي سمحت للمتشدّدين بالتمركز في أكثر من جهة من أرضنا الطيّبة ولأنّ حكومتي الجبالي والعريض كانتا متسامحتين مع الحركات العنيفة وحتى الارهابيّة مثل أنصار الشّريعة.

5) هل التهبت الأسعار وباتت الطبقات الوسطى عاجزة عن ضمان قوتها وتأمين حاجياتها؟ الجواب على هذا السؤال لا يمكن أن يكون الاّ بنعم.

بصفة عامّة، لئن حقق تغيير النظام بعض المكاسب السياسية فانّ الارهاب والاضرابات غير الشرعية سبّبت مشاكل خطيرة لتونس وشعبها، في حين كنّا نحلم بتونس العدل والحرّيات وحقوق الانسان والنمو الاقتصادي برقمين والتشغيل والثّقافة الهادفة وتنمية الولايات التي أقصيت وهمّشت في عهود سابقة.

المصدر: الجمهورية