شاه عصام جمعة ورياض محرز..ولعنة “العقليّة التونسيّة”

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / عصام جمعة ورياض محرز..ولعنة “العقليّة التونسيّة” / Video Streaming

مع اقتراب آجال اسدال الستار على العام الحالي، ووفق الأعراف والبروتوكولات الجاري بها العمل كرويّا فانّ أكثر من محمل اعلامي وهيكل رياضي دولي (وخصوصا في كرة القدم) شرع في توزيع الجوائز على المجتهدين وممن كشفوا عن مهارات ومخزون ونبوغ كرويّ يستحق الاشادة بغير الطرق التي ألفناها في تونس عند تأليه بعض الأسماء لمجرّد هدف يسجّل أو على خلفية بروز ظرفي مؤقّت يلهم مخيّلة البعض لاستعارة أوصاف وألقاب وهمية لا يستقيم الحال في توظيفها مع ما نعيشه من رداءة في “العالم الثالث كرويّا”..
في هذه الأثناء تغافل الكثيرون لسبب أو لأخر عن غياب تام للأسماء التونسية ضمن فيالق المرشّحين لجوائز القارة السمراء لنيل الكرة الذهبية الافريقية أو كذلك ضمن تصنيف أفضل الأسماء الصاعدة..وتعمّدنا حصر الاهتمام عند هذه الزاوية الاقليمية البحتة لأننا أبعد ما يكون طبعا عن دخول رهان مقارعة صفوة لاعبي كرة القدم عالميا..فذلك من ضروب الجنون حتى عند مجرّد التفكير فيه سرّا وليس جهرا وعلانية.
مع هذه النظرة التي يعتبرها البعض تشاؤما، فان الردّ جاء سريعا من القطر الجزائري الشقيق وعنوانه رياض محرز الذي ملأ الدنيا وشغل الناس في عام تاريخي قضّاه في مهد الكرة أنقلترا مع ناد مغمور اسمه ليستر سيتي الذي قلب خارطة الكرة في البريمير ليغ..وكجزاء طبيعي مفترض لاقى محرز مكافأة مزدوجة مساء الاثنين حين جاء كسابع التصنيف عالميا في السباق نحو الكرة الذهبية..كما حظي يومها أيضا بنيل لقب أفضل لاعب افريقي في استفتاء “البي. بي. سي”..واذا لم تعبث “الأيادي الملطخّة” في الاتحاد الافريقي للعبة فان هذا الجزائري وبمنطق الأرقام سيكون أول القائمة المرتقبة..
هنا تعمّدنا سرد معطيات حول الفتى الجزائري الأعسر، ولن يكون ذلك أمرا اعتباطيا ومسقطا على واقعنا الكروي، بل ان هذا الاسم الذي لم يكن يعني شيئا للجزائريين أنفسهم منذ سنتين، قد صنع مسيرته باصرار سيزيفي رهيب ولم يعرف في مسيرته سوى بعض الفرق الهاوية في فرنسا قبل بلوغ محطة لوهافر ومنها مرّ الى ليستر حيث يعيش راهنا مجده الكروي وبات مطلبا صريحا لكبرى الفرق في العالم..
ومن المحطات التي تصنّف ضمن المضحكات- المبكيات كما تم تداوله عن مسيرة محرز، أنه حاول ذات سنة تجربة حظّه مع فريق لونس الفرنسي، غير أن ادارة نادي الشمال الفرنسي لم تبد أيّ تحمّس لاختباره وكانت حجّة مسيّري الفريق يومها أنها تمتلك في مثل خطّته اللاعب عصام جمعة..
بين هذا وذاك تحامل رياض محرز على نفسه وأجاد نحت مسيرته..فيما ضاع “هدّافنا التاريخي” بين غياهب كون وبراست وأوكسار والكويت والسيلية ونادي دبي في الدرجة الثانية بالامارات، وبذلك تلاشى لاعب ألّهه كثيرون في زمن سابق وتفنّنوا في تعداد خصاله بين هداف من طينة نادرة وصاحب طاقة بدنية جبّارة والى غير ذلك من الأوصاف متعلّلين بأرقامه كأفضل هداف في تاريخ منتخب تونس متناسين أن نصفها تم توقيعه ضد مالاوي وشبيهاتها في التصنيف والمستوى..
أمثال عصام جمعة هم كثّر للأمانة في كرتنا العليلة، واذا ما استثنينا بعض الأسماء على غرار حاتم الطرابسي وزبير بيّة وأيمن عبد النور ممن كان يشار اليهم بالبنان في القارة العجوز، فان مرور بقية التونسيين كان باهتا في أوروبا ولم نسمع سوى عن تشكيّاتهم من ارتفاع النسق وعدم التأقلم مما مهّد لعودتهم سريعا لاستكمال مسيراتهم بين ظهرانينا..
مثل هذه المقارنات تثبت أن انحسار الطوحات الكروية ولنقل بصريح العبارة انعدامها عند المحترفين التونسيين سببها الأول والأخير هي العقلية التي تنحصر في جعع الأموال واختلاق الذرائع لتبرير الفشل..فمن تعلّقت همّته بالمجد الكروي كان بامكانه بلوغه مهما انتصبت العراقيل..وأما بمثل ما نملك فلا يحقّ لنا أن نحلم ولا هم يحزنون…

طارق العصادي

المصدر: الجمهورية