شاه فيصل البعطوط يكتب : “جوع يكفر و ثراء يكذب…”

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / فيصل البعطوط يكتب : “جوع يكفر و ثراء يكذب…” / Video Streaming

تونس-الاخبارية-وطنية-اراء-رصد

كتب الاعلامي فيصل البعطوط المقال التالي في صحيفة “العرب” القطرية:

بعد أقل من شهرين على تسلمه لمهامه كرئيس لثامن حكومة تونسية في أقل من 6 سنوات، يشك كثيرون في أن يوسف الشاهد يجد وقتا كافيا ليسحب نفسا طويلا، أو ليأكل مع أطفاله، ذلك أنه منذ اليوم الأول لمجيئه وإلى يوم الناس هذا لا يفعل غير إطفاء الحرائق المندلعة هنا وهناك، حامدا الله على انه جاء رئيسا لـ»حكومة وحدة وطنية»، وإلا لاشتعلت الحرائق في بدلته أصلا!
آخر الحرائق التي يحاول الشاهد إطفاءها مشروع قانون المالية لسنة 2017، وهو لا يشذ عن حال أي موضوع مطروح في تونس؛ قاسم للقوم شطرين بين مؤيد له رغم قسوة ما يحمله من إجراءات شد الأحزمة، وبين رافض رفضا مطلقا لفصوله التي تجتهد من أجل توفير قرش أبيض لليوم الأسود في تونس الخضراء.
يوم الجمعة الماضي أسماه المحامون «يوم الغضب» بما أنهم خاضوا إضرابا عاما عن العمل بسبب ما رأوه تعسفا من مشروع قانون المالية على مداخيلهم، وهدد أطباء الأسنان بإخلاء عياداتهم لنفس السبب، كذلك فعلت أغلب الشرائح المهنية التي سعت حكومة الشاهد أن تحصل منها ما لم تحصله غيرها من الحكومات السابقة قبل الثورة وبعدها، ولم يعد لأي رئيس حكومة ترف تجاهل الانهيار القادم للدولة بأسرها إذا لم يتخذ إجراءات لا شعبية، ببساطة لأنه لن تكون هناك دولة ولا حكومة!
المفارقة، هي أن رئيس الحكومة ، وجد أمامه ما اعتقد أنه جسم رخو، وهم موظفو الدولة، فقرر أن يؤجل الزيادة المقررة لرواتبهم خلال السنتين القادمتين، والمعضلة أن سلفه في رئاسة الحكومة كان قد أمضى اتفاقا مع النقابة يقضي بإنجاز تلك الزيادة في آجالها، لكنه وجد في النقابة عظما كاسرا للأسنان عندما رفضت المقترح من أساسه، وهددت حكومته بالويل والثبور، رغم أن ذات النقابة كانت من أوائل الموقعين في حفل تنصيب يوسف الشاهد على رأس «حكومة الوحدة الوطنية»!
قالت له (النقابة): «اذهب واجمع المال الذي تحتاجه حكومتك من المستكرشين والفاسدين والمهربين والمتهربين من الضرائب، ودع الموظفين والشغالين المفقرين يتدبرون عشاء ليلتهم».
في تونس قائمة أغنياء متمددة، بعضهم أغنياء قبل الثورة ثم زادوا غنى بعدها لأن الأملاك المصادرة من عائلة الرئيس الأسبق بن علي قد عادت إليهم وليس إلى «الثوار»، وفي تونس أيضا أغنياء جدد ابتسمت لهم عهود الفوضى والتسيب، فأنشؤوا بنوكا حقيقية في بيوتهم ينزلون إليها تحت الأرض بالمصاعد الكهربائية، وإذا كان مسؤولو «نداء تونس» قبل أن يصبح حزبا حاكما يرددون في حملتهم الانتخابية -زورا- بأن لديهم من الخبرات والكفاءات ما يدير شؤون 4 دول، فإن لدى هؤلاء وأولئك -حقيقة- ما يتدبر اقتصادات 4 دول، لكن الجوع كافر والثراء كاذب!