شاه يوميات صريح في “الصريح” : هذا بعض ما كتبته “إقرأ” في ذكرى وفاة طه حسين

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / يوميات صريح في “الصريح” : هذا بعض ما كتبته “إقرأ” في ذكرى وفاة طه حسين / Video Streaming

كتب أبو ذاكر الصفايحي

لئن كنت واثقا ان قراء واحباء وعشاق طه حسين رحمه الله يعدون اليوم بالملايين الا انني واثق ايضا ان من يملكون العدد (388) من سلسلة (اقرا) التاريخية الذي  خصصته لاحياء الذكرى الأولى لوفاة طه حسين والذي صدر سنة 1974 بقلم تلميذته (سهير القلماوي) هم اقل وادنى من القليل هذا بالنسبة للكهول والشيوخ اما بالنسبة لابنائنا الشباب فاني شبه  واثق وشبه متاكد انهم لم يسمعوا ولم يحيطوا  علما بهذا الكتاب وعليه فاني اخترت ان انقل لهم شيئا من هذا العدد عله يعرفهم اكثر بطه حسين الأستاذ والانسان ويرسم لهم صورة واضحة عنه  في اذهانهم تنقلهم الى فترة من حياته لم يعيشوها  ولم يدركوها في هذا الزمان وسابدا بما كتبه رئيس تحرير سلسلة (اقر) في ذلك العام (السيد ابو النجا) تحت عنوان (طه حسين يعود الينا بعد عام) (كان على موعد مع الله يوم 28 اكتوبر الماضي فاعتزل مناصب الدنيا وهجر الكتابة والخطابة لم يسافر كعادته الى ايطاليا وانما سافر هذه المرة الى جنة الخلد وودعناه يوم سفره سارت عشرات الألوف وراء القاعة الكبرى بجامعة القاهرة الى مثواه الأخير وكانت بين الصفوف سيدة تسير في (روبها)الجامعي دامعة العين مشتتة الفؤاد انها تلميذته الأولى (سهير القلماوي) لقد تعودت ان ترجع اليه في شؤونها وهي طالبة في كلية الآداب وان تعمل برايه حين تقدم لخطبتها شاب زميل هو الدكتور (يحي الخشاب) وان تجلس اليه بين يوم واخر لتعلم ما لم تكن تعلمه عن العصر الجاهلي وعن ابي العلاء وعن مستقبل الثقافة في مصر كانت تشعر في قرارة نفسها برغم ما اسهمت به في الأدب العربي وفي المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية وما شرفت عليه من الرسائل العلمية وما قدمت من مؤلفات ومقالات في الصحف واحاديث في الاذاعة والتلفيزيون بانها ما تزال تلميذة في مدرسة طه حسين ومرت الأيام على رحيل المعلم الأول وكل يوم يمر يزيد في شوق التلميذة الى جلسة من جلساته حتى اكتمل العام فاذا هي لا تطيق صبرا وكتبت له رسالة طويلة في هذا الكتاب اما عن (دارالمعارف) فقد كانت تبحث عن كتاب يطاول هذه المناسبة الكبيرة فالدار مدينة لطه حسين بالمؤلفات الكثيرة التي نشرتها له  وبالاسم الكبير الذي ارتبطت به فزاد في تقدير الناس لها واقبالهم عليها وهذه السلسلة بالذات سلسلة (اقرا) مدينة له باول كتاب صدر عنها وهو (احلام شهرزاد)…) هذا ما كتبه رئيس تحريرهذه السلسلة في مقدمة ذلك العدد الخاص فماذا كتبت سهير القلماوي في مقدمتها ؟ تقول سهير (واستعير عنوان هذا الكتاب منك(ذكرى ابي العلاء) فكم اخذت عنك في حياتك وكم ساظل اخذ عنك ما حييت فما انا الا كتاب من كتبك وكما تبدو شخصيتك في كل كتاب لك وتتكرر مميزات اسلوبك في كل مؤلف فكذلك طمعت طوال تلمذتي عليك وسأظل اطمع في ان احمل بعض مميزاتك وبعض خصائص أسلوبك لقد حببت الينا في مراحل شبابنا الأول ابا العلاء المعري بكتاباتك وبتدريسك وانا اطمع في ان أحبب الشباب من طلابنا في أدبك وكانت تفصلك عن ابي العلاء سنوات تقرب من الألف يوم كتبت عنه بحثك الأول لنيل درجة الدكتوراه فأدخلت به منهج البحث العلمي لاول مرة في دراساتنا الأدبية انا لا يفصلني عنك الا عام واحد وقد تقدمت مناهج البحث في الأدب مراحل كبيرة وكانت مهمتك صعبة واتخذت في سبيل ذلك طريقة البحث العلمي في ذكرى ابي العلاء وطريقة التأليف الأدبي الممزوج بالعلم في (مع ابي العلاء في سجنه)بل انك جاوزت ذلك الى محاولة ترجمة شعر أبي العلاء الى اسلوب عربي حديث ليقرا الشباب من جيلنا فكر ابي العلاء في كتابك (صوت ابي العلاء)…ان هذا الكتاب الصغير مقدمة لكتاب اكبر ارجو ان أتمه يوما على نحو يشعرني برضاك عنه فلقد بدات اقرأ أثارك كلها برؤية جديدة وفي حضور جديد يختلف من جوانب شتى عنه ايام كنت اقرا واقدر ان ساحدثك عما قرات لتناقشني فيه وتعمق فهمي له وفي أثناء قراتي وقفت بكتابك (احلام شهرزاد) واستعدت المقدمة التي تعبر فيها عن إيمانك بحق الشعب في الثقافة الرفيعة وبان القراءة الجادة يجب ان تكون حقا  متاحا للناس اجمعين لذلك قررت ان اصدر هذه السلسلة مع زملائك الأستاذ (عباس محمود العقاد) و(انطوان الجميل) و(فؤاد صروف) لتؤدي سلسلة (اقرا ) رسالة كانت وما تزال تؤديها سلاسل عظيمة النفع في لغات امم كثيرة سبقتنا …قلت في نفسي وانا اقرا مقدمة  (احلام شهرزاد) كيف يصدر عدد (اقرا) في يوم ذكراك حول موضوع اخر غيرك؟؟ انها تحية وفاء لن تغفل عنها (دار المعارف)
هذه خلاصة مقدمة كتاب (ذكرى طه حسين) بقلم تلميذته سهير القلماوي اما عن اخيكم كاتب هذا المقال فاني اذكر لقرائنا الكرام انه ما ان وقعت عيني في ذلك العام1974 على هذا الكتاب  وانا في عنفوان القوة والشباب حتى اقتنيته واسرعت به  الى البيت وافقلت على نفسي  في غرفتي الباب ولم اخرج منها  حتى اتممت قراءته ولم تفارق سطوره الى يومنا هذا  ذاكرتي كلما حلت بنا ذكرى وفاة طه حسين وها اني اسارع اليوم بتقديم شيء منه الى ابنائنا الشباب داعيا اياهم الى قراءة ما امكنهم من كتب طه حسين وغيره من الكتاب  مصدقين  ومؤمنين ومتيقنين مما قاله الحكماء واولو الألباب (وخير جليس في الزمان كتاب) ومرددين قول ذلك الشاعر الحكيم الذي  قال  فصدق واجاد واصاب
انا من بدل بالكتب الصحابا    لم اجد لي وافيا الا الكتابا
واخيرا وكما وقفت بقرائنا الكرام عند مقدمة  هذا الكتاب فاني انهي هذا المقال بالتوقف عند خاتمته التي تقول فيها تلميذته (سهير القلماوي) (وفي الجزء الثالث من كتاب الأيام تقول يا دكتور ولقد راى الفتى استاذه (ليتمان) بعد ذلك مرات كثيرة في مواطن مختلفة فلم يحس عنده مثل هذه السعادة الا في موطنين اثنين احدهما في هولندا عندما سمع تلميذه الفتى يلقي بحثه في مؤتمر المستشرقين فلم يملك دموعه التي اخذت تفيض على وجهه بين الزملاء والأخر في كلية الآداب بالقاهرة عندما شارك تلميذه في امتحان السيدة سهير القلماوي لدرجة الماجيستير اعلن فاخرا بعد فوزها بالدرجة انه مغتبط سعيد لانه يشارك في تخرج هذه الفتاة التي عدها حفيدته لانها ابنة تلميذه ذلك الفتى هكذا اثبت ابوتك لي وسجلتها في كتابك العظيم واني اقر هذه الأسطر فتمتلئ نفسي بالذكريات كان يوم امتحاني هذا من مارس 1937 يوما مشهودا في الجامعة امتحنت فيه لا في رسالة او بحث وانما امتحنت فيه في اعصابي امام هذه الجموع الغفيرة التي جاءت  بدوافع عدة ابرأها حب الإطلاع لتسد علي كل منافذ الجامعة ولكن سرعان ما تتجلى عني كل هذه المحن لارى ابتسامتك المشجعة وجبينك الشامخ فاحس بالفخر انك ابي … انك ابي لا في العلم وحده وانما في كل خطوة من حياتي فما زال زواجي يحمل امضاءك…كتابي الأول كان بامر منك عندما ملكني الحزن على ابي فجعلت تلاحقني بكتابة الكتاب على نسق ما كنت قد نشرت في جريدة (الوادى) (جريدتك) في فصول حتى كتبته وخرج للناس وكان فعلا دواء مسكنا لآلامي في صدمة فقدان ابي انك انت الذي علمتني ان اهاجر في الزمان يوم لا استطيع المهاجرة في المكان  عندما تدلهم بي الأحوال وتنتابني لحظات او ساعات او ايام من الياس والقرف كنت معي دائما في كل خطوة من خطوات حياتي ويوم ماتت امي ارسلت الي من قريتك (كولي ايزاركو) في الجبل في ايطاليا رسالة مفعمة بالحنان والإشفاق ما زلت أقرؤها مرات كلما عصفت بي الهموم فأتعزى كنت لي ابا حنونا وجدارا ضخما استند اليه كلما احتجت الى سند او عون او عزاء… وما كتابي هذا الذي اقدمه اليك اليوم الا دمعة وفاء فهل يشفع لي هذا عندك يا ابي واستاذي)؟؟؟
كما ضمنت سهير القماوي كتابها هذا جردا لاعمال طه حسي الكاملة بتواريخ وديار صدورها وهو مرجع هام لمن اراد ان يعرف بالاجمال  والاحصاء الأعمال الكاملة  التي تركها طه حسين للمكتبة العربية والعالمية والتي شملت تاريخ الأدب العربي  ونقده والتاريخ الاسلامي والروايات القصص والدراسات والتحقيقات والتلاخيص للادب الغربي والرسائل والترجمات وقد فاقت هذه الأعمال الخمسين عملا تقريبا بقي ان اقول في الختام ان كتاب سهير القلماوي قد عرف حقا  بأدب وفكر واخلاق  ومشاعر طه حسين الأديب والإنسان وقد كان حقا اعظم هدية قدمتها  تلميذته  اليه والى  جميع احبائه الذين يعدون الى اليوم  بالملايين وانها حقا قد كانت لاستاذها وفية ومخلصة الى ابعد الحدود  التي حدثنا عنها الآباء والجدود وكم نرجو من تلاميذنا وطلبتنا اليوم  ان يكونوا على مثل درجتها في هذا  الوفاء وهذا الاعتراف بالجميل وألا تصدق فيهم تلك القولة (ياكلون الغلة ويسبون الملة) بل ان يصدق فيهم ذلك القول الحكيم وحده (ما لا تقدر ان ترده عده)

المصدر: الصريح