شاه يوميات ملاحظ حرّ : هل هي حرب حقيقية على الفساد أم تفكيك خلية تعمل ضد أمن الدولة ولفائدة جهات أجنبية ؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / يوميات ملاحظ حرّ : هل هي حرب حقيقية على الفساد أم تفكيك خلية تعمل ضد أمن الدولة ولفائدة جهات أجنبية ؟ / Video Streaming

كتب : نوفل سلامة

يبدو اليوم أن الايقافات التي تمت مؤخرا والتي طالت شخصيات تعلقت بها شبهات فساد بدأت تتضح ملامحها ومراميها ويبدو كذلك أن الاجراءات التي اتخذها رئيس الحكومة يوسف الشاهد ضد ما سمي بأباطرة التهريب ومافيا التجارة الموازية والتي اعتبرت حملة ضد الفساد انتظرها الشعب وباركها وساندها الكثير من المؤمنين بالثورة وبأنها علامة على وجود ارادة سياسية لمحاصرة الفساد و المفسدين هذه الظاهرة التي نخرت الاقتصاد الوطني ولوثت المشهد العام بالبلاد بدأت تبوح بأسرارها وحقيقتها بتقدم الأبحاث في هذه القضية وخروج بعض المعلومات التي يتكتم عنها القضاء العسكري المتعهد بالملف للعلن لطبيعة القضية المثارة وخطورتها حسب ما يقول عنها من كان وراءها.

نقول هذا الكلام لأننا كنا قد نبهنا منذ الساعات الأولى لانطلاق ما تم تسميته بحرب الدولة على الفساد والمفسدين بعد الاجراءات الجريئة التي اتخذها الشاهد بإيقاف عدد من الشخصيات المتورطة في شبهات فساد مالي وتهريب وتجارة موازية من بينهم شفيق جراية الرجل المعروف بعلاقاته المتشعبة والممتدة والتي تصل إلى خارج حدود الوطن وارتباطاته بدوائر نفوذ عديدة في الاعلام والسياسة والقضاء والأمن والتجارة ، نبهنا بضرورة أن تتواصل هذه الحملة إلى الآخر حتى تصل إلى كل الفاسدين وبأن مساندة الشعب للشاهد هي مشروطة بعدم اقتصارها على حلقة بعينها من حلقات الفساد أو برموز بعينهم.. حتى لا يفهم من الاجراءات المتخذة على أنها اجراءات انتقائية غايتها تصفية حسابات سياسية لا غير باعتبار أن شفيق جراية ما فتئ يعلن أنه فاعل سياسي وأن له تأثير في المشهد السياسي والإعلامي وحتى على الحكم وبدأ يقلق في من يحكم ويزعجهم بمواقفه وتصريحاته.

نقول هذا الكلام ونذكر به لأننا بعد الاطلاع على الفصول القانونية التي تم بموجبها إحالة شفيق جراية على القضاء العسكري الذي قررت نيابته فتح بحث تحقيقي ضده وهي الفقرتان الثانية والرابعة من الفصل 60 والفقرتان الأولى والثانية من الفصل 60 مكرر والفصل 32 من المجلة الجزائية والفصل 123 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.. وهي فصول كلها لا تتعلق بقضايا الفساد المالي ولا تتحدث عن تهم تخص التهريب والتجارة الموازية، وهي التهم التي قيل في بداية الايقافات أن شفيق جراية قد أوقف بسببها وإنما هي فصول خطيرة ملخصها تهم تتعلق بالتخابر لفائدة جهات أو دول أجنبية ووضع النفس على ذمة جيش أجنبي وتقديم معلومات تمس من الأمن القومي للبلاد وتهدد أمن الدولة لفائدة جهات معادية أو غير معادية والعمل ضد مصلحة الوطن في إطار الجوسسة وهي كلها قضايا خطيرة تتعلق بجريمة خيانة الوطن وعقوبتها تصل إلى حد الإعدام بما يعني أن التهم الموجهة لشفيق جراية هي تهم لا تتعلق بالأساس بشبهات فساد مالي وأن إيقافه لا ينضوي ضمن ما تم ترويجه من حرب الدولة على الفساد وإجراءات التضييق على المفسدين وبما يعني كذلك أن ما تم تسويقه في حملة رئيس الحكومة على بعض رموز التهريب والتجارة الموازية لم تكن – على الأقل مبدئيا وفي ضوء المعطيات الجديدة – حربا حقيقية على الفساد الذي نخر الدولة والمجتمع وإنما هي إجراءات قد اتخذت لقضية تتعلق بسلامة وأمن الدولة أكثر منها حربا على الفساد والمفسدين وهذه القراءة المتحفظة تفرض إعادة النظر في كل المسار الذي سرنا فيه والذي تحمس له الشعب وهو مسار إعادة الثقة في رجل السياسة ومسار استعادة البريق الأول للثورة بعد أن تم تصوير ما يحدث الآن في تونس هو إرادة سياسية صادقة لتطويق الظاهرة وإعلان الدولة بكل أجهزتها أنها قد بدأت الحرب على الفساد والمفسدين.

وما يؤكد هذا الزعم هو أن فصول الإحالة التي تعرضنا إليها لا تتعلق بشبهات فساد مالي ولا تشمل ملفات تهريب وتجارة موازية ولا تتعلق بما يعرف بالكونترا ولوبيات وأباطرة التهريب وكذلك ما يؤكد هذا التوجه في فهم ما يحدث هو تعهد القضاء العسكري بهذا الملف وهو قضاء كما هو معروف عنه لا يتعهد بالقضايا المتعلقة بالتهريب والتجارة الموازية أو بقضايا الفساد المالي والتهرب الضريبي والاتجار خارج الأطر القانونية وإنما هو قضاء خاص يتدخل في الحالة التي تكون فيها الإحالات على القضاء تهم جرائم خطيرة تمس من أمن الدولة وتتعلق بشبهات تخابر مع جهات أجنبية ويبدو من خلال المعلومات المسربة مؤخرا أن الايقاف قد تم بناء على معلومات موثقة بالصوت والصورة على وجود علاقات مشبوهة بين شفيق جراية و جهات ليبية وتحديدا جماعة فجر ليبيا وما يعرف بأمراء الحرب هناك وخاصة عبد الحكيم بلحاج وغيره وشبهات فيما يتعلق بالوساطة التي يقوم بها في بلدان عربية وبلدان مجاورة تمس ملفات بعينها، هذا وقد تناقلت بعض وسائل الاعلام وجود تقارير أمنية بحوزة الأمن التونسي عن نشاطات قام بها الرجل في الخارج وإجرائه لقاءات خاصة مع دولة أوروبية لم يذكر إسمها بما يعني أن الملف ثقيل ويتجاوز مسألة الفساد المالي ويتجاوز العلاقة بالقطر الليبي إلى دول أخرى عربية وغير عربية خاصة بعد فشل الوساطة الخليجية التي قام بها أحد الدبلوماسيين الخليجيين لتسويه وضعيته وباءت بالفشل بعد رفض الحكومة التونسية ذلك.

كل ذلك يجعلنا نطرح السؤال التالي : هل ما تقوم به الحكومة الحالية هو حرب حقيقية على الفساد أم هي اجراءات قد اتخذت لتفكيك خلية تعمل لفائدة جهات أجنبية في اطار التخابر والجوسسة لصالح جهات أجنبية وإفشال مخططات تهدد الأمن القومي للبلاد من خلال تسريب معلومات ووضع النفس في خدمة الغير ؟ وإذا كان هذا التحليل صحيحا فهل من تم ايقافهم مع شفيق جراية هو من باب محاربة الفساد أيضا أم أنهم جزء من الخلية التي تم الكشف عنها ؟ نقول ذلك بكل تحفظ لأننا لا نعلم ما هو الخيط الرابط بين شفيق جراية ببقية الموقوفين ولماذا هذه الأسماء بعينها ودون غيرها ؟

المصدر: الصريح