طيلة الساعات القليلة الفارطة، بات اسم المهاجم الدولي الليبي محمد زعبية هو المحور الأبرز لاهتمامات الترجيين كما عامة الملاحظين حتى أنه غطّى على كلّ تفاصيل وتقلّبات مواجهة حوريا كوناكري المثيرة وتألق بعض العناصر على غرار ساسي والمباركي وبدرجة أقل الشعلالي وبن يوسف أثناءها..
مسألة تجميد زعبية ومطالبة البعض بمنحه الفرصة كانت حكرا على حديث الكواليس في الترجي غير أن حادثة “الصمت” أمام ميكروفون الأحد الرياضي عند استفسار وجّهه أحد الزملاء للاعب، فان ذلك خرق حاجز الصمت ليفجّر حلقات مثيرة من مسلسل يبدو انه مازال مملا وطويلا ..
في الأثناء ورغم محاولتنا في أخبار الجمهورية مزيد الخوض في مواقف الأطراف المعنية في الترجي بهذا الجدل ويتعلق الأمر بالادارة واللاعب والمدرب فان ثلاثتهم كانوا خارج اطار الخدمة ورفضوا الردّ..
خلاف زعبية والبنزرتي بات الأن حقيقة ثابتة وليست مجرّد “كلام جرايد” كما يحلو للبعض التفنن في تجريم وسائل الاعلام طالما أن تعامل مدرب الترجي مع الهداف السابق للدوري الجزائري لا يتعدى حدود ترسيمه على بنك البدلاء في أفضل الحالات..ثم الأهمّ هو تباين حاد في التركيبة النفسية بين مدرب متفرد الطباع والمزاج لا يقبل بلاعبين يكثرون من التشكي والتظلم..وبين لاعب موهوب ولكنه هشّ نفسانيا ولا يحتمل اللعب تحت الضغط تماما كما جرى سلفا مع مواطنه أحمد سعد منذ سنوات في الافريقي..
هذا التباين الكبير لا يخفي طبعا اقتناع البنزرتي بخصال مهاجمه وهو ما يوثّقه تصريح سابق لل”كوتش” امتدح خلاله خصال مهاجمه من منطلق اطلاعه على امكاناته سابقا في ليبياـ غير أن تأخر اندماج زعبية وعدم تلاؤم مردوده مع تصورات المدرب جعله رقما ثانويا الى حدّ الأن في الترجي..
وحتى اذا ما حاولت ادارة الفريق المذكور كما بلغنا رأب الصدع بالترتيب لجلسة صلح بين الطرفين، فان تصعيد اللاعب واعلانه رغبته في الرحيل يثبت أن المهاجم الليبي ليس ضحية بالمعنى الصريح للعبارة طالما انه لم يظهر الى حدّ اللحظة موقف عدائي صدر عن المدرب تجاهه بل انه طالبه -وفق ما بلغنا- بمزيد الاجتهاد لاقتلاع مكان أساسي وهذا أمر مألوف في تصورات البنزرتي الذي قد لا يجد حرجا في ترسيم بلقروي مهاجما مثلا ان اقتضى الأمر ذلك حتى لا يظلّ تحت رحمة اسم بعينه وهو الذي يؤمن بنظرية العمل فقط وروح المجموعة للتغطية على أي نقيصة تراءت له صلب الفريق الذي يدربه..
ورغم اقتناع الكثيرين بمؤهلات زعبية، فان منطق الكثيرين يذهب في اتجاه تأكيد انه لا يمكن لأي مدرب كان في الوقت الراهن ازاحة طه ياسين الخنيسي بالنظر الى كونه أحد أفضل المهاجمين أداء في تونس..وهذا ما يستوجب من محترف الترجي العمل واقتناص الفرص عوض التظلّم خاصة مع وجود تخمة من الاستحقاقات بين دوري أبطال افريقيا والعرب والثنائي المحلي وهو ما يعني أن فرصته آتية لا ريب في ذلك..
من جهة أخرى وبعيدا عن نظرية المؤامرة والاستهداف، فان البعض يتذكر أن زعبية لم يتوفق حتى زمن عمار السويح في اقتلاع مكان أساسي غير أن بعض المطالب الجماهيرية المتكرّرة هي من فرضت ذلك على المدرب السابق ..ولهذا فقد يكون لاختلاف طرق العمل وردة الفعل بين مدرب وزميله دورا بارزا في تضخيم الاهتمام بزعبية الى درجة التساؤل ان كان المهاجم المذكور -في خضم ما يجري- متّهما أم ضحية؟
طارق العصادي
المصدر: الجمهورية