شاه تحليل “الاخبارية”- (اجاعت الذئب واشتكى منها الراعي)- عيون مريبة ومسترابة على” ميزانية الشاهد “

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / تحليل “الاخبارية”- (اجاعت الذئب واشتكى منها الراعي)- عيون مريبة ومسترابة على” ميزانية الشاهد “ / Video Streaming

تونس-الاخبارية-وطنية-سياسة- تحليل رياض بن عامر

بعين مستريبة مواربة نظرت حركة النهضة الى مجمل مشروع حكومة يوسف الشاهد لميزانية سنة 2017. وصدر عنها يوم امس الاحد 16اكتوبر الجاري بيان غامز رغم لطف عبارته يدعو الحكومة الى ضرورة الالتزام باتفاقات وثيقة قرطاج ..

فقد اوصى مجلس شورى حركة النهضة ، ب”أن تكون خيارات حكومة الوحدة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية بخصوص قانون المالية 2017، واضحة في علاقتها بوثيقة قرطاج وقادرة على تقديم الحلول اللازمة لتجاوز اختلال توازن المالية العمومية ودفع عجلة الاقتصاد دون أن يقع العبء على طرف دون آخر من المجموعة الوطنية، وخاصة الفئات الضعيفة”. ….

قبل هذا كانت عيون اتحاد الشغل اكثر احمرارا اذ عبر باكثر وضوح عن غضبه من قساوة الاجراءات اللا اجتماعية المضمنة في مشروع الميزانية المقترحة بل وصل الامر بالناطق الرسمي باسمه سامي الطاهري.الى تحميل الحكومة مسؤولية ما قد ينجر عن موازنتها المالية من احتقان وقلاقل اجتماعية منبها الى انها بعيدة عن روح اتفاق وثيقة قرطاج …

حركة نداء تونس من ناحيتها تبدو منهكة بتشقاقاتها وشانها الداخلي غير المستقر على حال ولم نر لها رايا ثقيلا في المسالة , اما منظمة الاعراف فاكتفت الى حد الان بمعاودة التاكيد على ضرورة الا تثقل الميزانية الجديدة كاهل الاعراف بالاداءات …. على هذه الصورة تجلت مواقف اكبر الاطراف الحزبية والمنظماتية المشكلة لحزام حكومة الوحدة الوطنية دون الصلابة المطلوبة في تامين ما يجب من الدعم لمشروع ميزانية اتفق الجميع منذ زمن على انها لا يمكن ان تكون الا حاملة لعناصر موجعة لاشعبية واستحقاقات ثقيلة الوطاة على عموم التونسيين وخاصة الفئات المتوسطة والضعيفة منهم ..وان لا مناص من الصبر على هذا الوجع الذي لا يمكن تجنبه الا في خيالات الحالمين اوالرادكاليين المبشرين بثورة اخرى تقلب الخيارات والموازنات راسا على عقب …

زيادات في الاداءات ورسوم الخدمات , ايقاف للانتداب في الوظيفة العمومية , تعليق للزيادات في الجرايات , اقتطاعات من الاجور , وغير ذلك مما شابه …هكذا تشكل المشهد والانطباع حول مشروع ميزانية 2017 في الايام الاخيرة وهذا هو الصدى الطاغي في توصيفها لدى القاصي والداني … في المقابل يمكن ان نلاحظ غيابا مخلا لاصداء ذات بال عن اجراءات اجتماعية شعبية او خطوات قوية ملموسة في مقاومة الفساد ومحاسبة الفاسدين (في ما عدى قنابل صوتية و اخبار غير دقيقة) مع غياب تام للحديث عما يمكن ان تكون قد تضمنته ميزانية2017 من عناصر اجتماعية على نحو جعل من صورة هذه الموزانة المالية المقترحة مختلة , ثقيلة الوطاة وبعيدة عن ادنى درجات المقبولية لدى عموم الشارع التونسي المنهك .

عند هذا الحد من التحليل نجد انفسنا ازاء احدى نتيجتين مفترضتين يدعو كلاهما حكومة يوسف الشاهد الى مراجعة حساباتها … اما الفرضية الاولى فهي ضحالة موضوعية للميزانية المقترحة و خلوها من الحد الادنى من الاجراءات الاجتماعية اللازمة للاستقرار العام وانحيازها في المقابل الى اثقال كاهل الطبقات الشعبية قبل سواها باجراءات تحمل وطاة معالجة الوضع الاقتصادي والمالي المختل …

وفي هذه الحالة ستصدق دون شك احترازات اتحاد الشغل باعتبار مشروع الميزانية المقترحة مخالفا لاتفاقات وثيقة قرطاج ولروح حكومة الوحدة الوطنية ..كما سيصدق رفضها من قبل المعارضات الراديكالية باعتبارها ميزانية لاشعبية ,لا وطنية مملاة من دوائر النفوذ والاستغلال الراسمالي ومن ثمة فان هذه الميزانية ستكون موضوعيا عنصر ا دافعا الى الاضطرابات والتحركات العنيفة..

ويرجح الا توفق بصياغتها تلك في نيل مصادقة مجلس النواب عليها اصلا , وما على حكومة يوسف الشاهد في هذه الحالة الا مراجعة حساباتها جيدا قبل عرض مشروعها على التصويت في البرلمان …. الفرضية الثانية – وهي الاقرب الى المنطق في اعتبارنا – تتمثل في ان الصورة السوداوية التي بدات تروج عن مشروع ميزانية الحكومة لسنة 2017 ناتجة عن فشل اجرائي واتصالي لهاته الحكومة واحزمتها الحزبية والسياسية باعتبارها لم تقم بما يلزم في عرض النقاط البيضاء في الميزانية المقترحة و توضيحها لعامة الناس والترويج لها بما من شانه ان يلطف من وطاة قساوة استحقاقاتها .

وهذه خطوة كان من الحكمة وحسن التدبير ان تنطلق قبل الوصول الى كشف الاجراءات الموجعة حتى تتجنب حكومة يوسف الشاهد اعطاء انطباع مفاده ان ميزانيتها المقترحة جوعت الذئب وجعلت الراعي يشتكى , وان صاحب الشان فيها لم يحسن “تحكير” بهارات الطبخة لتنتشر روائحها مقبولة .. تصبر الجائعين .وهنا كذلك يجدر ب”الشاهد ” ان يراجع حساباته في هذا الباب ,حتى لا تظل ميزانية مريبة و مسترابة لا يسندها الذئب و لا الراعي لان طاهيها حديث العهد باذواق التونسيين .