شاه محسن مرزوق يحذر: مافيا السياسية شكلت جناحها المسلح وقد تتحول إلى عنف مسلح

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / محسن مرزوق يحذر: مافيا السياسية شكلت جناحها المسلح وقد تتحول إلى عنف مسلح / Video Streaming

مدونة "الثورة نيوز - عاجل": حذّر الأمين العام لحزب نداء تونس الحاكم من مخاطر المافيا السياسية التي تحاول السيطرة على المشهد السياسي في البلاد، ولفت إلى إمكانية تحوّل هذه المافيا إلى العنف المسلح، موضحا الالتباس المتعلق بعلاقته بالجزائر، وصلته بمنظمات حقوقية كانت تستعدي الجزائر
في مرحلة التسعينات.. كما تحدّث عن الأزمة داخل الحزب الحاكم نداء تونس، والتحالف مع حركة النهضة وذلك في حوار له مع صحيفة "الخبر" الجزائرية.
لنبدأ من اجتماع جربة المثير للجدل الذي عقدته إطارات وكوادر الحزب نداء تونس الحاكم، كأمين عام، لماذا قاطعت الاجتماع؟
هذا الاجتماع لم يكن في إطار جدولة الاجتماعات المقررة في أجندة الحزب، ولذلك رأى رئيس الحزب والأمين العام بعدم ضرورة حضورهم لهذا الاجتماع، لكن في الوقت نفسه قلنا إننا منفتحون على أي توصيات ومقترحات تأتي من مناضلي الحزب وهياكله المحلية والجهوية. ولذلك وقبل اجتماع جربة، كنا نظمنا اجتماعا للمكتب التنفيذي الذي هو السلطة العليا للحزب، الذي يضم المكتب السياسي والمنسقين الجهويين ونواب الحزب والهيئة التأسيسية، يعني كل الأطراف ومكونات الحزب، التي أعلنت أن لديها تصورا للمؤتمر، وبعدها سنختمها باجتماع للمكتب التنفيذ في 31 أكتوبر الذي سيتخذ فيه القرار النهائي في موضوع المؤتمر.
لكن الاجتماع أعطى الانطباع أن هناك شقين متصارعين داخل الحزب، وأن هناك شقا يحاول التمرد؟
إذا كان اجتماع جربة على هذا الأساس، فلن ينجح.. لن ينجح أي مسعى يحاول الخروج عن الشرعية في الحزب، ربما يكون الأمر يتعلق بتشكيل تيار آخر داخل الحزب، والحزب مفتوح للتيارات، وفي بعض الأحيان باعتبار الحزب الذي هو حركة أكثر منه حزب، بحكم عمره القصير، ربما نحن بصدد تشكل تيارات، وهناك فرق بين من له نوايا خاصة، وبين إطارات ومناضلين في الحزب نعرفهم، بينهم وزراء في الحزب وكلهم لهم نوابا إيجابية في الحزب وكلهم لديهم إرادة لإنجاح المؤتمر وخدمة الحزب وبنائه، ويجب التفريق بين نوايا أو بعض المنحى والتوجه الذي يحاول إعطاءه عدد قليل لهذا المسعى، وبين نوايا كل المناضلين.
اللافت أن هناك ثنائية مطروحة داخل الحزب الحاكم بينكم وبين حافظ السبسي، هل تشعر أنك مستهدف سياسيا بحكم طموحاته السياسية؟
أنا مستهدف ليس الآن فقط، أنا مستهدف منذ فترة، وأكثر من عام هناك استهداف سياسي من عدة أطراف، سواء من أطراف تعمل في الفساد أو من أطراف من الفساد المالي لا يرضيها أن يكون حزب نداء تونس حزبا قويا، وهي تعمل على إضعافه من الداخل، وهناك بعض الأطراف من داخل الحزب لديها طموح خاص، لكن يجب أن يكون هذا الطموح منظما وفي إطار الحزب، وهناك أطراف سياسية من الخارج يهمها أن يكون حزب نداء تونس ضعيفا حتى لا يحقق مجددا الانتصار السياسي الذي حققه في الانتخابات الماضية، وفي بعض الأحيان تصل الأمور حد محاولة الزج بالحزب وبشخصي في أمور وقضايا إقليمية.
لكن هناك من يطالب برأسك سياسيا، ويعتبر أنك جزء من مشكلة الحزب، فما هو ردك؟
لا أعتقد أن وحدة الحزب ممثلة في شخصي، لأني إذا شعرت بأنني أنا العائق، فأنا مستعد للذهاب إلى بيتي، وأعتقد أن قصة ثنائية محسن وحافظ هي ثنائية مختلفة، لأنه ليس هناك ثنائية في الحزب. وإذا كان ثمة خلافات، فهي بين المؤسسات والأفراد. أنا أعبّر عن موقف المكتب التنفيذي الذي اختارني أمينا عاما، أنا رجل مؤسسات، بينما بعض الإخوة حتى من أعضاء المكتب التنفيذي الذين حضروا اجتماع جربة، لا يمثلون موقف المكتب التنفيذي، وأنا أعتقد في كل الحالات أن التشكل غير المنظم لصورة الحزب المستقبلية القائمة على تيارات، بينها تدافع لابد من محاولة تأطيرها ووضعها في قنوات حتى يساهم ذلك في بناء الحزب العصري الذي يحتوي تيارات، تستطيع أن تختلف، لكنها تتفق في تقاطعات معينة.
قلت إن المال السياسي أصبح جزءا من المشكلة السياسية في تونس، كيف ذلك؟
نعم، المال السياسي أصبح جزءا من المشكلة في تونس.. في الواقع ما يحدث في تونس هو مشكلة كلاسيكية، عادة في المرحلة الانتقالية تضعف الدولة، لأن عملية تجديد النظام والدولة تضعف الدولة ومؤسسات الأمن والعدالة، وأمام ضعف الجهاز المركزي الذي يأخذ وقتا ليتجدد ويتشكل من جديد، وأمام هذا الضعف تقوى اللوبيات، وطبعا تونس توجد في فضاء تكثر فيه التجارة غير الشرعية والتهريب، وليس المقصود بذلك فقط التجارة غير الشرعية على الحدود، حتى على الموانئ، لأن الجميع يركز على التهريب على الحدود وينسى الموانئ التي تلعب فيها مليارات الأموال السائلة الموجودة لدى لوبيات. أنا لا أتحدث عن المهرب الصغير الذي رأس ماله ألف أو ألفين دينار، أنا أتحدث عن المافيا التي لها رؤوس أموال تقدر بالملايير. هؤلاء يستغلون هذا الظرف وضعف الدولة لزيادة قوتهم وسطوتهم، وتركيز نفوذهم، ويحاولون تركيز قوتهم للانتشار في جهاز الدولة والتأثير على الأحزاب السياسية من أجل السيطرة على دواليب الحكم والبلاد، وحتى تصير اللعبة السياسية في يدهم، يعني نحن بصدد عملية “المفينة”، (من المافيا)، وحدث الأمر نفسه في أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، ونعلم أنه يتطلب وقتا للعمل ضده، لكن يجب الاهتمام به، لأنه يهدد الدولة وسيادة العمل السياسي، ويؤثر على سيادة الدولة بشكل مباشر، والأخطر أنه يمكن أن يتحوّل إلى عنف، لأن الناس هناك يتصرفون بطريقة عنيفة، ولاحظت أن كل الإيقافات التي حصلت في المدة الأخيرة في مجال التهريب، أكدت العلاقة بين التهريب والإرهاب، وفي تجارب الانتقال الديمقراطي التي حصلت، كما في تونس، قد يصل بهؤلاء إلى تشكيل ذراع مسلح وتصفية حسابات.
وهل حدث ذلك في تونس، أو هل لديكم شعور بأنه قد يحدث؟
يمكن أن يحدث ذلك، وهذا استنتاج منطقي للأشياء.. والذي لا يقول بذلك، فهو لا يرى بكل أسف الأشياء التي تحدث في البلد، لنفحص الواقع جيدا وسنرى أن الوضع بهذه الصورة.
هل وجود حكومة كما وصفها الوزير المستقيل لزهر العكرمي “بالحكومة المرتعشة وبلا أيدي”، هل ضعف هذه الحكومة ساهم في خلق هذا الوضع؟
لا أقول بضعف الحكومة، مهما كانت الحكومة ومهما كانت قوتها، فإن تلك حدودها وشروطها، لأن تلك حدود المرحلة الانتقالية، الأمن في مرحلة بناء والعدالة في مرحلة بناء، والإدارة أيضا وكل أجهزة السلطة، الدولة وضعها صعب والاقتصاد أيضا، وهذه عوامل تبقي الحكومة في مرحلة قوة محدودة.
ألا يفرض هذا الوضع إجراء تعديل حكومي مثلا؟
هذا قرار يخص رئيس الحكومة، نحن كحزب قلنا ما نراه صالحا، ورئيس الحكومة هو نفسه يعترف بأن هناك بعض الأمور يجب تعديلها.
كان يقصد الذهاب إلى تعديل حكومي...
رئيس الحكومة يقول إنه يجب أن يكون هناك تعديل أشياء، وأعرف أن رئيس الحكومة لا يستطيع أن يفصح عن رغبته في تعديل حكومي، لكن لابد من أن يكون أي تعديل في إطار تقييم شامل، ما يهمنا هو السياسة العامة للبلاد، باعتبار أن الأحزاب الأربعة المشكلة للحكومة تتحكم في 80 في المائة في البرلمان.. وعليه، فإن الأحزاب الأربعة هي التي يجب أن تضع الخط السياسي العام، وكنا اتفقنا على الرؤية السياسية والاجتماعية، ويبقى من أوليات الحكومة محاربة الفساد بنفس مستوى محاربة الإرهاب، وأن تقوم التنمية على الإصلاحات الكبرى، مع المخطط الجديد في عام 2016.
بالنظر إلى وضع البلاد والانقسام الحاصل في حزبكم، هل أصبحتم أكثر تمسكا بالتحالف مع النهضة؟
ليس لدينا تغير على مستوى الإستراتيجيات السياسية. بالنسبة لوضعنا الداخلي في الحزب الحاكم، نحن قضيتنا قضية مؤتمر، ودعني أقول نحن حزب بصدد البناء، لكن كل الأحزاب التونسية تمر بالوضع نفسه. هناك أحزاب أكثر تنظيما ولم تستطع أن تنجز مؤتمرها وفيها خلافات كبيرة فيها، وقد لا تعقد مؤتمرها في 2016، (يشير إلى حركة النهضة).. الفرق بيننا وبينهم أننا حزب عصري وشفاف، ولذلك تظهر خلافاتنا للعلن. أعتقد أنه لا علاقة بين ما يحدث في حزبنا وبين ما يحدث في أحزاب أخرى.. نحن حزب مختلف عن حزب النهضة، مسألة تحالفنا كانت احتراما لرغبة الناخب التونسي الذي أعطى نتائج انتخابية دفعتنا إلى تشكيل الحكومة على هذا الأساس.
إلى أين انتهى الجدل بشأن قانون المصالحة الاقتصادية، وأين توقف موقف الحزب بهذا الشأن؟
قانون المصالحة موجود في البرلمان، ينتظر دوره مع بعض القوانين التي سبقته، نحن وضّحناه أكثر من مرة للشركاء السياسيين، ورئيس الجمهورية كان واضحا في موقفه وأكد أنه منفتح على كل المقترحات، وحين يأتي دوره ستتم مناقشته في البرلمان.
هل تفكرون في مقترح قانون أو فكرة للمصالحة مع المسلحين المغرر بهم لاستعادة بعضهم من ساحات القتال إلى المجتمع؟
في اعتقادي لابد من التفكير في ذلك، ومن المهم التفكير في مقاربة خاصة بموضع كل من يريد العودة من ساحات القتال ويقبل أن يتعاون مع مصالح الأمن والعودة عن ذاك الطريق، على أساس أنه غرر به أو سار في الطريق الخطأ.. شخصيا لا أفضل لفظ التوبة والتائبين، لأن الأمر قانوني وسياسي، لابد من التفكير بدقة في هذا الأمر. ربما الآن لم تتضح المقاربة القانونية لهذا المقترح، والمقاربة القانونية الآلية مازالت ضيقة، ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قال إنه يجب التعامل مع التائبين، وهناك من قال إنه لا يجب التعامل معهم. باعتقادي إنه يجب أن نتعامل مع هذه القضية بشكل براغماتي ووضع خطة للتعامل مع هذه الكتلة، ومن المهم التفريق بين المغرر بهم، وبين من ندموا ووجدوا أنفسهم يسلكون الطريق الخطأ، وبين أطراف أخرى.
علاقتك بالجزائر ملتبسة، هناك من يقول إن للجزائر موقفا منك باعتبار نشاطك السابق في منظمة حقوقية أمريكية كانت تكتب تقارير ضد الجزائر وتدين الجيش الجزائري في التسعينات، ما تعليقك؟
صحيح، أنا عملت في منظمات حقوقية كثيرة، وكانت هذه المنظمات تكتب تقارير عن اليمين واليسار. أنا لم أشارك في أي تقرير لا ضد الجزائر ولا ضد أي دولة أخرى. وللعلم، فإنني عندما كنت أعمل في هذه المنظمات الحقوقية في 1993 و1994، كنت أزور الجزائر باستمرار وبعلم السلطات الجزائرية، وعلاقاتي جد طيبة بهم وكانوا على علم بأي عمل أقوم به ولم أتعرّض طيلة زياراتي إلى الجزائر لأي مضايقات من السلطات الجزائرية في عملي في منظمات أمريكية ودولية حقوقية. وبالنسبة للوضع الحالي، كل سياسات نداء تونس قائمة على هذا التوجه تجاه الجزائر. وإذا صار أمر في الإعلام الجزائري، فإنه بكل أسف انعكاس لإشاعات ومؤامرات تحاك ضدي في تونس وتستهدفني في شخصي، آخرها قصة منعي من الذهاب إلى الجزائر قبل شهرين، وهي قصة عارية عن الصحة، وأعتزم زيارة الجزائر في وفد كبير من نداء تونس للقاء قيادات أحزاب سياسية في الجزائر.
لكن بعض العتب عليكم لعدم اصدار بيان يدين تصريحات ساركوزي ضد الجزائر عند زيارته لحزبكم في تونس؟
أود أن أستغل الفرصة لأوضح قصة ساركوزي التي تم توظيفها أيضا من تونس، وتم تضخيمها، وأنا جلست مع سعادة السفير عبد القادر حجار المجاهد، وتحدثت معه لمدة ساعة ونصف ووضحت له قصة تصريح ساركوزي، وأود أن أوضح للإخوة الجزائريين أنه في بعض الأحيان هناك أشياء تأتي من تونس في إطار صراعات ومناكفات، بغض النظر عن جذوري العائلية الجزائرية، فإنه بالنسبة لي مسألة الاندماج بين البلدين أساس العلاقة بين تونس والجزائر، ولذلك ليس من مصلحة الحزب الأول في تونس إثارة مشاكل مع الجزائر، بالعكس نحن نتواصل بشكل جيد مع الأحزاب والسلطة في الجزائر.
أنت من وقّع الاتفاق العسكري مع كيري، ورافق ذلك حديث عن القاعدة العسكرية الأمريكية في تونس، هل من توضيحات؟
في بعض الأحيان تصل الإشاعات إلى مرحلة كاريكاتورية مضحكة، هل وقّعت الاتفاق وحدي مع جون كيري في مكان سري؟ الأمر لا يتعلق لا باتفاق عسكري ولا بقاعدة عسكرية، لم تعد أي دولة بحاجة إلى قاعدة عسكرية، يكفي أن تقف حاملة طائرات قبالة أي بلد وتقوم بعمل القاعدة، ثم إنه ليس هناك اتفاق، وإنما إعلان نوايا ومذكرة تفاهم لا يرتقي إلى مستوى الإجبار القانوني، بل تتعلق بتبادل المعطيات والتدريب والتعاون الاقتصادي والطلبة والشباب، والمذكرة منشورة في موقع وزارة الخارجية، ولذلك أجدد النفي أنه ليس هناك أي اتفاق بشأن تركيز قاعدة عسكرية أمريكية في تونس، وأؤكد أن الإشاعات المتعلقة بذلك نسجت في تونس لأجل التأثير على موقف الإخوة في الجزائر.. ثم إنه في اليوم الذي تفكر فيه تونس في تغيير عقيدتها الدفاعية ومع سيادتها الكاملة، لكن كن متأكدا أنه سيكون في إطار التشاور المشترك مع الجزائر، مثلما نحمي حدونا بالتعاون المشترك مع الجزائر.
هل أنتم راضون عما قدمته الجزائر لتونس خلال مرحلة أربع سنوات من الانتقال الديمقراطي؟
لدي قناعة بأن الجزائر قامت بما يجب أن تقوم به، ونعتقد أنه في الأوقات الصعبة وقف الجزائريون معنا، خاصة في مجال السياحة.. صحيح أننا مازلنا بحاجة إلى تدعيم تنمية المناطق الحدودية وحل القضايا المتعلقة بالتبادل التجاري بين البلدين، ونسعى للتكامل مع الجزائر، ونحن ملتزمون من أي موقع نكون فيه بدعم العلاقات ولمصلحة البلدين، وأنا أعتذر للجزائريين من أن يكون الوضع السياسي في تونس متوترا قليلا، ما يخلق بعض الإشاعات والتوترات المصنعة بين البلدين.