شاه رسالة مفتوحة من سليم الرياحي الى الاتحاد العام التونسي للشغل

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / رسالة مفتوحة من سليم الرياحي الى الاتحاد العام التونسي للشغل / Video Streaming

مدونة "الثورة نيوز": توجّه رئيس الاتحاد الوطنى الحر سليم الرياحى برسالة إلى الإتحاد العام التونسي للشغل جاء فيها - تحيّة وبعد ،
ان تقديرنا للدور الوطني والنضالي لمنظّمتنا النقابية العريقة عبر مختلف المراحل التاريخية التي مرّت بها بلادنا هو جزء من قناعاتنا الثابتة ، لكن احترامنا لهذا الدور لا يمنعنا من وقفة نقديّة تجاه ما يمارس اليوم باسم العمل النقابي من استهداف ممنهج للاقتصاد الوطني عبر موجة غير مسبوقة من الاضرابات لم تتوقّف ولم تهدأ منذ سقوط النظام السابق وانتصار الديمقراطية في بلادنا .
أخاطبكم وأنا أعني ما أقول ، وبعيدا عن كل توظيف سياسي ، أنا رجل أعمال ومحيطي من المستثمرين الأجانب الذين أتواصل معهم بشكل يومي مشكلته الرئيسية في الاستثمار في تونس هي الاستهتار الواضح بقيم العمل بتجلّياته الأكثر وضوحا المتمثّلة في كثرة الاضرابات واستسهالها ، اقتصاد البلاد سيتّجه الى الهاوية لو واصلنا على نفس هذا الطريق وبنفس هذه الوتيرة من الاضرابات المتصاعدة حيث لن يترك أمام صاحب القرار سوى حل وحيد لمجابهة الأزمة وهو المزيد من الاقتراض وبالتالي رهن البلاد ومستقبل أبناءها لفائدة الجهات الدولية المانحة.
أيها الاخوة في اتحاد الشغل ، قد تكون هناك عديد الأطراف السياسية التي تهرب من مخاطبتكم باسم المصلحةالوطنية كما أخاطبكم أنا اليوم ، اعتبارا للحسابات السياسية التي أصبحت للأسف طاغية على حساب المواقف المبدئيّة ، قد تكون هناك أطراف سياسية لا تخاطبكم بمثل ما أخاطبكم اليوم باعتبارها تتعامل معكم كحليف سياسي في معركتها ضد الحكومة لكنّني أصدقكم القول بأن مسؤوليّتكم تجاه واقع الأزمة التي يعيشها اقتصادنا الوطني هي مسؤولية جسيمة وواضحة وحان وقت تحمّلها أمام الوطن والمواطن ، فاذا كنتم تعتقدون أنكم من صنعتم الثورة فمسؤوليتكم في حماية هذه الثورة وتحقيق أهدافها في الرخاء والنهوض بالاقتصاد ورفاهية المواطن التونسي أهم وأجدى واذا كنتم تعتقدون أن مسؤوليتكم هي الدفاع عن حقوق الشغّالين فالأولى أن تفكّروا جيّدا بعقل العصر والعالم الذي يعلّمنا بأن حقوق العمّال ورفاهيّة الأجراء لا تتحقّق الاّ ضمن اطار اقتصاد قوي وانتاجية عالية ومناخ عمل متوازن وغير ذلك هي حلول سهلة وبسيطة تؤدّي بنا صحيح الى مساواة شاملة لكنّها مساواة في الفقر واشتراكية في انهيار المستوى المادي لكل التونسيين .
ان الاحتجاج النقابي حق من حقوق الانسان ، لا يشكّك في ذلك أحد ، ولكنني أتساءل هل أن العقل النقابي غير قادر على ابتكار أشكال للاحتجاج والمطالبة بالحقوق غير الاضراب ؟؟؟ غير القبض على قيمة العمل كرهينة ؟؟؟ غير مقايضة مصالح المواطنين بتحقيق المطالب ؟؟؟
ماذنب أبناءنا المحرومين من تعليم عصري وتكوين تعليمي متكامل في المدرسة العمومية ليدفعوا هم بالأساس ثمن تلخيص الاحتجاج النقابي في ممارسة وحيدة هي الاضراب ؟؟؟ ألا يعلم الاخوة في النقابات وهم المسكونون بهاجس العدالة الاجتماعية أن أبناء الطبقات الشعبيةّ الذين يرتادون المدرسة العمومية هم أوّل المتضرّرين من الاضرابات ، بالأمس كل المدارس الخاصّة التي يرتادها أبناء العائلات الميسورة اشتغلت بشكل طبيعي ..... من الذي بقى في الشوارع ولم يدرس ؟؟؟ هم أبناء الطبقات الشعبية التي لا يزال أملها معقودا على تعليم عمومي بمردودية مرتفعة قادرة على أن يمثّل لهم بوابة أمل في مستقبل أفضل ، فلماذا نحارب هذا الأمل ؟؟؟؟؟
كل العالم من حولنا يتقدّم ويتطوّر ، هل كتب على العقل النقابي أن يظل حبيسا لنفس ممارسات الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينان والتسعينات والسنوات الأولى من الألفية الثانية : فقط الاضراب أسلوبا للاحتجاج والمطالبة ؟؟؟
هذه الشوارع أصبحت مفتوحة للتظاهر ، فلينزل الآلاف من الأجراء ، أساتذة كانوا أو منتسبي أي قطاع ليبرزوا قوّة مطلبهم من خلال الحشد في الشارع بعد توقيت العمل ان كان لهم الثقة في عدالة مطالبهم وجماهيريّتها القطاعية ، لأن أسهل احتجاج ولكن أخطره وأكثره مضرّة هو اختطاف قيمة العمل وجعله رهينة لمقايضته بتحقيق المطلب النقابي .
الاخوة في اتحاد الشغل :
لست في موقع الحسابات السياسية المعقّدة التي لا تهمّني كثيرا بمثل ما يهتمّ بها آخرون أقول لكم بوضوح :
اتّقوا الله في تونس.