شاه مقال - اعلام الابتذال في تونس يتخطى كل الخطوط الحمراء؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / مقال - اعلام الابتذال في تونس يتخطى كل الخطوط الحمراء؟ / Video Streaming

مدونة "الثورة نيوز": بقلم منجي المازني - لم يكن الإعلام في زمن الرئيس التونسي المخلوع يحمل مشروعا ثقافيا وأخلاقيا وتربويا لكافة شرائح المجتمع ولم تكن تجري دماء الأخلاق الحميدة في عروقه. فإعلام بلا أخلاق كإنسان بلا روح.
وبعد الثورة وذهاب رأس الاستبداد كنا نعتقد أن يسعى إعلاميونا ومنشطونا وفنانونا إلى لملمة الموضوع وإلى محاولة إصلاح ما تم إفساده ولكنهم وإلى الآن لم يبرهنوا على جديتهم في معالجة الأمر بل بالعكس من ذلك تماما تمادوا في خدش ومحاربة الأخلاق الحميدة وتمادوا في اللامبالاة بكل المعاني السامية والاستهتار بثوابت الأمة وتخطوا كل الحواجز والخطوط الحمراء. ونرصد في ما يلي ثلاث خطوط حمراء تم تجاوزها وتخطيها كما سنسلط الضوء على قناة التونسية لأن هذه القناة تحصلت على أعلى نسبة مشاهدة في الفترة الأخيرة :

الخط الأحمر الأول : عدم المساس بثوابت الأمة وبالأخلاق الحميدة :

لا يمكن لمشاهد أن يتابع قناة التونسية مع أبنائه أو والديه. فهذه القناة لا تعترف لا بأخلاق حميدة ولا بمثل سامية ولا بوقار ولا بحياء ولا باستحياء. ومن يرد أن يشاهد هذه القناة مع عائلته فما عليه إلا أن يخلع جبة الحياء قبل أن يدخل على عالم التونسية. فمنشط برنامج 'لاباس' يستقبل ضيفاته الكاسيات العاريات بالقبلات ويودعهم بالقبلات مع عبارة 'نورتونا في لاباس'. لست متخصصا في مجال الإعلام ولا التنشيط ولكنني أستطيع القول بأن هذا المنشط تميز بروحه الخفيفة وبعدم إحراجه للضيوف والمدعوين وبتواضعه مع كل الحضور وزملائه المنشطين والممثلين ولكنه في المقابل فسح المجال لنفسه وللممثلين والممثلات ولبعض الضيوف ليمرروا حركات ولقطات وكلمات ومعان تخالف وتعارض روح الشريعة والأخلاق العامة للمجتمع. وبتميزه في مجال التنشيط ربما استطاع المنشط والممثلون أن يجلبوا استحسان عديد المشاهدين في حين أن أكثر ما يتم تقديمه يحتوي على أمراض أخلاقية.
قص أحد الممثلين المدعوون طرفة فقال: جاء أخي وصاحبته (بمعنى عشيقته) إلى منزلنا وكانت صاحبته جميلة جدا. فرحبت بها أمي... وبعدما أكمل الحديث سأله المنشط وقال له هل ما زال أخوك يصاحب هذه الفتاة فقال له سأسأله فإن تبين أنهما قد افترقا فسأمدك برقم هاتفها!!! أليس هذا نشر للمنكر ولـ 'قلة الحياء' وتحريض الشباب على التجرؤعلى الثوابت وعلى الإقتداء بأناس لا ينضبطون بأخلاق ولا يلتحفون بحياء ولا يحترمون دينا؟
منشط منوعة 'لاباس' لا يؤمن ولا يعترف بالممنوعات والاستثناءات ويستطيع أن يستضيف كل ذي لسان وشفتين: فلقد استضاف أحد المدونين الذي جاهر بشرب الخمر في رمضان وأعطاه الفرصة كاملة للتحدث بكل حرية لإقناع المشاهدين بأن ما أقدم عليه يدخل ضمن الحرية الشخصية لكل فرد وليس للدولة ولا لأي كان أن يمنع هذه السلوكيات أو أن يتدخل في القناعات الشخصية للإنسان! فما دام الأمر على هذا النحو فلا أستغرب أن يسجل لنا هذا البرنامج حلقة يكون فيها كل الضيوف حفاة عراة كما خلقهم الله وبذلك يثبت وبالدليل القاطع أن الإنسان حر في هذا الكون. فما دام الأمر يخضع للحرية الشخصية فلماذا أنزل الله علينا القرآن إذا؟ ولماذا بعث إلينا بنبي؟ ولماذا نعد القوانين في كل المجالات؟ أليس لضبط الحرية الشخصية ؟

الخط الأحمر الثاني: عدم الاستهزاء بالرموز الوطنية والدينية :

كل شعوب العالم لها رموز دينية ووطنية وعلمية تجلها وتحترمها وتقدرها وتفتخر بها أمام العالم. ومن البلدان من تعرف برموزها الوطنية أو الدينية فيكفي أن تذكر فلسطين لأي مثقف في العالم فسيقول لك فلسطين بلد الشهيد ياسر عرفات، والبلدان التي لا رموز لها أو، بصفة أدق، تقاد برموز مزيفة تفقد احترام العالم لها. والرموز لا تعد ولا تشكل وتحفظ في ذاكرة الشعوب إلا بعد نضالات ومحن وربما سجون ومنافي لعشرات السنين. فليس من السهل إذا إيجاد أو إعداد رمز سياسي أو وطني أو ديني يلتف حوله الناس. فهل من المعقول بعد أن حفظت أسماء ونضالات وتضحيات العديد من المناضلين في ذاكرة الشعب التونسي تأتي بعض القنوات وفي مقدمتها قناة التونسية وتصنع لهم قلابس وتقدمهم في صورة مشوهة وتحاول أن تجلب لهم سخرية الناس وتنزع من قلوب الناس كل الاحترام والتقدير الذي يكنونه لهؤلاء المناضلين ؟ فهل من المعقول أن تسخر هذه القناة كل إمكانياتها وإمكانيات ممثليها ليسخروا من المناضل والأكاديمي والحقوقي ورئيس البلاد السيد منصف المرزوقي؟ حتى وإن تراءى لهم أنه أخطأ في معالجة بعض الملفات. فجل من لا يخطئ. فهناك طرق عدة للحوار ولإيصال الرسائل. فهل من المعقول أن تسخر هذه القناة كل إمكانياتها لاختلاق أكاذيب وسردها في برنامج اللوجيك السياسي (المعتمد على القلابس) على لسان الشيخ راشد الغنوشي بطريقة هزلية يغلب عليها طابع السخرية والاستهزاء؟ وهل من المعقول ومن المنطق أن تسخر قناة أو قنوات من مناضل وعالم دين ومفكر سياسي ونائب رئيس اتحاد علماء المسلمين؟ وهل من المعقول أن تحاول عديد القنوات نزع الاحترام من قلوب الناس للشيخ راشد الغنوشي؟ فالشيخ راشد الغنوشي أينما حل بأي بلاد في العالم إلا واستقبله أهلها وعلماءها بالترحاب والتكريم والتبجيل والتقدير. ولكن في تونس تستقبله بعض القنوات بالقلابس وبالسخرية والاستهزاء والازدراء! فلو فرضنا جدلا أن هذه القنوات تحصلت على مرادها وحولت وجهة هذا الشعب وجعلته يكره هؤلاء المناضلين والعلماء والمفكرين، فمن أين نأتي بمناضلين ومفكرين وعلماء جدد يستطيعون قيادة البلاد وتمثيلها في كل المحافل الدولية؟ فهل يكفي يوم أو شهر أو سنة لإعداد رموز وعلماء ومناضلين جدد أم نرجع إلى التجمعيين ومن جاورهم ومن لف لفهم لنختار منهم مناضلين ومفكرين وعلماء دين مزيفين؟ لقد تبين أن الغاية من الحملة كلها هو تشويه كل نفس غير تجمعي لكي لا يبقى في الساحة غير التجمعيين والمفسدين في الأرض الذين أهلكوا الحرث والنسل والإعلام. وإن ننس فلا ننسى سهرة 13 جانفي 2010 على القناة الوطنية وكيف حاول سامي الفهري ومعز بن غربية إنقاذ المخلوع في آخر لحظة. فهل يصدق عاقل بعد كل هذا أن الجماعة يعملون من أجل النهوض بالإعلام!

الخط الأحمر الثالث: تجريم أعمال رجال النظام السابق

بعد نجاح الثورات في كل بلاد العالم يتم نبذ رجال النظام السابق من طرف الشعب ومن طرف وسائل الإعلام في انتظار إحالتهم على قضاء عادل، ولكن في قنواتنا وخصوصا قناة التونسية يتم تكريم هؤلاء. فقناة التونسية لم تشن حملة على برهان بسيس كما شنتها على المناضلين الشرفاء، بل استقبلته بكل حفاوة في برنامج التمساح واستقبله منشط البرنامج وقال له : مرحبا بك سي برهان ... كيف حالك؟... كيف ترى المشهد السياسي اليوم؟ ومن هم تماسيح هذا المشهد؟ ومتى ترجع إلى عالم السياسة ؟ فبدأ الرجل يجيب وينظر من جديد كعادته أيام بن علي. فعلى حسب هذا التمشي وبهذه العقلية الاحترافية لقناة التونسية إنشاء الله العام القادة تقدم لنا هذه القناة حلقة خاصة للمخلوع مع التمساح! فهل من المعقول أن يترك برهان بسيس، الذي اصطف إلى جانب بن علي وسانده ودافع عنه في كل وسائل الإعلام وفي قناة الجزيرة إلى آخر لحظة من حكمه، بدون ملاحقة إعلامية إلى حين ملاحقته قضائيا على كل ما اقترف؟! فلو أن رجلا عاديا تستر على قاتل ودافع عنه لحكم عليه بالسجن بعدة سنوات. ولكن برهان بسيس الذي دافع عن قاتل شعب وطامس هويته وناهب ثرواته وتستر عليه تستقبله قنواتنا بالترحاب والتبجيل وتحاول تمكينه من الرجوع ومن معاودة ركوب القطار ولو عن طريق التخفي و'الترسكية'. قد يقول بعض الناس أو بعض الإعلاميين أن الصحافة يجب أن تبقى على مسافة واحدة من كل الفرقاء والسياسيين ولكن يجب أن يعرف هؤلاء أنه لا توجد مسافات لرجال النظام السابق.
لقد تبين من خلال تتبع الأحداث أن أصحاب ومديري القنوات الفضائية من أكبر المحتكرين. فقد تفطنوا بحكم اختصاصهم وخبراتهم إلى أن الشعب في حاجة ماسة لمن يروح عنه خصوصا في ظل المعاناة اليومية الظرفية فانتهزوا الفرصة وباعونا بضاعة مغشوشة وبشروط قاسية: باعونا ضحكا ومرحا وفكاهة مشروطة ومقترنة بتطاول على الأخلاق الحميدة وبــ'قلة الحياء' وبتطاول على الرموز الوطنية والدينية وتشويههم وبتسويق للنظام المخلوع.