شاه بعد أن رفضت النهضة التنصيص على الشريعة ؟ أين اختفى السلفيون في تونس؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / بعد أن رفضت النهضة التنصيص على الشريعة ؟ أين اختفى السلفيون في تونس؟ / Video Streaming

مدونة "الثورة نيوز": صمت مريب يخيم على التيار السلفي ففي الوقت الذي ترقب فيه الجميع «هيجانا» اعلاميا وميدانيا بعد قرار حركة «النهضة» الإبقاء على الفصل الأول من دستور 1959، رغم المظاهرة الاحتجاجية الحاشدة التي قام بها عدد كبير من السلفيين في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة قبل يوم واحد من القرار.

وتساءل البعض عن أسباب هذا الصمت و خاصة غياب تصريحات واحتجاجات هذا التيار عن أحداث الأيام الأخيرة التي جدت يوم عيد الشهداء والاتهامات المتبادلة بين حركة «النهضة» وبعض اليساريين بعد أن ألِف التونسيون رؤية السلفيين في الشوارع يستعرضون عضلاتهم في الساحات والتعبئة في المساجد وينتهجون العنف المادي واللفظي ضد المثقفين واليساريين وحتى الإسلاميين المعتدلين واليهود والمسيحيين في البلاد.

فأين اختفى السلفيون؟ وهل يعتبر «صمتهم» تكتيكا قد يحمل بوادر «انفجار» في الأيام القادمة؟

عُرف التيار السلفي – خاصة الجهادي - بوجهه العنيف حيث يعتبر الفصيل الأكثر راديكالية و الاكثر تهديدا للاستقرار السياسي والأمنيّ في البلاد وهو ما دفع ببعض الخبراء إلى القول بأن شبح «القاعدة» يخيّم على البلاد خاصة أمام كمّ السلاح المتدفق من القطر الليبي.

وبعد الانفلات الأمني الذي رافق سقوط نظام القذافي ازدادت مخاوف الحكومات في المنطقة (تونس، الجزائر...) بعد انباء عن استقبال مقاتلي تنظيم «القاعدة» ببلاد المغرب الإسلامي لقوافل من الأسلحة المسروقة من مخازن السلاح المهجورة الخاصة بالعقيد القذافي.

ويؤكد اعتراف عبد الفتاح مورو في أحد التصريحات الإعلامية أن «تيار أنصار السلفية الجهادية ينتقدون الديمقراطية ويدعون لمحاربة الغربيين والحكام العرب عن طريق الجهاد. وأن هؤلاء يرفضون كل ما يأتي من الغرب ومؤسساته ويقاومونه بالسلاح»، ما ذهب اليه العديد من المراقبين من أن المواجهة مع السلفية الجهادية آتية لا ريب فيها.

وفي كل هذا اللغط، فاجأت «النهضة» المجتمع المدني بنفيها وجود أية مشاحنة أو توتر بين الحركة وغيرها من القوى الإسلامية مؤكدة أن الحوار هو الحل وأن القاعدة والمرجعية الإسلامية المشتركة بين حركة «النهضة» والسلفيين كفيلة بإيجاد حلول وسطية في اشارة الى أن زعيم حركة «النهضة» - الشيخ راشد الغنوشي ـ بدأ حوارا مع السلفيين، داعيا إياهم إلى العمل في «إطار شرعي».

لكن تلويح الداعية السلفي «أبو عياض» ووعيده تجاه وزير الداخلية فضلا عن اعترافه علنا بانتسابه لنهج «القاعدة» وفكر بن لادن، قد يعد مؤشرا على أن هذا الفصيل يرفض الجلوس الى طاولة الحوار.

ومع ذلك، يصر زعماء حركة «النهضة» على ترك الباب مواربا رغم تأكيد عامر العريض احد قياديي حركة «النهضة» على أن الحكومة قادرة على مواجهة السلفية الجهادية ولكنها ستعطيها فرصة في اشارة واضحة الى ان «النهضة» تقبل بجميع الأفكار من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ولكنها لن تقبل بفرض الآراء بالقوة والعنف مضيفا انه لا إكراه في الدين.

ويتهم السلفيون العلمانيين بالسعي الى إثارة الفتنة بين السلفيين وحركة «النهضة» حتى يُظهروا لعامة الناس أن الإسلاميين منقسمون ولا يصلحون للقيادة، مؤكدين أنهم «لن يكونوا وقودا لأي معركة».

موقف «النهضة» من التيار السلفي -الذي يضع نفسه منذ البداية خارج طائلة القانون - كان متسامحا ومتساهلا طيلة الأشهر الأخيرة ورافعا لشعار «الحوار لاحتوائهم والاستفادة منهم من الناحية الدعوية أو السياسية» مما حدا بالبعض إلى القول أن «النهضة» «متواطئة مع التيار السلفي».

يبدو هذا الطرح مع موضوعيته مغاليا في استنتاج التنسيق بين الطرفين . فالحديث عن تيار سلفي واحد لا يتوافق مع الواقع، فهناك الكثير من التوجهات و المجموعات المتباينة بما فيها تلك التي ترفض العنف و تعلن ابتعادها عن العمل السياسي .لذلك قد يُعتبر أسلوب الحوار الذي انتهجته النهضة موضوعيا أيضا لكن إلى حين! ،أي بعد استنفاد كل وسائل الحوار و الاقناع.

ولكن البعض الآخر و إن ابتعد عن «نظرية التواطؤ» يطرح عديد الأسئلة: لماذا حين زادت حدة الانتقادات للحكومة بسبب عدم انتهاج الحزم مع «تجاوزات» السلفيين، ساد الهدوء في صفوفهم؟ وما علاقة تسليم السلفي صاحب «موقعة العَلم» نفسه لوزارة حقوق الإنسان عوضا عن السلطات الأمنية مباشرة، ربما بتفاهمات قد تكون حصلت بين الطرفين يلتزم فيها السلفيون بعدم إحراج الحكومة في هذه الفترة؟ وهل يدل هذا الهدوء على أنهم فهموا، لو واصلوا «استعراضهم» أنهم سيُجبرون الحكومة على المواجهة أو قد يصبحون سببا رئيسيا في فشلها و هذا ما لا يرغبون فيه لإدراكهم أنهم لن يجدوا حكومة أخرى تفتح لهم أبواب النشاط مثل ما قامت به الحكومة الحالية.

كذلك، فإن كلام الشيخ راشد الغنوشي عن وجود قنوات حوار مع شيوخ السلفية وتأكيده أن هناك «مشاورات» معهم قصد اقناعهم بضرورة العمل في «اطار شرعي»، قد يبرر الهدوء النسبي على الرغم من غضبهم على أن الدستور الجديد للبلاد لا يشير لفظا إلى الشريعة الإسلامية. فهل نجح الغنوشي من خلال حواره مع رموز السلفية – كما أكد ذلك في حواره مع صحيفة «لفيغارو» الفرنسية - في تسكين الصداع المرير الذي يلازم التونسيين من «الانفلات السلفي» الذي بات يؤرق أغلب المواطنين منذ ثورة 14 جانفي؟ أم أن «الانكماش السلفي» هو الهدوء الذي قد يسبق تحركات مبيتة لـ «القاعدة»... عفوا العاصفة خاصة في ظل تواتر أنباء عن استعدادات جهادية على الحدود لتنفيذ ضربات ضد مؤسسات وشخصيات وطنية؟