شاه وثائقي “سر أمي منَا” : رحلة البحث عن ألم في ذاكرة عمرها 100سنة

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / وثائقي “سر أمي منَا” : رحلة البحث عن ألم في ذاكرة عمرها 100سنة / Video Streaming

حياة مليئة بالخوف غابت عنها السعادة،وحوار متشنج لأب في لحظاته الأخيرة حركت جميعها حزمة من الأسئلة لدى ابنه الشاب معد الشريط الوثائقي«سر أمي منا» محسن الغربي و دفعته إلى البحث في ذاكرة السنوات المنقضية لاكتشاف أسباب عنف والده تجاهه،ورفضه أسلوب الحوار وحرمانه من السعادة.

انطلق الشريط من حوار غاضب مع الأب وهو تونسي ليبرر من خلاله الابن المقيم في كندا رحلة عودته إلى مسقط رأس الأب و بحثه عن أصول العنف التي ورثها في قريته بأحد أرياف تونس.
في طريقه إلى القرية، كان يطرح تساؤلات كثيرة حول الجدوى من إخراج صور الألم القديمة من ذاكرة جدته «أمي منا » البالغة من العمر 100سنة وجدواها بعد وفاة والده، لكن اندفاعه للعودة إلى أصول الألم حرك في داخله الرغبة في حرمانه وحرمان أمه الأجنبية من السعادة.فوجد نفسه يعد هذا الوثائقي الذي سيتم عرضه يوم الاثنين 29أكتوبر بعنوان«سر أمي منَا».
في مرواحة بين الحاضر والماضي،بين ما تجود به ذاكرة الجدة الطاعون في السن،وشهود العيان من أهل القرية،وأفراد العائلة،يسجل صاحب الوثائقي حضوره ليعبر عن قصة عنف وألم قدمها بأسلوب خلط بين الابتسامة والألم نفسه. محسن الغربي
قدّم نفسه “أنا ابن ابن ابن ابن ابن أمي منا” في تعبير منه عن بحثه في “ذاكرة الأمس” مع امرأة تحدت زوجها ورفضت عنفه وكانت شاهدة على جذور العائلة التي ارتوت من العنف وتوارثته، فانفصلت عنه في مجتمع ذكوري وتركته لتعتمد على نفسها وتربي أبناءها بعيدا عنه.
المؤدب محمد ، أو المرحوم محمد، كان محور العقدة في الفلم الوثائقي، أجمعت كل الشهادات على أن كل من يعيش معه، أو يدخل حياته يطاله هذا الأذى/أذى العنف. فكان يضرب زوجته لأتفه الأسباب “الأم منا” ،مثلما كانت العصا و”الفلقة” وسيلة التخاطب الوحيدة التي يتعامل بها مع الأطفال حتى ممن هم في سن صغيرة. وروى احدهم في إحدى شهاداته أن الأطفال عندما شاهدوا سيارة تدخل القرية وهم من اعتادوا العيش بالبغال ودلقوا جرة الماء على الحصير ،ضربهم ضربا مبرحا بالفلقة حتى أن أحدهم بقي مريضا ثلاثة أشهر كاملة. كما أنه كان يشدّ الأطفال من آذانهم بقسوة حتى يدميها وتصاب بجروح وألم كبير.
مثل هذه القسوة ،لم تكن حجة لصاحب الوثائقي لتشويه “الجد” زوج “منا” بقدر ما كان حجة يبرر من خلالها محسن الغربي عنف والده تجاهه وتجاه أمه الأجنبية ،بناء على كونه لم يعرف الحب حتى يمرره لمن يحيطون به عملا بمقولة فاقد الشيء لا يعطيه. وفاقد الحب والسعادة في أسرته عاد إلى مسقط رأس والده وجذوره الريفية من خلال الذاكرة الضعيفة للام منا ليكشف حجم معاناة العنف المتوارث بين الأشخاص ،بل في شجرة العائلة نفسها.
في هذا المناخ تربى والده برصيد من الحقد والألم ، ومن تفاصيل ما استقاه من أراء من شهود عيان ومن الجدّة اكتشف أن الجد محمد بدوره كان ضحية عنف والد أهمله في سن مبكرة جدا ورماه في الشارع فعاش بلا حب وشرب من الحياة كثيرا من القسوة وأشرب كل من حوله نفس الألم . فكان رحى العنف يدور بقسوة ويتوسع، وتبتلع المتاهة لا نفس الأشخاص بل أبناءهم، ليؤكد بذلك صاحب الوثائقي أن للعنف الأسري جذوره الضاربة في شجرة العائلة، وهو متوارث ضحاياه يتداولون نفس الألم ونفس التركة.

المصدر: الجمهورية