شاه همزة وغمزة : ألم تكفنا حرائق الأسعار لنزيدها حرائق النّار..؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / همزة وغمزة : ألم تكفنا حرائق الأسعار لنزيدها حرائق النّار..؟ / Video Streaming

كتب الأمين الشابي 

تحمّل المواطن الكريم كلّ أنواع الحرائق التّي توالدت وتناغمت أحيانا وتكالبت عليه وأذاقته الويل وأرته النجوم في عزّ النهار حيث لا مأوى يأويه من حرائق الأسعار الملتهبة تصاعديا ولا مأوى له من حرائق تدهور الدينار ولا مأوي يأويه أيضا من الحرائق التي يشعلها السياسيون ولا مأوى يأويه من حرائق من انتخبهم ليمثلوه في مجلس نواب الشعب إلى درجة وأنّه تأقلم مع كل هذه الحرائق الملتهبة هنا و هنالك و انسحب من المواجهة برمي المنديل  وقال ” ب…اع ” اكتويت من كل هذه الحرائق. ولم أعد قادرا على مواجهتها…

نعم لقد تحمّل المواطن الكريم كل هذه الحرائق ولكن أن تصبح الحرائق الفعلية من ألسنة النيران تهدد بلاده وتهدد وجوده و اقتصاده المهدد أصلا فتلك مسألة أخرى لا يتحمّلها هذا المواطن لأنّ مثلنا العامي يقول ” ما يحرق بالنّار كان العزيز الجبار” أمّا أن تمتد بعد الأيادي إلى إشعال الفتنة  ولا أقول النيران في الجبال و الغابات و الأحراش و الأشجار فتلك جريمة لا تغتفر.

 أقول هذا الكلام وأجزم هنا وأنّ كل الحرائق التّي تعيشها بلادنا هذه الأيام هي حرائق مفتعلة و بفعل فاعل و إلاّ كيف نفسّر هذا التزامن في نشوبها ( 40 حريقا في باجة لوحدها وغيرها في عين دراهم و طبرقة وأخرى في سجنان و في ماطر وفي القصرين والقائمة تطول) وهذا التوزيع الجغرافي لها حيث كانت ولايات بنزرت  وباجة والكاف وجندوبة والقصرين وغيرها مسرحا لهذه الحرائق.

هنا أتساءل وأمضي بالقول هل هذه الحرائق تجد تفسيرها في النجاحات العسكرية والأمنية لتصدي كوادرنا وأعواننا ونجاحهم في القضاء على ظاهرة الارهاب ؟ وهنا أعتقد وأنّ هذه النجاحات دفعت المجرمون والارهابيون، أمام انهيارهم ، إلى تغيير خططهم و الجنوح إلى استراتيجية الأرض المحروقة وهذا ما يفسر التوزيع الجغرافي لهذه الحرائق وتزامنها.

أيضا يمكن أن تكون اليد القوية التي ارتأتها الحكومة في ملف الفساد و من ورائها أعوان الديوانة التّي أبلت البلاء الحسن في التصدي لكل أنواع عمليات التهريب وما أنجزته طواقمنا الديوانية و الأمنية من احباط الكثير من العمليات إلاّ دليل على ردّ فعل هؤلاء المهربين و المخربين للاقتصاد الوطني وأمام تشديد الخناق عليهم لابدّ من ايجاد لهم من مخرج وقد وجوده ربما في تشتيت قوى الأمن والديوانة والجيش و الحماية المدنية عبر زرع الحرائق ليخلو لهم الجو و يمرّرون ما عجزوا على تمريره في الأوقات العادية تحت عيون حراس الاقتصاد الوطني.

وقد تكون كذلك دوافع هذه الحرائق سياسية خاصة والبلاد مقبلة على محطات سياسية هامة لعلّ أهمها الانتخابات البلدية الذي بدأ التسخين لها مبكرّا بل لعلّ الانتخابات الرئاسية هي التّي تسيل لعاب بعض الجهات وبعض الأحزاب و لعلّ تأزيم الواقع عبر كلّ السبل وكلّ الوسائل بما فيها اشعال الحرائق وتوزيع الأدوار تعتبر سلاحا هاما لإقناع النّاخب بعجز من يحكم حاليا و تقديم أنفسهم البديل و المخلص لهذا الوطن والشعب من وضعهم نحو الأفضل ففي عالم السياسة للأسف كل شيء جائز في غياب الوعي و التفكير السياسي السليم حتّى لا أقول وأنّ تفكير سياسيي هذا العصر الكلب ينحصر في الوصول إلى دفة الحكم و بعدها لكل حادثة حديث.

هذه بعض الهواجس التّي أقضت مضجعي و أضجرت راحتي وتركتني أفكر جدّيا في مصير وطني في وجود أشخاص لا يتوانون في افتعال الحرائق  التي قد تأتي على الأخضر واليابس من أجل مصالح ضيقة وفتات من المال بدون التفكير في مصير وطن وشعب ضحى آباؤنا وأجدادنا بالغالي والنفيس من أجل أن نعيش نحن اليوم بكرامة بعيدا عن أي شكل من أشكال الاستعمار وهنا أستحضر ما قاله الزعيم بورقيبة في يوم ما وهو ما معناه وأنّه “لا خوف على تونس من عدوّ خارجي بل الخوف من خرابها على أيادي أبنائها…”

المصدر: الصريح