شاه يوميات صريح في( الصريح) : هل بمثل هذا القطار (الحويلة) نقول ان تونس جميلة؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / يوميات صريح في( الصريح) : هل بمثل هذا القطار (الحويلة) نقول ان تونس جميلة؟ / Video Streaming

كتب ابوذاكر الصفايحي

(يا والله نهار على عمار) هذا مثل سمعناه من الآباء والجدود الذين كانوا يقولونه اذا راوا امرا يغضب ويحير ويكاد معه المرء ان يقطع ويمزق ما عليه من الثياب او من (الجرود) وهذا ما وقعت فيه وما قلته يوم السبت الفارط ولا اظنني بمخطئ ولا اظنني بغالط..
ففي ذلك اليوم الحار عرض لي عارض والزمتني الحاجة ان اركب قطار الخطوط البعيدة وانا امني النفس بسفرة مريحة هنيئة طيبة سعيدة ولكن العكس هو الذي وقع وهو الذي حصل فقد سافرت سفرة هي من نوع الزنباع والدفلة والبصل فقد اخذت مكاني في محطة حمام الانف لاركب القطار المتوجه الى سوسة والمبرمج للساعة منتصف النهار والنصف ولكن طال بنا انتظارحضرة وجناب القطار الذي لم يحل ركبه الا بعد الساعة الواحدة بربع ساعة اي بتاخير بلغ الساعة الا الربع والمسافرون ينتظرون وهم واقفون على الرصيف في غرغور القايلة وفي عزة حرارة الصيف ولما راينا محياه قلنا لا باس والحمد لله فها قد جاء الفرج وها اننا سنستريح في القطار وننسى حرارة الشمس وننسى طول وعسر الانتظار ولكن ما ان ركبنا هذا القطار المحنون حتى وجدناه مكتظا بصفة واضحة مبينة.. وان مثلنا فيه كمثل حكة السردينة ومما زاد الطين بلة ان مكيف الهواء فيه لا يشتغل وقد قيل لنا ان القطار قد تاخر لان اعوان السكة الحديدية كانوا يحاولون اصلاح العطب لكنهم فشلوا في الاصلاح فقد ابى هذا المكيف الا ان يتعطل وان يسكت عن الكلام المباح واصبح القطار في غيابه شبه فرن الكواش اوالطابونة التي تنضج وتحرق الخبزة المعروكة المعجونة ولما لم اجد كرسيا اريح فيه فخار ربي وابرد عليه دمي وقلبي فقد بقيت واقفا بين الواقفين وسرعة القطاروانتفاضاته وهزاته تلقيني وتطيح بي وتخضني كاللبن ذات الشمال وذات اليمين الى ان رافت بحالي فتاة مؤدبة رحيمة ووهبتني مقعدها بعد رات حالتي المحزنة الاليمة فدعوت لها خيرا واخذت مكانها على استحياء ولكني لم استرح كما يجب ان تكون الاستراحة من التعب والاعياء.. اذ كان علي ان امسك بيدي غطاء النافذة حتى لا تحرقني اشعة الشمس الحارقة ام عن حالة كراسي ذلك القطار فاظنها تشكو حالها كل يوم وكل سفرة الى ربنا وربها العزيز الغفار فرغم انها مصنفة في الدرجة الأولى الا ان حالتها تؤكد انها من الدرجة الثانية او الدرجة الأخيرة ولقد بقيت طوال تلك السفرة اسال نفسي هذا السؤال على اي اساس صنفت شركة السكة الحديدية تلك العربة من الدرجة الاولى ورفعت في ثمن تذكرتها على حساب اختها وجارتها؟وهل كانت تدري وتعي حقا بحالها وبوضعيتها؟ ثم انني اسال هذه الشركة وارجوان تجيب بكل صراحة هل مازال هذا القطار الذي تستخدمه وتخصصه لنقل المسافرين في الخطوط البعيدة صالحا للاستعمال ولائقا باسم البلاد التونسية التي تجاوزت ستين سنة من زمن وعمر الاستقلال؟.

انني ارى والحق يقال ان مثل هذا القطار العجوزالمصفر البالح الشائح لم يعد يليق حتى بنقل الحيوانات التي اصبحت البلدان المتقدمة تنقلها في ارفع انواع المراكب واحسن واحدث انواع القطارات والعربات فهل ان التونسيين قد اهينوا وذلوا الى هذه الدرجة من الاهانة والذل حتى يسافروا بل يساقوا في ظروف رديئة لم تعد تساق بها الكلاب ولا الخيول ولا الابل؟..

وهل بمثل هذا النوع من القطارات ستشجع شركة النقل الحديدية على السياحة الداخلية والسياحة الخارجية؟.. فليتنا نرى ونسمع في الأيام او الشهور القليلة القادمة ان شركة السكك الحديدية العريقة في هذه البلاد التونسية احالت مثل هذا القطارالعجوز الهرم على المعاش واراحته من تعب السير ارهاق الدولاش وابدلته بقطار جديد محترم حديث سريع شاب حتى تريح حرفاءها الزوالية الطيبين الذين يدعون الله ليلا نهارا ان يستريحوا قريبا من سفرات الاختناق والقلق والعذاب وحتى يشعروا حقا وفعلا ان هناك من يفكرون فيهم في هذه البلاد وحتى لا يقولوا ولايرددوا متالمين ومقهورين ويائسين ذلك المثل القديم الصحيح الثابت(اش كون يفكر فيك يا بوفسية في اي ارض نابت).

المصدر: الصريح