شاه المنصف بن مراد يكتب: هل أصبحت تونس ملكا لـ«ولد بوه»؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / المنصف بن مراد يكتب: هل أصبحت تونس ملكا لـ«ولد بوه»؟ / Video Streaming

عندما صوّتت أغلبية من الشعب لفائدة نداء تونس والباجي قايد السبسي، فقد فعلت ذلك لفائدة برنامج وشخصية سياسية اعلنت انّ «النداء والنهضة خطّان متوازيان».. كما صوّتوا للنداء من منطلق انّ قيادته السياسية تتمتع بخبرة وشخصية ورؤية وعزيمة! لكن شيئا فشيئا تغيّرت المعطيات وحصل تقارب مع النّهضة سفّه كلّ الوعود الانتخابية،  ثمّ أصبح حافظ قايد السبسي يتحكّم في ما بقي من النداء ويقترح اسماء عدد من الوزراء والولاة والمعتمدين والرؤساء المديرين العامين والسفراء!! وهكذا اصبحت تونس في خطر لأنّ حافظ قايد السبسي يفتقر للخبرة والدراية والتكوين الكافي لتعيين الوزراء وليست له الكاريزما ولا الحزم لتسيير حزب في حجم نداء تونس.. ثم انّ ابن رئيس الجمهورية لم يزكّه أيّ مواطن في الانتخابات التشريعية لأنّه لم يترشّح أبدا! لكن رغم انّ النّاخبين لم يفوّضوا له ايّ سلطة للمساهمة في تصريف شؤون البلاد، أصبح الفاتق الناطق في نداء تونس مرتكزا على شرعية حزبية لا يمتلكها لأنّ النداء منقسم الى أحزاب وكتل وايديولوجيات مختلفة ومتضاربة، ويكفي ان نلقي نظرة على أسماء أنصار حافظ حتى نفهم انّ هذا الحزب سيتعرّض لصعوبات عديدة في الانتخابات المقبلة بما أنّه متشرذم ومتصدّع الصّفوف ومتحالف مع النهضة! فأيّ ناخب في التشريعيّة الماضية  عهد الى حافظ بتكوين لجنة تنسيق مع حزب السيد راشد الغنوشي لاتخاذ قرارات هامّة (خاصّة بعد ان قرّر السيد يوسف الشاهد اعلان حرب على الفساد..)؟ ثم هل كانت النهضة قادرة على تكوين هذه التنسيقيّة  لو بقي في حزب النداء الطيب البكوش ومحسن مرزوق ورضا بلحاج وبوجمعة الرميلي ولزهر العكرمي ومنذر بلحاج علي وعبد المجيد الصحراوي وبشرى بلحاج حميدة وليلى الشتاوي وغيرهم من السياسيين والمتمرّسين ذوي الخبرة والشخصية؟

لقد بات واضحا انّ عملية اقصاء القياديين الفاعلين وأصحاب المبادئ كانت ـ لن أقول مبرمجة ـ بل برضا رئيس الجمهورية الذي سمح بهذا الاستيلاء على السلطة في النداء حتى يتمتّع ابنه بقيادة الحزب وربما بموقع بارز في الساحة السياسية الوطنية.. انّ اختيارات «ولد بوه» أفرغت حزب النداء من أهمّ قياداته النسائيّة والذكورية حيث غادره ما يفوق 25 من أبرز مسيّريه  ولم يبق في هذا التجمّع السياسي سوى انصار حافظ وعدد منهم يطمحون «لمنصب» وزاري حتى لمدة سنة واحدة!
وفي هذه الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الصعبة غرق حزب حافظ في المشاكل الداخلية والهامشية وأضحى شغله الشاغل هو فرض زعامة هذا الرجل وترشيحه للانتخابات الرئاسيّة المقبلة، وكل ذلك بتشجيع ضمني من سي الباجي الذي يبدو أنّه جعل مصلحة ابنه فوق مصلحة حزب النداء! انه خطأ استراتيجي يرتكبه رئيس الجمهورية علما انّ النهضة ستنتفع أكثر من كل المجموعات السياسية الأخرى بهذا التوجّه السلبي والمضرّ!
انّ الشرعية الوحيدة التي يمتلكها حافظ هي انه «ولد بوه»، لم يسانده سوى بعض الندائيين وبعض العناصر الانتهازية!
وأعتقد انّ على السيد يوسف الشاهد ان يرفض «شرعية» حافظ قايد السبسي وان يطالب باختيار كفاءات في حكومته الجديدة وخاصّة وزراء وطنيين لا يعترفون بمصالح الأحزاب في وزارات الدّاخلية والدّفاع والعدل والتعليم والشؤون الدّينية والاتصال، فهذه الوزارات تحتاج الى حياد مطلق من قبل من يعيّنون على رأسها حتى وان برهن وزيران حاليان عن كفاءة عالية ووطنية لا يرقى إليها شكّ! فإمّا ان يختار رئيس الحكومة وزراء أكفّاء ووطنيين ويواصل بكلّ حزم حربه على الارهاب والا سيقضي على مستقبله كرجل دولة وقد يعرف بعد أسابيع آو اشهر مصير مهدي جمعة أو الحبيب الصيد!

انه الحلّ الوحيد الذي بإمكانه انقاذ تونس في هذه الظروف العصيبة وان رفضه النداء والنهضة فما على يوسف الشاهد الاّ ان يتحدّى الأحزاب والمصالح الحزبية ويصارح الشعب بأنّه رفض املاءات Diktat حزبين لا يعترفان عموما بمصالح تونس بل بمصالح الأحزاب الكبرى.
في الختام انّني أنصح السيد رئيس الجمهورية  بمشاهدة تسجيل مسرحية توفيق الجبالي التي افتتحت مهرجان الحمامات، ففيها يحاور ملك ابنه الغبي الذي يطمح لخوض غمار السياسة.. قد يبالغ صحفي في تحليله ولكن الفنّان لا يخطئ وهو يتنبّأ بالمستقبل ويتحدّث عن الواقع المرّ!

المصدر: الجمهورية