شاه في حوار خاص بأخبار الجمهورية السيد مجدي زركونة الرئيس المدير العام لشركة «سرفيكوم»: هـــــذه أســرار قـوتـنــا

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / في حوار خاص بأخبار الجمهورية السيد مجدي زركونة الرئيس المدير العام لشركة «سرفيكوم»: هـــــذه أســرار قـوتـنــا / Video Streaming

حاوره: المنصف بن مراد

البضاعة المهربة والتجارة الموازية تتحكمان في أكثر من 51 ٪ من السوق الوطنية

«سرفيكوم» هي المصنّع الأوّل والوحيد للمصاعد في شمال افريقيا

مجتمـعـنــا منغلق على نفسه يرفض الابتــكـــار والاجتهاد

من بين رجال  الأعمال الناجحين يمكن ذكر السيد مجدي زرقونة الرئيس المدير العام لشركة سرفيكوم.. هو رجل يؤمن بالعمل والتضحية والقدرة على الإبداع وتطوير المؤسسة الاقتصادية وضمان الازدهار لها رغم الظروف الصعبة جراء انزلاق قيمة الدينار والاضطرابات الاجتماعية… لأنّنا نرى فيه نموذجا ونجاحا ومثالا، تحادثنا معه في أسرار نجاحه علما أنّه أسس شركته سنة 2004 سنه آنذاك 32 سنة وها إنّ معاملاته التجارية تفوق 60 مليارا سنويا…

ـ في البداية ما هي ـ في تقديرك ـ أهم مشاكل تونس اليوم؟
نحن الآن في مرحلة انتقالية صعبة لكن الأمل جائز… مشاكلنا عديدة على غرار الإرهاب والاضطرابات الاجتماعية والفساد لكن هناك مشكلتان تبدوان لي على غاية من الخطورة..
أولاهما أنّ الدولة تبدو أحيانا متعثرة وأحيانا أخرى منهارة Un Etat défaillant، تونس بحاجة لدولة قوية وعادلة تؤسس لمناخ سليم يسمح للفرد بالتمتع بحقوقه ويخضعه لواجباته ويحتم عليه الامتثال للقانون..
أمّا المشكل الثاني فيبرز على صعيد المناخ العام الذي يتسّم بضغط جبائي هام سواء بالنسبة للمؤسسة الاقتصادية أو للمواطن، في حين لا توفر الدولة  ـ بما فيه الكفاية ـ أفضل الخدمات مثلا في التعليم والصحة.. إذا كان هناك ضغط جبائي هام فلا يعقل أن تبتلعه الجرايات والزيادات في الأجور والحال أنّ بلادنا بحاجة لتشغيل الشباب والكفاءات والتنمية الشاملة.
إن تونس مهددة أيضا بتلاشي بعض القيم الهامة مثل قيمة العمل، كما أنّ هناك أيضا تهديدات جديدة سببها التشدد الديني وما يترتب عنه من تكبيل للحريات والإبداع.
ـ ومع هذه التهديدات…
نحن مجتمع منغلق يرفض الابتكار والاجتهاد.. كل فرد يمتلك ـ وللأسف- زادا كبيرا في الإفراط في الأنانية والنرجسية بما جعل الثقافة الاجتماعية ثقافة جمود وركود وبيروقراطية وهكذا باتت المكافأة من نصيب الفرد الخامل الكسول بينما يعاقب المبادر والمجتهد..
ـ ماهي انعكاسات هذا الجمود؟
إن المؤسسات التونسية والأفراد الذين يغامرون ويخلقون الثروات المادية والفكرية يجتهدون وسط تقاليد وتراتيب وممارسات جامدة، فما معنى ـ مثلا ـ أن نعمل حصة واحدة في الصيف ونحن بلد متأخر اقتصاديا والشعوب المتقدمة لا تعترف بنظام حصة عمل واحدة في الصيف! في شركتي سرفيكوم لا نعترف بنظام الحصة الواحدة الصيفية لأنّنا نريد رفع كل التحديات!
ـ المصاعد (Ascenseurs) التي تنتجونها تحظى بسمعة جيدة، ما السرّ في ذلك؟
نحن نصنع مصاعد بمواصفات أوروبية بنسبة إدماج بـ 45 ٪ ونقوم بتوزيعها اليوم في كل من تونس والجزائر والمغرب وفرنسا.. في سرفيكوم خصصنا عددا من المهندسين للبحث في تطوير المصاعد وضمان درجة عالية من الجودة ونحن عازمون على ترويج منتوجنا في أوروبا وخاصة في فرنسا لأنّ مستقبل الشركات التي يغذيها الطموح هو التصدير إلى كامل أنحاء العالم..
نحن فخورون بمنتوجاتنا وخاصة أننا اليوم المصنّع الأول والوحيد للمصاعد في شمال إفريقيا. ونعمل كذلك أقصى جهدنا حتى تكون خدمات التركيب وخدمات ما بعد البيع في نفس مستوى جودة المصاعد..
ـ وإضافة للمصاعد؟
شركتنا تنشط أيضا في الأشغال العامة والطرقات وترميم الأحياء الشعبية، ويمثل هذا النشاط 60 ٪ من رقم أعمالنا.. لقد أصبحنا نمتلك تقنيات إنجاز الطرقات والمنشآت بجودة عالية لأنّ ما يهمنا قبل ربح المال هو إنجاز عمل قيّم ـ مهما كان ـ يبعث في أنفسنا (كلنا) الشعور بالاعتزاز وبالانتماء لمؤسستنا! وأنصح الشباب الذي يغامرون في بعث مشاريع بوضع عامل الإبداع والجودة على رأس سلم قيمهم فهو سر النجاح..
ـ وماذا عن مكيفات الهواء؟
نحن نوزّع مكيفات هواء شركة هيتاشي اليابانية منذ 10 سنوات.. شركتنا تضمّ كحرفاء كبرى المؤسسات التي تهتم بمسألة الاقتصاد في الطاقة على غرار المساحات التجارية الكبرى والبنوك والباعثين العقاريين..

ـ وماذا عن نشاط شركة «سرفيكوم» في قطاع الاتصالات والهواتف الجوالة؟
شركتنا تقدم منتوج هواتف تحت الإسم التجاري «سرفيكوم» ذي جودة عالية وبسعر مناسب في المتناول كما أننا نسعى إلى تحسين شبكة التوزيع، ولقد كونا مهندسين تونسيين أكفاء لتطوير منتوجنا لكن هناك سوق موازية وعمليات تهريب تضر بمصالح كل المنتجين والموزعين للهواتف الجوالة.
ـ لكن ما علاقة الأشغال العامة بالاتصالات وبالتكييف والمصاعد التي تتعاطاها شركتكم؟
هناك تواصل ما بين الأشغال العامة والتكييف والمصاعد وحتى الاتصالات… فكل هذه الأنشطة مرتبطة ببعضها البعض من ناحية أنها تتوجه إلى نفس الفئة من الحرفاء الذين لهم حاجيات في البنية التحتية، زيادة على ذلك فإنّ إدارة مشاريع البناء على اختلافها تتطلّب نفس التقنيات..
ـ أهذا سرّ نجاحكم؟
سر نجاحنا ـ رغم نسبيته ـ هو قدرتنا على الابتكار واعتبار رضاء المستهلك والجودة من ركائز أي تطور للمؤسسة الاقتصادية! التضحيات والاجتهاد والبحث عن كسب ثقة المستهلك هي فلسفتي وشغلي الشاغل في العمل.
ـ وماهو نشاطكم في الخارج؟
نحن مهتمون بتطوير نشاطنا في البلدان الأوروبية والمغرب العربي وإنّنا بصدد العمل على تكوين شبكة توزيع في فرنسا… لكن يجب التذكير بأنّ البنوك التونسية لا تقدم للمؤسسات التونسية التي تبحث على أسواق خارجية جديدة التسهيلات المالية الضرورية فيضطر المستثمر التونسي أما إلى الاكتفاء بالسوق الداخلية الضيقة أو تقديم تمويل ذاتي غير كاف..
إنّ تونس بحاجة لمراجعة كل القوانين والتراتيب والتعامل مع الشركات التي تعتزم اكتساح الأسواق الخارجية وإلاّ بقيت المؤسسة الاقتصادية التونسية تتعامل مع سوق ضيقة ومستهلك يفتقر لقدرة شرائية هامة، زيادة على ذلك البضاعة المهربة والتجارة الموازية  التي تتحكمان في أكثر من 51 ٪ من السوق الوطنية!
ـ وما هو موقفكم من ظاهرة الفساد؟
هو السرطان الساحق! إن الفساد اليوم هو ظاهرة وثقافة حتى أصبح من مكونات العقلية التونسية.. هناك فساد صغير يعرفه ويمارسه أغلب التونسيين لقضاء شؤون بسيطة ولكن هناك فساد كبير سمح للتجارة الموازية بالازدهار والأضرار بالمؤسسة التونسية كما أنّ هناك فسادا أكبر في بعض الصفقات العمومية وتونس بحاجة للشفافية في الصفقات حتى ننقذ اقتصادنا وبلادنا.
ـ ماهي أمانيك؟
أن تصبح تونس بلد عمل بعد أن باتت مهددة بأن تصبح بلاد الكسل.. يجب تشجيع من يعمل ماديا ومعنويا ومحاربة ثقافة «البيليك» والكسل والبيروقراطية كما يجب توفير أحسن الظروف للمؤسسة الاقتصادية التونسية التي تمر عامة بظروف صعبة… وفضلا عن ذلك يجب إحداث ثورة في الأذهان والممارسات حتى نتحول إلى مجتمع خلاق ومبدع فكريا وثقافيا واقتصاديا…
وهذا لا يمكن انجازه طالما أنّنا مكبلون بالكسل والخمول والظلامية التي تهدّدنا.

المصدر: الجمهورية