شاه قانون زجر الاعتداء على القوات المسلّحة: تأمين للحماية أم عـــــــودة للدكتاتورية؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / قانون زجر الاعتداء على القوات المسلّحة: تأمين للحماية أم عـــــــودة للدكتاتورية؟ / Video Streaming

أثار مشروع قانون «زجر الإعتداء على القوّات المسلّحة» في تونس جدلا واسعا و عبّر جزء من المجتمع المدني عن رفضه القاطع له و وصفه بأنه تقنين لعودة الاستبداد و لدولة البوليس.
فما أن شرعت لجنة التشريع العام في نقاش مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح، حتّى تباينت المواقف حول هذا القانون بين مؤيدين لسنّ قانون زجري يضع حدا للاعتداءات المتكررة ضدّ الأمنيين خاصة في ظلّ ما أثارته حادثة حرق عون الأمن الشهيد مجدي الحجلاوي أثناء آداء مهمته من ردود فعل مستنكرة ومنددة لها، وبين رافضين لهذا المشروع من الذين اعتبروا أنّه سيساهم في تكريس الدكتاتورية والدولة البوليسية..
وقد دعت في هذا الإطار، 11 جمعية ومنظمة مجتمع مدني في بلاغ مشترك لها ومن بينها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والجامعة التونسية لمديري الصحف، دعت إلى سحب مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على قوات الأمن الداخلي والقوات المسلحة العسكرية فورا، طالبة من الكتل النيابية والأحزاب السياسية تحمل مسؤولياتها كاملة في الوقوف ضد المشروع.

عودة العقوبات السالبة للحرية

وقالت المنظمات في البيان بأن مشروع القانون تضمن مجموعة من الفصول التي تؤسس لدولة ديكتاتورية بوليسية وذلك من خلال عودة العقوبات السالبة للحرية في مجال الصحافة التي تصل إلى10 سنوات سجنا بتهم فضفاضة مثل كشف أسرار الأمن الوطني..
فضلا عن غياب التنصيص على حقوق الصحفيين والتضييق على النشر بالتراخيص المسبقة وجعل المؤسستين الأمنية والعسكرية فوق كل نقد وتوصيف أي موقف فكري تجاهها على أنه تحقير لها يستوجب عقوبات تصل السنتين سجنا.
واعتبرت أنّ مشروع القانون الجديد لا يعد ضربا لحرية الصحافة فقط بل ضربا لحرية التعبير من خلال تجريم حق التظاهر وتشديد العقوبات على القائمين بذلك باسم تعطيل السير العادي للعمل .

عمل عدائي واستهداف لحرية التعبير والتظاهر

وقالت المنظمات والجمعيات في بيانها المشترك أنّ المشروع تضمّن عقوبات قاسية لا نجدها الا في الأنظمة الديكتاتورية على غرار السجن مدى الحياة لكل من يقوم بتحطيم عربة أمنية. واستباحة قتل المواطنين من طرف الأمنيين، في حال حصول اعتداءات عليهم، دون أن تترتب عن ذلك أية عقوبة وهو ما يتناقض مع آلية التدرج في استعمال القوة.
وبناء على هذا استهجنت منظمات المجتمع المدني هذا المشروع واعتبرت مجرد عرضه بتلك الفصول عملا عدائيا واستهدافا لحرية التعبير والتظاهر وتطالب بسحبه فورا، كما تدعو الكتل النيابية والأحزاب السياسية الى تحمل مسؤولياتها كاملة في الوقوف ضد هذا المشروع القمعي. وفق نص بيانها.

العودة إلى المربع الأسود

بدوره، يرى كاتب عام نقابة موظفي المصالح المشتركة شوقي بن سيلمان أنه يجب ادخال تعديلات على قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين كي لا يعود بنا في صيغته الحالية إلى خوض تجربة «المربع الأسود» في علاقة الأمني بالمواطن.
وطالب شوقي بن سيلمان في تصريحات إعلامية بضرورة التدقيق جيدا في مشروع القانون واعطائه الوقت الكافي لمناقشة فصوله حتى لا يتم تكريس الإهانة للمواطن  لحساب الوحدات الأمنية والمحافظة على التحولات الأمنية الايجابية التي شهدتها تونس في السنوات الأخيرة.
وشدد النقابي بن سليمان، على ضرورة حماية الامنيين من الاعتداءات المتكررة ضدهم لكن بقانون يتماشى مع الدستور ولا يعتدي على حقوق الانسان ولا على الحقوق والحريات في تونس.

الاعلامي يوسف الوسلاتي: هذا القانون مخالف لروح الدستور

من جهة أخرى نذكّر بتصريح خصّنا به سابقا الإعلامي يوسف الوسلاتي، قال فيه إن مشروع هذا القانون لم يصغ لحماية الأمنيين بل جاء لضرب حرية الصحافة وهو ما يؤشر لمشروع نشأة دولة ديكتاتورية وبوليسية.
واعتبر الوسلاتي أن هذا القانون يعيد العقوبات السالبة لحرية الصحافيين بذريعة نشر أسرار أمن الدولة والحط من معنويات الأمنيين والتي تعيد إلى أذهاننا مقولة «تعكير صفو النظام العام» في عهد بن علي على حد تعبيره.
وأردف يوسف الوسلاتي قائلا إن القانون المذكور يشدد العقوبات بصورة فظيعة على الاحتجاجات الاجتماعية والتي قد تصل إلى عقوبات لمدى الحياة، كما يجيز للأمنيين إباحة القتل دون تتبّع جزائي، كما أنه يقفز على آلية التدرج في استعمال القوة.

الصحبي بن فرج: «حادثة استشهاد الأمني مجدي الحجلاوي في البال، وكفانا من الاحكام المطلقة»

على صعيد مقابل وفي اتصال جمعنا مع النائب عن كتلة الحرّة الدكتور الصحبي بن فرج لاستبيان موقفه من هذا المشروع، أكّد لنا أنّه من بين المناصرين لهذا القانون الذي اعتبر انه سيكرّس الحماية لقواتنا المسلّحة وسيساهم في الحد من الاعتداءات المسلطة تجاههم قائلا إنّه يلخّص موقفه خاصة بناء على حادثة استشهاد الأمني مجدي الحجلاوي حرقا أثناء آداء واجبه بسيدي بوزيد فضلا عن التصريح الذي نقله إليه وزير الداخلية أثناء زيارته لزميل الشهيد الذي كان أيضا قد تعرّض للحرق على مستوى ذراعه حيث أجاب عن أسباب عدم ردّ الفعل والدفاع عن نفسه خاصة وأنه كان حاملا للسلاح بأنه تجنّب ذلك خوفا من التتبعات القضائية قائلا «من سيدافع عني إن أصبت مواطنا حتى وان كنت في حالة دفاع عن النفس؟»..
وأكّد بن فرج أنّ القانون لن يكون حصانة للأمنيين ولأعمالهم بل الغاية منه هو وضع قانون لحمايتهم أثناء آداء مهمتهم سواء في مقراتهم الأمنية أو سواها من الاعتداءات الموجهة في ضدهم..
وحول الفصول المضمنة بمشروع القانون والتي حذّرت منها جمعيات ومنظمات حقوقية معتبرة إياها سالبة للحرية ومكرسة للدكتاتورية، قال النائب الصحبي بن فرج «نحن ضامنون للحقوق والحريات مثل المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني والقضاء وكل طرف يبدي تحفظا أو تخوفا على صيغة ما أو فصل ما من حقه التحسيس بذلك وكلنا آذان صاغية وعلى ذمتهم للدفع نحو التعديل وكفانا من الأحكام المطلقة»..

وزير الدفاع: حماية الأمنيين والعسكريين ستكون في إطار حماية حقوق الإنسان

في المقابل أكّد وزير الدفاع الوطني أن حماية الأمنيين والعسكريين ستكون في إطار حماية حقوق الإنسان والنواميس الدولية المتعلقة بدولة القانون مؤكدا انّه لن يكون له تأثير سلبي على منظومة حقوق الإنسان بالنظر إلى وجود ضوابط وقيود تحمي الحريات كما ان ّ هذا المشروع يتضمن جانبا وقائيا وتوعويا فضلا عن جانبه الزجري.
و أشار إلى انّ مشروع زجر الإعتداء على القوات الحاملة للسلاح يختلف عن الأمر الرئاسي المتعلق بحماية المناطق الحساسة ومناطق الإنتاج بالنظر إلى انّ الأول جاء في إطار دعم وحدات الجيش لقوات الأمن والثاني يتعلق بالمناطق العسكرية المحجرة والمدققة جغرافيا بقرار من وزير الدفاع والوزير المعني بالمنشأة.

وزير الداخلية: الهدف الأساسي من مشروع القانون ليس الزجر

من جانبه ورغم الرفض الواسع لهذا القانون، فقد أكد وزير الداخلية هادي مجدوب لنواب لجنة التشريع العام أن الهدف الأساسي من مشروع قانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة ليس الزجر بل إيجاد الحماية القانونية اللازمة للوحدات الأمنية والعسكرية والديوانية والتصدي للتهديدات التي يتعرضون لها هم ومقراتهم ومعداتهم وعائلاتهم، واعتبر أنّ العقوبات الواردة فيه ليست صارمة.
وأكد أن تواتر الاعتداءات على الأمنيين فرضت استعجال النظر في مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على القوات الحاملة للسلاح وكشف انه منذ سنة 2011 إلى اليوم تعرّض 60 عون أمن للقتل فيما جُرح 2000 آخرين خلال آدائهم لمهامهم.
والتداعيات الخطيرة للاعتداءات على القوات الأمنية وفق وزير الداخلية تطلبت استعجال النظر في القانون لتوفير الإمكانيات اللازمة لحمايتهم بالنظر إلى أهمية الدور الموكول لهم في توفير الأمن خاصة ان الأحكام الحالية الواردة بالمجلة الجزائية وفق تقديره منقوصة وغير كافية لضمان الحماية اللازمة للقوات الحاملة للسلاح والسلامة الشخصية لاعوانها بالمقارنة مع الأحكام التي اتخذتها عديد الدول الديمقراطية.
وبخصوص الباب الثاني من مشروع القانون المتعلّق بإفشاء الأسرار فالهدف من سنه وفق مجدوب هو سدّ الثغرة الموجودة في هذا الجانب من خلال نص قانوني يحمي أسرار الأمن الوطني على غرار الحماية التي يكفلها المشرع في سلك الدفاع الوطني وقد اعتبر مجدوب ان ما ورد في مشروع القانون من عقوبات لا يمس من حقوق الإنسان ولا يتعارض معها، وقد طالب النائب عن حركة مشروع تونس محمد الطرودي بضرورة الا يتعارض الباب الثاني من مشروع هذا القانون مع حقّ النفاذ للمعلومة المقنّن.

الحماية المدنية على الخط

على صعيد آخر أعربت النقابة الأساسية للحماية المدنية ببنقردان عن استنكارها من استثناء سلك الحماية المدنية من مسودة مشروع قانون زجر الاعتداء على قوات الأمن الداخلي المقترح من طرف وزارة الداخلية للمصادقة عليه بمجلس نواب الشعب ما أحدث حالة من الاحتقان الشديد في صفوف إطارات وأعوان فرقة الحماية المدنية ببنقردان.
وحسب نص بيان صادر عن النقابة فإنّ أعضاءها وكافة إطارات وأعوان الحماية المدنية ببنقردان طالبوا سلطة الإشراف بوزارة الداخلية والديوان الوطني للحماية المدنية بتحمل مسؤولياتها تجاه منظوريها وفرض أحقية هذا السلك بالتمتّع بما يتمتع به بقية أسلاك قوات الأمن الداخلي والسجون والإصلاح .
وأعلنت النقابة حسب نص البيان عزمها التحرّك وفق كل ما تتيحه السبل القانونية من أجل نيل حقوق سلك الحماية المدنية .
كما أعلنت النقابة مساندتها للجنة المفاوضات صلب المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية الساعية لدرء الهنات التي رافقت هذا المشروع حسب ما ورد في نص البيان .

متابعة: منارة تليجاني

المصدر: الجمهورية