شاه يوميات أستاذ حرّ : هل يحقّق ميثاق شرعة الإمام الصادر في باريس الغرض من إصداره ؟

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / يوميات أستاذ حرّ : هل يحقّق ميثاق شرعة الإمام الصادر في باريس الغرض من إصداره ؟ / Video Streaming

كتب الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي

صدر أخيرا في باريس ميثاق أطلق عليه «شرعة الإمام» لمساعدة الأئمة في فرنسا على مواجهة التطرّف والتشدّد الذي شهدته الساحة الفرنسية في الفترة الأخيرة وقد تولى إعداد هذا الميثاق مسجد باريس الذي يتولى عمادته الدكتور دليل أبو بكر (وهو طبيب مختص كان والده الأستاذ حمزة بو بكر لعقود طويلة عميدا لمعهد ومسجد باريس وله مؤلفات عديدة منها ترجمته لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية والتي تعد من أفضل الترجمات).
وقد ترأس الدكتور دليل أبو بكر أكثر من مرّة المجلس الفرنسي للديانة الإسلاميّة CFCM ويدير هيآت متفرعة عنه ويأتي هذا الميثاق ليتخذ دليلا ومرجعا لأئمة المساجد والمصليات التي تزايدت أعدادها في السنوات الأخيرة سواء تلك الفضاءات التي حوّلت إلى مصليات أو تلك المساجد التي شيّدت ولا تزال في أحياء باريس ومختلف المدن الفرنسيّة ويتجاوز عددها ألفي مسجد. وممّا أكّد الحاجة إلى إصدار مثل هذا الميثاق ما عاشته فرنسا في الأشهر الأخيرة من أحداث إرهابية دامية ذهب ضحيتها عشرات الأنفس البشرية البريئة والتي استنكرتها الهيآت والشخصيات العلميّة الإسلاميّة وأغلب مكوّنات الجالية المسلمة.
• ويأتي هذا التحرّك تجاوبا مع نداءات السلطات الفرنسيّة في أرفع مستوياتها آخرها نداء الرئيس « إمنيال ماكرون» الذي دعا فيه القائمين على الهيئات الدينية إلى مواجهة التشدّد الدّيني.

• تضمن ميثاق الإمام المتكوّن من 25 بندا التأكيد على أن الإسلام في فرنسا هو نتيجة تفسير للنص في ضوء المستجدات ودعا ميثاق الإمام المسلمين في فرنسا وفي طليعتهم الأئمة الذين ترسل البعض منهم دول الجزائر والمغرب وتركيا وينتدب أغلبهم محليا من بين أبناء الجالية وهم من ذوي التكوين الديني المحدود دعاهم إلى عدم الاعتماد على خطاب الفضائيات والوسائط الافتراضية (انترنات وغيرها …) كما دعاهم إلى توخّي خطاب السماحة والرحمة والوسطية والتفتح والتعايش ونبذ الخطاب الطائفي المتزمت والمتعصب والمكرّس للكراهية، كما دعا الميثاق الأئمة إلى احترام قيم وقوانين الجمهورية الفرنسية.

• ونيّة الميثاق إلى أنه يعني الإسلام في فرنسا وليس الإسلام الفرنسي لما في هذا التفريق من إزالة لكل لبس واختلاف إذ روّجت للإسلام الفرنسي عديد الأطراف في السنوات الأخيرة لكن ذلك لم يجد تجاوبا لدى أغلب مكوّنات الجالية المسلمة.

• ذكر الميثاق ببعض المعطيات الواقعية المعيشة كاستهلاك اللحم الحلال مع ضرورة مراعاة ما يدعو إليه الإسلام من رفق بالحيوان وأعلن الميثاق الموقف المبدئي المتمثل في عدم معاداة السامية تمسكا بدستور المدينة وهو خير شاهد على تعايش اليهود مع المسلمين في سلام ووئام ودعا ميثاق معهد مسجد باريس المسلمين في فرنسا إلى توخّي الاعتدال والتوازن في تعاملهم مع الآخرين الذين يعيشون معه في فرنسا، كما دعا إلى المساواة بين المرأة والرجل وأكد أن الإسلام لا يجيز للمسلم الظلم والعدوان والقتل وأن الجهاد لا يكون إلا في الدفاع عن النفس فالإسلام دين سلام وواجب على المسلمين أن يتعاونوا مع غيرهم لتحقيقه.

تلك هي أهمّ مضامين ميثاق شرعة الإمام الصادر عن معهد ومسجد باريس والذي تبناه مجلس الديانة الإسلامية في فرنسا CFCM ودعا الجمعيات والهيئات المشرفة على المساجد إلى ضرورة التقيد والالتزام به عند التعاقد مع الأئمة الدين يتولون الخطابة والتدريس في المساجد والمصليات حيث يوجهون روادها بمختلف فئاتهم.

• إنّ صدور هذا الميثاق أو ما اصطلح على تسميته بـ»شرعة الإمام» خطوة في اتجاه النهوض بالخطاب الديني الذي انحسر لفائدة الخطاب الآخر الصادر عن الفضائيات وفضاءات الانترنات والفيس بوك وغيرها والذي يستقطب فئة الشباب من أبناء الجيل الثالث والرابع ومن المهتدين إلى الإسلام وهؤلاء في أمسّ الحاجة إلى الاهتمام بهم وتوجيه الخطاب الديني المستنير إليهم، الخطاب المعبّر عن جوهر الإسلام دين المواكبة لتحديات العصر والمحقق الخطاب المعبّر عن مقاصد الإسلام التي هي رحمة ورفق وسماحة ووسطية وتعايش وسلام تشهد لها وعليها النصوص المحكمة في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة والسيرة المحمدية العطرة وأفهام العلماء الإعلام المحققين المستنيرين.

• ميثاق أو شرعة الإمام في فرنسا خطوة في الطريق الصحيح الطويل الذي يستدعي تظافر جهود كل الأطراف القادرة على تقديم الإضافة النّوعية المطلوبة والتي تتناسب مع الثقل البشري لملايين المسلمين في فرنسا إذ يمكنهم به )وهذا وإن كان صعبا لكنه ليس بالمستحيل) أن يقدّموا الإسلام على حقيقته وفي أجمل صوره.

المصدر: الصريح