شاه السيد الوزير «المؤخر»: الناموس كلانا فلا تتأخر!!!

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / السيد الوزير «المؤخر»: الناموس كلانا فلا تتأخر!!! / Video Streaming

كتب: عبد الرحمان العياري

ككل سنة تتالى غزوات الناموس وأخواته على مدننا وأحيائنا لتنغص حياة الجميع لتطال لسعاتها جلودا ناعمة خاصة في المناطق المتاخمة للسباخ والاودية المتعفّنة ما حوّل سكّان المناطق الحضرية الى جحيم ولاسيما في الليل الذي من المفروض أنه مخصص للراحة والنوم.
ورغم تركيب «وسائل وقائية» مثل الحواجز المشبكة (موستيكار) على الشبابيك والابواب فإن ذلك يحتّم على أفراد العائلة إحكام فتح النوافذ وغلقها بكل صرامة لتجنب زيارة هذا الثقيل بل المزعج هذا الى جانب تحمل العائلة للحرارة وعدم التهوئة الكافية أو استعمال المكيّف وهو ليس في متناول كل عائلة خاصة في الاحياء الفقيرة.. وتبقى المبيدات الكيميائية بواسطة البخاخات وسيلة الاكثر استعمالا رغم ارتفاع اسعارها ورائحتها الكريهة بالنسبة للاطفال الصغار أو المرضى لكن يبدو أن جحافل الناموس تعودت على رائحتها بل طبّعت مع المعطّرة منها ولم تعد تزعجها بفضل «المناعة المكتسبة» في هذا الميدان.
ورغم تعاقب الحكومات وتغيّر الشخصيات وتبديل مسميات الوزارات فإن الناموسة وأخواتها بقيت صامدة ولاسعة ففي كل مناسبة يعدنا أولو الأمر منّا بأنهم عازمون ومصرّون ومقبلون على محاربة الناموس والقضاء على دابره بكل حزم لكن ما إن يحل فصل الصيف حتى يستفيق المواطن على الحقيقة المرّة وهي القبض على الريح الذي يحمل له جحافل من الناموس ليكون في مواجهته لوحده.
والمعروف عن هذه «النواميس» أنها تتطلب مناخا مناسبا للتفريخ وهي السباخ وبرك المياه الآسنة والاودية المتعفّنة «لتنتج» لنا آلاف الحشرات الشرسة والسامة كما يعتبر فصل الربيع (مارس وأفريل) مناسبا جدا لرشّ أوكارها بالمبيدات والحد من فعاليتها ورغم تسويق السلطات المسؤولة (بيئة، بلديات، صحّة.. إلخ) لاستعمال هذه المبيدات فإن المشكل لا يزال قائما بل هو مسلسل يتواصل معه اللسع.
وإني أعجب من تنقل السيد وزير الشؤون المحلية والبيئة من منبر الى آخر لتمجيد مفاتن وزارته ومحاسنها وانجازاتها العديدة بينما الحقيقة مخالفة لذلك فكيف نفتخر بشراء حاويات بينما أكوام القمامة «تزين» مدننا وأحياءنا وشوارعنا وأزقتنا ولم يسبق لتونس أن عرفت هذا التدهور البيئي وهذا الكم الهائل من الفضلات وما نجحت البلديات في فك رموز هذه الكارثة البيئية فالكلام سهل لكن الانجاز يمكن أن يكون سهلا لو توفرت الارادة السياسية وقام كل طرف بواجبه (مواطن وبلدية) ويخطئ من يعتقد أن الانتخابات البلدية إن كتب لها أن تقع لو رضيت عنها الاحزاب السياسية ستقضي على أكوام القمامة لأنه وبكل بساطة ادارات النظافة ومصالحها هي قارة وليست منتخبة في كل بلدية ولا تنتظر الانتخابات لتشتغل لكن المصالح الضيقة للاحزاب المتناحرة على السلطة في جميع المستويات أثرت على أداء العمل البلدي وكبلت مفاصله لذا فإنني أدعو السيد الوزير (رياض الموخر) الى القيام بزيارات ميدانية غير مبرمجة للاطلاع عن كثب على الحالة التي أصبحت عليها مدننا وهي حالة كارثية ومخجلة ومازلت أذكر ما قاله سعادة سفير ألمانيا بتونس في صائفة 2016 حول الوضع البيئي السيّء بجزيرة جربة: «نظفوا المدينة فسيأتيكم السياح الالمان» فهل استوعبنا الدرس؟
صحيح ان المواطن هو من يتسبب في تلويث بيئته ومحيطه ولكن البلدية هي من دورها التنظيف والدولة هي الراعية لحق الانسان العيش في بيئة سليمة في ظل غياب الوعي الكافي. فهل من المعقول ولو نظرنا ان أغلبية التونسيين يغتسلون على الاقل خمس مرات في اليوم (وضوء) ونردد باستمرار «النظافة من الايمان والوسخ من الشيطان» لكن نلقي بفضلاتنا في الشوارع لنلوث محيطنا بأنفسنا ثم نصرخ في وجه البلديات حول هذه الفضلات ويبدو أننا قد «طبعنا» مع القمامة وأخواتها ورضينا بالاوساخ والناموس والجرذان.
إن ما يقع في بلادنا على المستوى البيئي من انفلات بيئي وصحّي لمخجل جدا ويتطلب تضافر جهود الجميع لتكون مدننا فضاءات يطيب فيها العيش وتجلب السياح الاجانب ويبقى جهد الدولة في المقدمة فكيف تعجز سبع حكومات في ست سنوات على تنظيف بلدنا وهو أضعف الايمان فما بالك بتحقيق التنمية والقضاء على البطالة وقد علمت اخيرا أنه تم القبض على «الوشواشة» (كنية لأحد أكبر المهربين اللاسعين للاقتصاد التونسي) لكن لم يتم الحد من لسع الوشواشة الحقيقية (نوع من البعوض السام) فيا سيادة الوزير «المؤخر» الوشواشة كلاتنا فلا تتأخر والله لا يضيع أجر المحسنين.

المصدر: الصريح