شاه سقوط “النسور”..وهواة تبييض الفشل

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / سقوط “النسور”..وهواة تبييض الفشل / Video Streaming

خرج المنتخب الوطني لكرة القدم خائبا ومنكسرا كعهدنا به في المشاركات القارية من بوابة الدور ربع النهائي وهو ما فسح المجال منذ أربعة أيام لاقامة حرب شعواء بين مناصري المكتب الجامعي “ظالما أو مظلوما”..وشقّ ثان من المعارضين بغثّهم وسمينهم حسب التاريخ الكروي وكذلك الاسهامات الشخصية في هذه اللعبة.
بين الجانبين كان الشارع الرياضي في تونس بمفرده -كالعادة- جاهزا لدفع الفاتورة في ظلّ تجاذبات مقيتة بين باحث عن الكرسي بأي طريقة كانت.. وجبهة ثانية تدافع عن عرش الجريء ومن يتبعه لغايات معلومة وهي ترصّد أي مركز أو خطّة كانت كاكرامية عن مثل هذه الحملات.
الاشكال في كرة القدم التونسية يبدو أعمق بكثير من مجرّد تلخيص المغادرة المبكرة في أداء أيمن عبد النور المتواضع، فهو ليس مالديني زمانه حتّى يرتبط مسار منتخبنا بجاهزيته من عدمها..كما أن هذا اللاعب غالبا ما ظهر بيننا بوجه مخالف لما نشاهده في اندفاعه وحماسته بملاعب أوروبا، بل ان المشكل كامن في سرعة التخلّص من المسؤولية لدى الأطراف المعنيّة وعدم تحمّلها للواجب الأخلاقي بالاعتراف بالفشل وتقديم أسباب مقنعة عن مثل هذا الحصاد الهزيل، وهذه خطوة مهمة في اتجاه الاصلاح.
في أثناء ذلك سمعنا عديد التسريبات التي تتردّد عن خلافات بين اللاعبين وقلة انضباط وكذلك فرض توصيات على الاطار الفني وغيرها من الأساليب الملتوية للتغطية عن أسباب الفشل وأسماء المقصّرين في حقّ “النجمة والهلال”..فكلّ ما سيسرد على مسامعنا نجزم منذ الأن أنه سيكون مجرّد لغو كلام لن يلامس لبّ الاشكال بل سيحوم حوله قبل أن يتلاشى..
سننتظر عقب خيبة بوركينا فاسو أن يفتح مكتب الجريء أبوابه أمام الراغبين في نفع كرتنا..وكما سنّ عفوا تشريعيا عاما لاعادة المعاقبين الى الملاعب رغم خطورة تجاوزاتهم فاننا ننتظر منه صفحا ومدّ الأيدي في سلام شجعان مع من يبقى بمقدورهم انارة سبيل كرتنا على غرار حاتم الطرابلسي وعبد المجيد الشتالي وشكري الواعر وزبير بيّة وراضي الجعايدي وزياد الجزيري وغيرهم ممن لا يعترفون بالمجاملات ولا تعنيهم مناصب وبروتوكولات في كواليس الادارة الفنية ولجنة المنتخبات وغيرها من التسميات التي تناسلت ولم تخلّف سوى ارهاصات الفشل.
مع جيش من المحلّلين يخطبون حسب الأهواء والصداقات والألوان..وكذلك “محامين” متطوعين لتبييض صورة الفاشلين فلن ننتظر الخير الكثير من عكاظيات تقام صباحا مساء وليلة الأحد للتضخيم من مفعول خطيئة للاعب وتتغافل عمّا هو أخطر من قبل غيره فضعف الأداء رافق أكثر من نصف مجموعة كاسبارجاك، وبذلك يكون الفشل جزاء مرتقبا عن أخطاء جماعية لكافة مكوّنات مشهد كروي في تونس يريد ركوب صهوة الانتصار -وان حصل ذلك نادرا-..غير أنه يتنصّل من خطيئته متى أراد للهزيمة أن تكون لقيطة..
الأن لم تعد كرة القدم مجرّد رهان يزول مفعوله سريعا بانتهاء الاستحقاق..بل انها باتت محرّكا لاقتصادات الدول ومؤشّرا للرفع من أسهمها كما أنّها علم يدرّس وبتنا نجهل قواعده فنيّا وتنظيميا وتحكيميا..غير أننا في تونس لم نتوفّق الا في تسييسها وغيّبنا عنها كل مبادىء الأخلاق وأولها الاعتراف بالهزيمة واقرار المسؤولية فيها والاعتذار عنها..وبهذا فقط سنصلح الخلل والهنات ان توفّرت “الجرأة”، أما عدا ذلك فان الشخصنة والفرار من المحاسبة كيفما اتّفق فلن يزيدنا الا وجيعة وضغائن على جسد مهترىء لكرة عليلة..

طارق العصادي

المصدر: الجمهورية