شاه بمناسبة عيد الحب: الخطاب العاطفي في الأغاني بين الأمس واليوم

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / بمناسبة عيد الحب: الخطاب العاطفي في الأغاني بين الأمس واليوم / Video Streaming

أكيد انّ كلمات الأغاني تعطينا فكرة شاملة عن الخطاب العاطفي عبر العصور وخلال المراحل والفترات الزمنية الماضية فهي ترسم لنا العلاقة بين الرجل والمرأة بصورة دقيقة وتبرز القيم السائدة في زمن ما.
فعندما كان الحبّ مزروعا في تربة الحياء والوفاء والإخلاص كان الوصل تحدّيا للرّقيب نجد فيه اللهفة والمتعة والآهات والسّمر والنّجوى تحت ضوء القمر..
وكما قال سيدي علي الرياحي:
في ضوّ القميرة ونورها.. وعلى البحيرة وشكلها
أنا وحبيبي فوق الزورق.. أنا نغنّي وهي تسمعني
شفنا السعادة كلّها..
وعندما كان للحبّ معنى.. كان للحبّ وجه ونظر وعطر يفوح كمزارع الدّراق يتمطّي بين لوعة الفراق وحلاوة الأشواق.. وكما قال عبد الوهاب في جفنه علّم الغزل:
قل لمن لام في الهوى.. هكذا الحسّ قد أمر
انّ عشقنا فعذرنا.. انّ في وجهنا نظر..
فهل أقول انّ علاقتنا كانت تافهة في غياب وسائل التواصل الاجتماعي التي سيطرت على حياتنا تماما؟ فأيّام زمان كانت رسائل العشق  هي النّافذة الأولى التي نتمنّى فتحها كلّ يوم وكانت ايضا جذوع الأشجار تعوّض مواقع الحسابات على الفايس بوك اليوم، فكم رسمنا قلوبنا والأحرف الأولى من أسمائنا وتواريخ لقاءاتنا عليها ومازلت الى يومنا هذا أزور تلك الشجرة العظيمة بساحة العملة في قلب العاصمة لأتأمّل من خلال ما رسم على جذعها من رسوم تختزل أحلى قصص الحبّ المنسية والشواهد والعبر وكما قال فريد الأطرش:
لأكتب عوراق الشجر.. سافر حبيبي وهجر
يا حبيبي دخلك عود.. بيكفّي غياب وسفر
أما الهواتف القارّة فلم تكن متاحة لكلّ العشّاق ولا تتصوّروا سعادة الواحد منهم وهو يستمع أول مرة الى صوت حبيبته عبر الهاتف او العكس وكما قالت السيدة نعمة اطال الله في عمرها في أغنية التليفون:
 كلّمني وكلّمتو في التالفون.. عاتبني وعاتبتو برقّة وحنون
وهنا أتذكّر أغنية التلفيون للرّائعة شادية حيث تقول
مخاصمني بقالو مدة.. وفي ليلة الشوق رماني
كلمني سمعت حسّو.. وقفلت السكة تاني
بطبيعة الحال نحن لا يمكننا ا نتحدّث اليوم عن قصص ابطالها مثل قيس وليلى ولبنى وعنتر وعبلة وكثير وعزة وروميو وجوليات وماطو وصلامبو لا في طريقة العشق فقط وانّما في محتواه بصفة عامّة كالتضحية والوفاء والإخلاص وكما قالت ميّادة الحناوي:
أكتر ما لحبّ أدّيلك ايه؟.. واكتر من قلبي حتاخذ ايه؟
والأكيد انّ الجواب لا يمكن ان يكون غير الإخلاص. لأنّ المحبّ لا يصل الى درجات العشق والهيام الاّ عندما يقدم الطاعة والاخلاص لمن يحبّ وخيانته حتى بالظنّ مرفوضة بل وغير مطروحة.
والكبير علي الدوعاجي يقول بصوت عمّ الهادي الجويني:
كيف ما يرجع الفلاح للحقل الي عرّقو
وكيف ما يرجع الملاح للبحر اللي غرّقو
وكيف ما يرجع الفرططو للنار اللي تحرقو
نرجعلك حاير ومهنّي
فكري يخونك كيف ما خنتي
لكن قلبي يحبك انت
انت وقلبي أقوى منّي
أمّا الرّائع سحنون مختار رحمه الله فقد صوّر الحب العذريّ بطريقة رومنسية تجعلك تشتهي ان تعيش تلك الحالة ولو مرة واحدة في حياتك ويبرز الاختلاف بين المحبين في عصره والعشّاق الذين جاؤوا من بعده فيقول:
ألف أهلا ايها القيس الذي جنّ بليلى
الذي هام بلبنى .. أيها العبسيّ في أحضان عبلة
ألف أهلا في ربوع الياسمين.. وديار العاشقين
الحبّ عذريّ لدينا
ليس مالا بالدولار
ليس سيّارة فخمة.. أو على القمّة دار
انه انقى من تجاويف البحار
انّه مدّ وجزر على كلّ البحار
انّنا في الحبّ معنى.. بينما أنتم شعار
فهل تعتقدون أيّها الأعزّاء انّ هناك اليوم من يرسل الي حبيبته عبر هاتفه الجوال:
«ليس همّي ان يقول الناس عنّي فارس عصري وزماني، كل همّي ان أعيش بقيّة العمر في عينيك فاختاري مكاني»
أو كما قال احد الشعراء:
«قسّمت الشمس الى نصفين نصف لها ونصف لي..
النور في خديها والنار في كبدي»
اما الشاعر الكبير جعفر ماجد رحمه الله فقد صور قصّة الحب الرائعة بين ماطو الذي كان يمثل العرق البوني وصلامبو التي كانت تمثل العرق اللوبي واستحالة تمازج العرقين ادّى الى فشل قصّة الحب وانتهت بانتحارهما.
ضاع لي عقل وقلب.. في صلامبو يا صلامبو
زرقة في الماء تغري.. باندفاع من يراها
فوقها الأمواج تجري.. ثم تفنى في مداها
ليتني قضّيت عمري.. ضائعا في منتهاها
فوقها كالنور يسري.. دونما ادري اتجاها
جامعا مدّا لجزر.. مازجا نفسي بماها
اما اليوم وبعد ان طاح الحبّ على راسو فلم نعد نعرف من ساسو من راسو فالمطرب الكبير النكرة نزار ايديل طلع علينا بأغنية شاهدها الآلاف ان لم اقل الملايين من متابعي اليوتيوب يقول فيها:
شافوني مسلّم.. ساكت ما نتكلم
قالو المعلم.. طاح على راسو
عاجبك حالي.. نجري وراك كي المجنون
هذا موش حب.. هذا مارطون
حاسبني اشكون؟ شي بوكيمون؟
ألف مليون وحدة بتتمنّاني
اما الأخرى فقد ارسلت لحبيبها بمناسبة عيد الحب مطلع أغنية:
انا بحبّك: يا حمار.. ولعلمك ياحمار
انا بزعل آوي.. لما حدّ يقلك يا حمار
فردّ عليها بارسالية قصيرة علي الفور:
والله لك وحشة.. تعجبني معاك الرشكة
والله نحبك يا جحشة..
كتبت احداهن الى حبيبها بمناسبة عيد الحبّ:
نحبّ على هدية غالية وثمينة.. منين جاتني الدزّة
مللي حبيتك وانا من هزة لهزة
البارح موش عيد الحب.. امس قرة العنزة
انت تحب تولّي عنزة يا كنزة؟
هاتفته هي في صبح اليوم الثاني لعيد الحبّ:
هي: شفت البارح محلاني كي حطيت الحطة
هو: محلى كلامك يا قطة ومحلى كلامك بالنطة
انت طيارة نحبّك ياسر يا سخطة
زعمة أكلك منين يا بطّة؟
هي: نسيت البارح فين بتنا من بعد الحفلة
زعمة في وتيل.. يا زمبيل
والله دّوخني سيقارو الزّطلة
هو: دختي يا عفريتة البارح ما نا بتنا في المحطّة
وفي هذا الموضوع يطول الكلام ولكني اختم بما قالته المطربة الرقيقة نجاح سلام في أغنية من باب الطيارة:
يا ماما عمري ساعة بقربو
حبيبي الأسمر والله بحبّو
اللي يتاجر بالحبّ تاعب والحبّ الأصلي موش تجارة
أمّا الرائعة أحلام مستغانمي فقد حسمت هذه المسألة حين قالت:
قلبي ليس مسمارا في جدار تعلّق عليه لافتات الحبّ وتنزعها حين يحلو لك ومتى تشاء.

لطفي الفهري

المصدر: الجمهورية