شاه هذا ما باح به بائع خضار “نهضاوي” للمنصف بن مراد

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / هذا ما باح به بائع خضار “نهضاوي” للمنصف بن مراد / Video Streaming

كنت مارّا من حي ابن خلدون وعلى مقربة من سكّة الميترو حين شاهدت خضرا ممتازة لدى أحد الباعة فأوقفت سيّارتي للاقتناء منها.. فما راعني الاّ وسعر الطماطم في حدود 1900 مليم والفلفل 3600 والبسباس بدينار.. تجاذبت أطراف الحديث مع البائع فأعلمني أنّه من الموالين للنّهضة وهو يدافع عن أفكار حزبه وخاصّة راشد الغنّوشي الذي اختار المشاركة في السلطة عوض التصادم مع أجزاء من المجتمع.. كان البائع ويسمى «العربي» حريصا على التأكيد انّ تونس لكلّ التونسيين وأنّه بتضافر الجهود (جهود كل أبنائها) يمكن رفع التحدّيات  وتحقيق أكبر الانجازات على كل المستويات مع تحصين بلادنا من كل أذى أو تهديد..
حدّثني «العربي» عن اندثار الاتحاد السوفياتي واشتراك الأحزاب في بناء مجتمع حديث فسألته  عن مستواه العلمي فأجابني بأنّه نجح في «الابتدائي» ثم انقطع عن الدراسة لظروف سياسية.. لقد كان مستواه الاجتماعي والثّقافي يفوق مستوى تفكير بعض الأساتذة وحتى الدكاترة.. ثم انتقد بشدة محسن مرزوق وحزبه لأنّهما يريدان ـ حسب رأيه ـ اقصاء حزب النهضة من الحياة السياسية، وفي حال تجسيد هذا الاقصاء لن تعرف بلادنا أيّ استقرار وستعاني من العنف على غرار ما يجري في مصر.. ولاحظ «العربي» انّ في حزب النهضة تيارا يرفض التصادم والعنف ويدعو الى حكم تشاركي يحمي الحريات «كل انسان حر يشرب والاّ يزطّل».. ولقد طلب مني هذا المواطن نقل ما قاله لي بكلّ أمانة وكم تمنّيت ان يستيقظ  عدد من القياديين النهضويين ومن المناضلين القاعديين من حلمهم بإحكام القبضة على الشعب التونسي حتى باستعمال العنف وأيضا عن تشبّثهم بفرض نظام عقائدي يلفظه أغلب التونسيين لأنّ دولة العقيدة هي دولة فاشية ودولة الظلم ودولة العنف ودولة الجهل ودولة الاتجار بالدّين ودولة الفساد ودولة قمع المرأة والمثقّف ودولة حماية الارهاب! وجدت في بائع الخضر «سي العربي» تونسيا غيورا على بلاده وعلى جذوره، رافضا لكلّ أشكال التعصّب والعنف لكن هناك من حزب النهضة  من هم غير مستعدّين لمراجعة فكرهم المتحجّر، فهم ماضون ـ للأسف ـ في خطابهم الصلب وفي الدّفاع عن مشروع «أسلمة» الشعب..

..وانطلاقا من الخضر في الأسواق والمغازات، لابدّ من تبليغ شواغل المواطنين الذين يتذمّرون من التهاب الأسعار ورئاسة الحكومة ووزارة التجارة ووزارة الفلاحة عاجزة عن تقديم  اي تفسير ولم تقم بأيّة مبادرة فالمراقبة  المناسبتيّة غير كافية ولابدّ من التثبّت ـ بجدية ـ من الأسعار التي يبيع بها الفلاح منتوجه حتى تتدخل اذا كانت هناك تجاوزات أو تلاعب.. اليوم ما هي أسعار الفلفل والطاطم والبطاطا التي يحدّدها منتجها فإذا كان السعر يقارب أسعار بيعها من قبل الفلاح فليس هنالك ايّ اشكال (بما أنّ هذه الخضر تنتج في البيوت المكيفة) وأما اذا كان الفرق شاسعا فعلى رئاسة الحكومة والوزارات المعنية ان تتدخّل وتحدّد هامشا من الرّبح حتى وان كان سعر المنتجات الفلاحيّة حرّا! ثمّ على الوزارات ان تتثبّت ان كان الفلاح هومن يبيع منتوجه ام هناك «قشّارة» أو من «يخضّرون» يشترون المنتوج من الفلاح وببطاقات مهنية «غريبة» (تثبت انّهم فلاحون) يبيعون ما يشترون بأسعار باهظة بما يؤدي إلى التهاب الأسعار.. كما على الوزارات التثبّت من دور الوسطاء الذي يمكن ان يكون سلبيا، كما عليها التثبّت من هويات مزوّدي المساحات الكبرى وبأيّ أسعار يبيعون المنتوجات لهذه المساحات؟ انّ المواطن التونسي «الغلبان» لا يشعر بأنّ الحكومة تحميه من الوسطاء («من يخضّر» هو الذي يشتري المنتوج «شيلة بيلة» من الفلاح وهو مازال في الشجرة أو في باطن الأرض).

وأختم بتعيينات المعتمدين التي تمّت استنادا الى انتماءاتهم الحزبيّة، لا انطلاقا من كفاءة البعض منهم.. لقد رأت أحزاب الترويكا في تونس غنيمة فلهفت وابتزّت واستأثرت، وها انّ الشعب يشاهد اليوم الأحزاب الحاكمة تنتهج السياسة ذاتها ـ أو تكاد ـ فهي تعيّن معتمدين انطلاقا من ميولاتهم الحزبيّة في حين تعجّ بلادنا بإطارات غير متحزّبة يمكن ان تنفع البلديات وبالتالي المجتمع! لقد ذاقت تونس الأمرّين ـ قبل تغيير النظام ـ من عدد من المعتمدين التابعين للحزب الحاكم وها نحن اليوم نشاهد المناصب (معتمدون، ولاة، وزراء، سفراء، رؤساء، مديرون عامون) تسند على أساس المحاصصة الحزبيّة البعيدة كل البعد عن خدمة تونس وشعبها علما انّ بعض المعتمدين عيّنوا على اعتبار ولائهم لشخصيات سياسيّة تمهيدا للانتخابات البلدية!
مسكينة تونس.. فكم خذلتها  الأحزاب ونهبتها!

المصدر: الجمهورية