شاه هذا ما جاء في رد الفاضل الجعايبي على الجدل الذي رافق تغيير عنوان مسرحية “ألهاكم التكاثر”

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / هذا ما جاء في رد الفاضل الجعايبي على الجدل الذي رافق تغيير عنوان مسرحية “ألهاكم التكاثر” / Video Streaming

توجه المدير العام للمسرح الوطني التونسي فاضل الجعايبي برد على ما أسماه “الحملة المبرمجة والمتزامنة من طرف القوى التكفيرية من جهة وبعض المثقفين والفنانين “الأحرار” من جهة أخرى” اثر عرض مسرحية “ألهاكم التكاثر” لمخرجها نجيب خلف الله.

وهذا النص الكامل لرد المدير العام  للمسرح الوطني الذي قال “إن قرار حجب عنوان مسرحية “ألهاكم التكاثر” قرار خطير، فلماذا أخذتُه”:

“يوم 16 فيفري 2017 توصّلت مؤسّسة المسرح الوطني بمحضر تنبيه من “المجلس النّقابي الوطنيّ للأئمة وإطارات المساجد” المنضوي تحت المنظمة التونسيّة للشغل في شخص ممثلها، ينبّه علينا بضرورة رفع المعلّقة الإشهاريّة للعمل الكوريغرافي “ألهاكم التكاثر” بإعتبار أنّ العنوان فيه مساس بالمقدّسات الدينية وأنّ قدسيّة القرآن خطّ أحمر…

إتّصلتُ بسلطة الإشراف عن طريق وزير الشؤون الثقافة وأعلمته بالتنبيه ثمّ تبادلت معه الرأي في هذه الظروف الصعبة.

 ثمّ إتّصلت بنجيب خلف الله كاتب العمل الكوريغرافي ومخرجهُ وأخبرته ثمّ طلبت منه موقفه، فاختار حجب العنوان (ولا تغييره) فإحترمت قراره رغم أنّني ومن معي لم نكن مقتنعين بهذا القرار لإبتعاده عن إقتناعاتنا في التصدّي لكلّ ما يهدّدُ الحرّيات عموما والفنّية منها خصوصا.

صباح الجمعة 17 فيفري لولا تدخّل الأمن الّذي أخبرنا بإحتمال تعرّض قاعة الفنّ الرابع للإحتجاج وربّما للهجوم عليها إثر صلاة الجمعة لكانت الكارثة.

صحيح أنّ قرار حجب العنوان قرار خطير.

فلماذا أخذتُه ؟

في أوج حمّى الأزمة ليس من السّهل التفاوض مع المسألة الدينيّة في مثل هذه الظروف، القرارات المبدئيّة المتعلّقة بالرّقابة  السّياسية والأخلاقيّة أيسر بكثير من القرارات المتعلّقة بالدّين وبالتأويلات والتحرّيات والإختلافات والقراءات فيه (وهي تستدعي اليوم أكثر من ذي قبل تحاورا وطنيّا فيها لقطع الطريق للمتطرفين المُصرّين على المواجهة العنيفة، أعداء الحرّيات والمسيّسين للدّين).

المسألة الدينيّة معقّدة ورهاناتها كبيرة لا تُوَاجهُ بالتعنُّت والإصطدام بل بالتريّث والتحريّ والتشاور والتبصّر والتعقّل رغم أنّها لا تستهدف جوهر موضوع المسرحيّة ولا تمسّ بكلمة واحدة أو حركة واحدة من العمل.

 لم يأمرني أحد بأيّ قرار.

أنا لا أؤمر.

أخذت قراري بمحضِ ضميري وتجربتي وضمير وتجربة من معي إلى أن يبتّ القضاء في القضيّة الإستعجاليّة الّتي رفعناها في هذه المسألة.

في الإنتظار ماذا كانت ردود فعل من يشاكسني شخصيّا من المزمجرين الغاضبين لو كنت رفضت حجب العنوان لٌإتُهٍمتُ بتصفية مشاكلي الشخصيّة مع الدّين والمسيّسين له على حساب الفنّان.

وماذا كانت ردود فعل هؤلاء الغاضبين المزمجرين المدافعين أكثر منّا(وهذا معروف) على الحرّيات لو حَذفتُ العنوان بمفردي إعتباطا بعد ثلاثة أسابيع إستشهار وبعد أسبوع من عروضه الأولى دون إستشارة صاحب العمل لأتُهمتُ بتسليط الرقابة على فنّان و لكان السخط والشّتم أقوى وأعنف.

في الواقع إعتقادي أنّ هناك محاولة شرسة مبرمجة لإحباط مشروع فنّي حيّ تقدّمي متقدّم وحداثي يبني لمستقبل تونس ينافس أو يهدّد مشروعا رجعيّا إذ لم نقل ظلاميّا يختفي وراء الدين والمقدّسات ويسعى إلى غلق أجنحته على المشروع التربوّي والعلميّ والثقافيّ كلّه في بلادنا ويُرجعها إلى العصر الحجريّ.

وهناك في نفس الوقت من المثقّفين والفنّانين “الأحرار” من يريدون إحباط هذا المشروع وكأنّ أصحابه لم يؤسّسوا ولم يطوّروا خطابات وجماليات تقدّمت وإرتقت بالفنّ الرابع عبر العقود وكأنّهم أضحوا “مجرميّ حرب” يجب التخلّص منهم وإبادتهم بكلّ الوسائل وما أسهل الإنتقاد وإعطاء الدروس !

الّذين يريدون التّعللّ بالدّين والأخلاق لعرض ثقافة رجعيّة متخلّفة  هم لا يمثّلون إلا أقلّ بكثير من نصف الشعب التونسي.

وهناك أقلّية من الأغلبيّة الشابّة والكهلة التقدّمية الحداثية مصرّون بالتشكيك في المسرح الوطني وإنجازاته تكوينا وتشغيلا و إبداعا وتوزيعا وإصلاحا إشعاعا.

فنحن أمام كلّ هؤلاء ماضون بمشروعنا مؤمنون به بلا تردّد ولا ريب.

أين كانوا هؤلاء بعد هجمة بعض النوّاب السلفييّن الكويتييّن ؟

أين كانت الهياكل النّقابيّة والإتحادات والجمعيات ؟

أين كانوا لمّا أُقصِيتْ من نقابة الفنّانين الأردنييّن وهدّدت صديقتنا وإبنتنا وضَيفتنا وتلميذة مدرسة الممثل “أسماء مصطفى” الأردنيّة لإستعمالها في موقعها الإجتماعي جملة “ألهاكم التكاثر حتّى زرتم المسارح”؟

أين كانوا لمّا كتب صحفي تونسيّ “من يستفزّ… الفاضل الجعايبي ؟” مندّدا وربّما محرّضا ؟

أين كانوا لمّا خَطبَ إمام في جامع صفاقس مطالبا تحرّك المواطنين المسلمين لعقاب الكافرين في المسرح الوطني ؟

ليست هذه أوّل مرّة تُشَنّ فيها حملة ضدّ  الفاضل الجعايبي ومن معه وأتمنّى أن لا تكون الأخيرة، لأنّ المواجهة تحمّسنا وتدفعنا إلى ماهو أسمى وأكبر وهذا لا يثنينا عنه أحد.

إستعدادنا يبقى تامّا للتصديّ بكل الوسائل المتاحة لكل أشكال الترهيب والتسلّط والمساس بالمكتسبات وندعو جميع الأطراف المتداخلة من منظّمات ومجتمع مدنيّ،  نقابات، فنّانيّن والرّابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان للوقوف معنا في وجه الحملة الّتي ترمي إلى ما هو أعمق وأخطر من عنوان مسرحيّة وأهمّ من مؤسّسة عموميّة تُعنى بالنّهوض بالمسرح  في بلادنا لتفرض هيمنة هذا أو ذاك وِصَاية على المشهد الثقافي بل كلّ الحرّيات المقتلعة عموما، ويكفي أن أذكّر هنا بما ورد في مداخلة  الإمام الجوّادي عبر إذاعة “موزاييك” بإقتراح إحداث لجنة تظمّ مجموعة من الفنّانين تنظر في أفكارنا وإبداعاتنا”…

 

                                                                        الفاضل  الجعايبي

بإسم المسرح الوطني التونسي

فينكم يا أصحابي ؟

آش صادكم يا ناسي ؟

آش بيه حسّكم قلّ  ؟

آش بيه ذراعكم كلّ ؟

آش بيه راسكم  ذلّ ؟

آش بيه شرابكم يا حبابي…

آش بيه شرابكم خلّ ؟

                                        لآم          

                              المسرح الجديد 1982 

المصدر: الجمهورية