شاه الــقلـم الــحـر: إلى الجنرال الحبيب عمار: من يصنعون التاريخ ليسوا هم من يكتبونه

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / الــقلـم الــحـر: إلى الجنرال الحبيب عمار: من يصنعون التاريخ ليسوا هم من يكتبونه / Video Streaming

بقلم: الأستاذ عفيف البوني

بانتظار أن أقرأ كتابك، وقد اعتبرته شهادة للتاريخ،هذه تعليقاتي كباحث في تاريخ اﻻفكار  على ما سمعته منك في اﻻذاعة وما قرأته في بعض الجرائد، مع احترامي لشخصك ولتاريخك المهني ولجيشنا الوطني.
أيها الجنرال، نعم أنت واحد من قلة ممن صنعوا لنا في تونس تاريخا بين 1987و2014، حين حصل فراغ أغرى الطامعين المتربصين بملئه ممن ذكرت،فأسرع العسكريون من جيش ﻻ يتعاطى السياسة في انقلاب أسمي بالتغيير لمجرد توليهم الحكم بلباس مدني
 واستبشرت الغالبية الساحقة بكم وأنا منهم ولم يتفطن الجميع حينها إلى ما كان مخفيا: عدم تسليم الحكم للسياسيين، وهكذا أقيم حكم عسكري بلباس مدني، وتحققت إنجازات كثيرة فعلا بعد وقف اﻹنهيارثم كان الفساد.. وكنت أنت مسؤوﻻ أو مقاﻻ أو موقوفا شاهدا صامتا بعد أن ثرت على فساد سابق، فكان ما اصطلح عليه بالتغيير، وكانت الحيلولة دون مغامرة إخوانية مدبرة ووشيكة ، تمكنتم من الحيلولة دون وقوعها ولم يقع إلتدليل عليها وﻻ محاسبة من كان يخطط لها كمؤامرة، مثلما لم يصدق التونسيون تكرار إنكارهم للمحاولة اﻹنقلابية،وهكذا ألغى العهد الموصوف حينها بالجديد موضوع الديمقراطية والحريات وتغول الحاكم واستبد بالشعب وعامله معاملة الجنود في الثكنة لهم واجبات بدون حقوق وهكذا تحول حسن الظن بالتغيير والوعود من قبل غالبية التونسيين ظهر على أنه غباء من طرفهم، وخديعة من طرف الحكام الجدد،حين ظن الجميع أن اﻹنقلاب العسكري من داخل القصر وباستعمال القوة وإن لم تقع إراقة الدماء، ومن دون المشاركة الشعبية، (تغييرا) وهذه ملاحظاتي أرجو قبولها بصدر رحب:
1.كتابة المذكرات للأبناء واﻷحفاد تبقى مخصوصة ويمكن أن يكتب فيها كاتبها، العام والخصوصي، وللآخرين أي للتاريخ، تكون الكتابة شهادة موضوعية بعيدا عن الشخصنة وتحترم هيبة الدولة وتقرن ذكر اﻷحداث بالوثائق أو اﻷدلة المقنعة وﻻ تمس من سمعة رجال الدولة خصوصا إن كانوا ﻻ يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ﻷسباب قاهرة أو بفعل الموت أعني عدم تصفية الحسابات الشخصية وعدم نشر الغسيل الوسخ واحترام الكرامات يبدأ من عدم التعرض لخصوصيات الآخرين. أي ﻻ يقدم الكاتب من شهاداته اﻻ ما هو في مصلحة الدولة والشعب، من اسرار ﻻيعرفها وهي في صالحه أو كانت ستلحق الضرر به، بعيدا عن الحياة الخاصة للناس ، مواطنين كانوا أو مسؤولين…
2. أول وأكبر شرط للموضوعية هو النقد الذاتي للأخطاء التي حصلت، واﻷنبياء وحدهم قيل أنهم معصومون من اﻷخطاء وأنت وبن علي: هل لم تخطئا؟ وهل قاومت كجندي وكجنرال وكسياسي وكوطني، ما حصل من انحراف وفساد واستبداد؟
3.لقد قمت أنت بالدور الحاسم في حدث السابع من نوفمبر ومع ذلك سلمت اﻻمر لغيرك، وحين وقع اﻻنحراف والفساد، ماذا فعلت أنت وفي رصيدك ما به تنفع البلاد بكلمة حق؟لقد سلمته السلطة التي افتككتها أنت و مارست الصمت عما فعله رفيقك بن علي ببورقيبة لتقع معاملته بشكل مهين في عمر الشيخوخة، وبورقيبة نفعك ونفع تونس وكان في عمر ﻻ يصلح أن يبقى حاكما وﻻ يجب تركه لعبة بين حاشية فاسدة وما كان يجب أن يسجن كما فعل به بن علي وكما صمت عن ذلك كل  قيادات الدولة والحزب الحاكم .
4.ما مدى صحة ما نسب لبورقيبة وهو شيخ خرف تتحكم فيه وتسجنه حاشية بشأن شنق الغنوشي؟ وهل يعتد بما يقوله شيخ في أرذل العمر وهو أسير حاشية جاهلة؟ هي رواية، صحت أو لم تصح، أضرت ببورقيبة وتونس والتونسيين وربح منها الغنوشي وحده.
5.موضوع اﻹنتحار، وموضوع تسميم بورقيبة وموضوع الهروب.. مواضيع مزعجة إن خطرت ببال العوام من الناس، أما  إن حصلت فعلا في مستوى البحث والتخطيط الفعلي عند من تأهلوا لعمل كبير كتغيير نظام الحكم، تصبح هذه المواضيع على غاية من الخطورة  جنائيا ووطنيا وتاريخيا.
6.لقد أكدتم  أن حزب اﻻتجاه اﻻسلامي كان يعد ﻻنقلاب عسكري وقتل وبورقيبة، وأن ذلك الحزب مسؤول عن تفجيرات سوسة والمنستير.. أنتم تؤكدون، وهم سبق أن نفوا.. ﻻأنتم وﻻ هم ، قدمتم أو قدموا أدلة.. من نصدق؟
7.ما أعلمه من خلال الدراسات اﻹستراتيجية في العالم الراهن، تونس ليست جزيرة معزولة، والعالم قرية واحدة، فمن قام ومن ساعد على السماح بعملية اﻹنقلاب العسكري وعلى إنجازها في ثوب مدني من القوى غير التونسية؟ ﻻ أتخيل وﻻ أصدق، أن بحدث ما حدث صدفة ودون علم أو مساعدة أو تشجيع من قوى أخرى، عبر زين العابدين بن علي أو من خلال من كنتما على صلة بهم.
8.أساتذة العلوم السياسية في تونس والمعارضون للنظام في عهدي بورقيبة وبن علي بما في ذلك اﻹعلاميون، يقولون بوجود حزب حاكم في تونس، وشخصيا أعتقدت وأعتقد غير هذا، إن الحزب الموصوف سابقا أنه كان حاكما وفاعلا، كان قد انتهى منذ أوائل الستينات حين حوله بورقيبة ثم بن علي، الى جهاز إداري من الموظفين أغلبهم من المصلحيين يعينون اﻹدارة السياسية والبيروقراطية للإدارة واﻷمن حتى بدبّروا مصالهم الخاصة، بورقيبة حكم بالحزب لبضع سنوات، وحكم هو وبن علي باﻷمن، والحزب الحاكم كان ستارا للتغطية، مع احترامي الكبير للدستوريين الشرفاء وهم كثيرون وقع تحويل أدوارهم الى كمبارس .
9.الشهادة الطبية حول عجز بورقيبة في المضمون لها شرعيتها وكان يجب أن تحدث قبل ذلك وبصيغة قانونية ﻻ بإلزام عسكريين مسلحين للأطباء في جنح الظلام والسرية المطلقة.
10.ما عانيته أنت يؤلمني كإنسان وأتعاطف معك، أنا مازلت أعاني وغيري بعشرات اﻵﻻف عانوا أكثر بأضعاف منك ومني.

المصدر: الجمهورية