شاه القلم الحر: رؤساء أمريكا الجدد والقدماء بين الحياد واﻹنحراف في الموقف الرسمي من اﻷديان

القائمة الرئيسية

الصفحات

شاهد الفيديو / القلم الحر: رؤساء أمريكا الجدد والقدماء بين الحياد واﻹنحراف في الموقف الرسمي من اﻷديان / Video Streaming

بقلم الأستاذ عفيف البوني

بني الدستور اﻻمريكي على العلمنة وحياد الدولة تجاه اﻻديان وإن وُجدت في عملة الدوﻻر عبارة in God we trust ويحدث منذ عهد ريغان ثم بوش وأوباما أن يجاهر هؤﻻء بإيمانهم الديني واستمر هذا اﻷمر مع دوﻻند ترامب  حيث صار حفل التنصيب للرئيس يبدأ بخطب وأدعية دينية مسيحية وموساوية مع غياب وتجاهل الديانات اﻻخرى كاﻹسلام، وتداخل رفض  ترامب للإرهاب الذي يقوم به مسلمون بخلط اﻻسلام باﻻرهاب، وهذا الخلط من طرف المحافظين الجدد يعكس جهلهم باﻻسلام كجهل اﻻسلاميين وخاصة اﻻرهابيين باﻻسلام حين جعلوا اﻻسلام السياسي في خدمة بعض القوى الكبرى عبر تسييس الدين او لتبرير اﻻرهاب.
مؤسسو الدستور من الرؤساء حرصوا على الفصل بين الدولة والكنائس مثل توماس جيفرسون وجيمس ماديسون. لم ترد اشارة لله في الدستور وﻻ وجود لكنيسة للدولة وقضاة المحكمة العليا يحمون حياد الدولة تجاه اﻻديان. كان الرئيس جيفرسون يقول يجب ان يبقى اﻻيمان بالدين بين المؤمن وربه وليس لأي أمريكي أي واجب لأي أمريكي آخر بسبب إيمانه الديني. السلطة في الدولة ومن طرف ااحكومة ترتكز على اﻷمال وليس حول اﻵراء الدينية أو غيرها وليس للمشرعين أصدار قانون لصالح أو ضد أي دين، ويجب بناء حائط كبير بين الدولة والكنائس.
كان توماس جيفرسون متنورا بأفكار التنوير العظيمة وبفلسفة جون لوك في التسامح والتعايش وحياد الدولة تجاه المعتقدات فهي عنده، غير مؤهلة للتدخل في عالم الملائكة والجن والشياطين أي عالم الماورائيات، بل عمل الدولة فقط في مجال الآمال والقانون لضمان الحريات والتعايش في أمن، والقانون  المبني على الدين ﻻ ينبغي أن يكون في أمريكا ففيها يوجد فقط القانون العام الوضعي، وقد كتب رسالة لمواطني أمريكا من كل الديانات  دعا فيها لمنع الضرائب باسم الدين وعدم تمويل التعليم الديني وأكد على حرية الضمير للجميع ومن بين ما قاله في هذا المجال بفرجينيا عام 1786 إن اﻹنسانﻻ يعتدي على إنسان آخر إن هو اعتقد في وجود إله واحد أو في وجود عشرين إلها، هذا القول أو اﻹعتقاد إن سمعه انسان آخر، فذلك ﻻ يفرغ جيبه من المال  الموجود به، وﻻ يسبب كسر رجله.
لقد بات معلوما أن اﻹرهاب الدولي وفي منطقتنا قد كان صناعة وبضاعة مزدوجة بين قوى كبرى وإقليمية، وبين بعض فصائل ورموز اﻹسلام السياسي، وبسبب ذلك يتعرض المسلمون المهاجرون لخطر التمييز والترحيل كما يتعرض اﻻبرياء في العالم لجرائم اﻹرهاب وهذا الحال جاء بسياسيين غربيين محافظين يبنون شعبيتهم على الكراهية ضد اﻵخر الفلسطيني والعربي والمسلم، وﻻ ينتظر من هؤﻻء السياسيين المحافظين والمتدينين حقا أو ظاهرا إﻻ استغلال خلط اﻻسلام باﻻرهاب، ليس فقط باتجاه محاربة اﻻرهابيين بل باسم هذا الشعار إنجاز المزيد من الهيمنة والنهب ومنع فرص التنمية والديمقراطية في منطقتنا، فمتى يستيقظ من هم أشقاؤنا في أوطاننا ليتوقفوا عن تسييسهم للإسلام وجعله سلاحا ضحاياه المسلمون، وليعلموا أن كل علوم وأدبيات الديمقراطية والتنمية في عالم اليوم، تخلو بالكامل من كل صلة بكل اﻷديان .

المصدر: الجمهورية