عربة السواقط
قبل الاستقلال خصصت السلطات الفرنسية عربة من عربات القطار الرابط بين تونس ـ حلق الوادي ـ المرسي ـ TGM لفائدة كل من يعاني من سقوط بدني دائم من بين العسكريين التونسيين الذين شاركوا في الحروب التي خاضتها فرنسا داخل وخارج افريقيا ويركبون فيها مجانا بعد الاستظهار ببطاقة الإعاقة وقد كتب جماعة الشيمينو على العربة وكراسها «للسواقط فقط»
وأنا لم أجد تفسيرا لهذه التسمية لأنه كان بالإمكان مثلا تعويض كلمة السواقط بالمعوقين ولكن أكيد، انها اشارة دقيقة لكن ركيكة للسقوط البدني. وصادف ان اكتظت جميع عربات القطار في احدى المناسبات ولم يتبق من الكراسي الشاغرة الاّ في عربة السواقط فتسلل اليها احد الركاب الأسوياء وجلس فيها مطمئن البال وقبل انطلاق القطار فاجأه المراقب طالبا منه الاستظهار ببطاقة الإعاقة فأعلمه أنّه لا يملك تلك الوثيقة فطلب منه النزول من القطار فورا قائلا له بصوت عال: ألا تعرف القراءة؟.. انّ العربة للسواقط فقط». فأجابه صديقنا: «والله أنا اسقط واحد في البلاد الاّ انني لا أحمل وثيقة فقط» فابتسم المراقب وغضّ عنه الطرف وتركه.
واستئناسا بهذه الحكاية الطريفة أقول لكم اعزائي:
كم يلزمنا اليوم من عربة في قطار هذه المرحلة تكون مخصصة للسواقط فقط؟
اما بالنسبة لي فلن اركب في عربة السواقط حتى ولو فاتني قطار العمر.
الزيتون والسّجون
في المعصرة تتكدس أكوام واكياس الزيتون
وفي المحكمة تتكدس ملفات القضايا والطعون
في أرجاء المعصرة تفوح رائحة الزيتون
وفي المحكمة تفوح رائحة السّجون
في المعصرة نور الزيت يسعى ويبهر العيون
وفي السجن جرذان تجوب العنابر وتهدد بالطاعون
من باب المعصرة يخرج الزيت في موكب مهيب مبجلا مصون
ومن باب السجن تخرج جثة سجين مات تحت التعذيب
انّا لله وانا اليه راجعون
الجنة والوطن
بقطع النظر عما كتبه الشعراء منذ ان بدأ الشعر في حبّ الوطن فانّني لم أجد في ما قرأت بيتا ابلغ مما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي
وطني لو شغلت بالخلد عنه
نازعتني اليه في الخلد نفسي
وتبسيطا لمعنى هذا البيت الرائع فانّ شوقي أراد ان يقول حتى لو انّ الله أدخلني الجنة ذات يوم فأكيد انني سأمكث فيها قليلا ثم اطلب من الله ان يعيدني الى وطني وبالتالي يصبح الوطن امتدادا للجنة اذا فلنسع جميعا الى ان تكون تونس قطعة من الجنة علي ان نعي جيدا ان الجنة عند الله اعدت للمتقين فقط وحرّمت على المجرمين والمنافقين والحاقدين والحاسدين.
المصدر: الجمهورية